;
فيصل الصفواني
فيصل الصفواني

ثورة الشعب وأزمة النظام 1989

2011-11-26 16:21:31


 توقيع صالح ومعارضيه على المبادرة الخليجية في الرياض،جاء في سياق تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2014)، وهذا ما يجهله الكثيرون.
وأثناء التوقيع أكد صالح ومعه وسائل إعلام مختلفة أن ما يحدث في اليمن هو أزمة وان التوقيع انهي الأزمة، ولتوضيح اللبس بين الأزمة والثورة نعيد التذكير بان الشعب اليمني يعيش ثورة ضد النظام الحاكم منذ الحادي عشر من فبراير، فيما فرقاء النظام ورموزه وعلى رأسهم صالح وأولاده يعيشون أزمة حادة خانقة، وأزمة النظام لا تعني الشعب ولا تلغي ثورته،والثوار ليسوا طرفاً في الأزمة السياسية وليسوا معنيين بنتائج أي حوارات أو تسويات أو اتفاقيات بين الأطراف السياسية إلا ما يتفق منها مع أهداف ثورتهم.
وبالنضر للمبادرة بموضوعية سنجد أنها لا تتعارض كثيراً مع أهداف الثورة في بعض بنودها الرئيسية، خصوصاً وإنها نصت على تنحي الرئيس ونقل صلاحياته إلى نائبه، ومن أهداف الثورة إسقاط سلطة صالح وأبنائه والعودة بالسلطة إلى الشعب اليمني مالكها الحقيقي ومن أهداف الثورة إعادة هيكلة الجيش، هيكلة وطنية تساعد على استقرارا ليمن مستقبلا وتجنبه نشوب أي مواجهات عسكرية قد تبعثها الخلافات السياسية مستقبلاً.
وكلما جاء في المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن الدولي متوافقاً مع أهداف الثورة سيقبل به الثوار وما يتناقض مع أهدافها فسيجد رفضاً شعبياً مطلقاً، فالثورة على سبيل المثال لا تشرعن لتقاسم السلطة بين أطراف العمل السياسي، لكنها تؤسس لشراكة سياسية حقيقية، وهناك فرق كبير بين الشراكة والتقاسم، فالأخير يقوم على أساس الصراعات وينتهي بالتسويات. 
من جانب آخر الثورة تطالب بمحاكمة القتلة والمجرمين وكل من شارك في جريمة قتل أو اعتداء على احد المعتصمين،ومشروعية الطلب هنا يتفق إلى حد كبير مع قوانين الشرعية الدولية، إذ لا يمكن لأي ثورة أن تهدر دماء شهدائها وتمنح قاتليهم صكوك البراءة مقابل صفقة تسوية.
فالثورة غير معنية بالتوافقات والمرضات، وستبقى الثورة مشروع مفتوح ومستمر في شوارع المدن وساحات الاعتصامات وفي أذهان اليمنيين وضمائرهم النقية حتى تتحقق كل أهداف الشعب اليمني في الحياة الكريمة والرفاة المعيشي.
وإذا كان انشغال شباب الثورة بإشهار هوية ثورتهم الإنسانية وتسويقها في كل أرجاء العالم من خلال إعتصاماتهم السلمية وصمودهم الأسطوري على مدى تسعة أشهر، قدمكن الأحزاب السياسية من تصدر المشهد السياسي والدخول في عملية شد وجذب مع الحزب الحاكم ورئيس الدولة حتى تشكل انطباع سطحي لدى بعض المهتمين خارج اليمن بأن ما يجري في اليمن هو مجرد أزمة سياسية.
فان مواقف الشباب ثابتة ومصداقية ثورتهم متحققة وثقتهم بجدية مساعيهم للتغير عالية جداً وراسخة في قناعات اليمنيين ووعيهم الجمعي،وولولا وجود ثورة لما وجدت المبادرة، فالأزمة السياسية في نظام الحكم كانت موجودة منذ سنوات ولم يصل أطرافها إلى أدنى ما وصلوا ليه بفضل تصعيد الشباب.
فيما يخص المبادرة وموقف الشباب نتذكر جميعاً أنهم أعلنوا رفضهم المبادرة حال إعلانها قبل التوقيع عليها بأشهر وموقفهم الراهن منها ليس جديداً.
وبالتالي فان التوقيع على المبادرة لا يعني الشباب إلا فيما يلبي طموحاتهم.
فالثورة لا يمكن أن تعود باليمن إلى مربع الأزمات والتقاسم الفيدي للسلطة الذي يبدأ بالصراع وينتهي بالتسويات،والثورة مشروع انتقال حقيقي باليمن من مرحلة الضيق والحرج إلى مرحلة أوسع أفقاً وأرحب فضاءً وليست مجرد انتقال بالسلطة من شخص إلى آخر ومن حزب إلى أحزاب أخرى.
منذ الوهلة الأولى للاحتجاجات الشعبية مطلع فبراير الماضي وصالح ونظامه يحاولون إفراغ الثورة من محتواها وتصوير الثورة بانها مجرد أزمة وأحياناً يحاولون تصويرها بأنها مجرد صراع بين أشخاص وحاولوا في نهاية المطاف اختزال المشهد في صراع بين قيادة الحرس الجمهوري وقيادة الجيش المؤيد للثورة، لكن كل محاولاتهم بات بالفشل رغم جهودهم المضنية، بل أنهم اثبتوا في كل محاولاتهم أنهم يعيشون أزمة حادة وخانقة فعلا.
ربما التوقيع الرئاسي على المبادرة ينهي الأزمة السياسية حول السلطة، لكنه لا يحقق أهداف الثورة كاملة ولا ينوب عنها، حتى وهو ينهي الأزمة، لكنه لا يقضي على بوادر الصراع ولا يقطع أسباب الأزمة من جذورها.
في المبادرة ما هو ايجابي وما هو سلبي والتوقيع عليها أمر ايجابي بكل تأكيد وتنفيذ ما هو مشروع فيها قانوناً ودستورياً سيسهم إلى حد كبير في تحقيق بقية أهداف الثورة بمشاركة الشباب واحترام أرائهم وإفساح المجال لمشاركتهم بفاعلية.
بقي لنا أن نذكر هنا أن التوقيع يضع أحزاب المشترك في موقف حرج جداً فهم مخيرون أما أن يديروا ظهورهم لشباب الثورة ويذهبون إلى شغل مقاعدهم الحكومية، وأما أن يواصلوا موقفهم التاريخي الداعم للشباب وعلى رأس أولوياتهم الاقتصاص من قتلة المعتصمين والمتظاهرين واستعادة ثروات اليمن المنهوبة في أرصدة شخصية لدى بنوك خارجية،وعلى أحزاب المشترك أن تدرك جيدا أن أي تسوية تمنح القتلة والمجرمين ضمانات أو مواقع قيادية عسكرية كانت أو مدنية، فان هذا لا يعني سوى تواطأ غير معلن مع مرتكبي الجرائم في حق الشعب، وهذا ما نستبعده تماماً من أحزاب المشترك ومواقف قياداتها.   
Alsfwany29@yahoo.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد الجماعي

2024-05-06 23:20:44

"فسيلة" الزنداني؟

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد