إذا كانت انتفاضة تونس وثورتها المباركة أول الغيث لربيع عربي ثائر، فإن إجبار صالح على توقيع تنحيه هو أول غيث ثورة اليمن المباركة وثوارها الأبطال الذين يستحقون كل الشكر والتقدير والاحترام، والحق أنني وكثيرون كنا قد قبضنا على قلوبنا ونحن نلمح تلك الهجمة الشرسة الممنهجة على قيادة قوى الثورة الممثلة في المجلس الوطني وهي المشترك والقوى المنضمة للثورة. هذه الحملة التي لبست عباءة الشباب وتباكت على ثورتهم التي سرقت من قبل البعض غير أن ظهور الرئيس(علي صالح) وخطابه أمام قيادات حزبه فتح لي كثيراً من الأمل وأيقنت كم كانت قيادة قوى الثورة(السياسية) حكيمة وموفقة وذات نظر ثاقب.
ظهر(صالح) في خطابه مهزوماً وإن ادعى غير ذلك.. حاول أن يبدو متماسكاً أمام قيادة حزبه ليتماسكوا ويتماسك البنيان الذي بناه غير أن نبرات لسانه وتعابير وجهه كانا يفيدان غير ذلك.. قال(صالح) إنه لا منتصر ولا مهزوم وإن المنتصر هو الشعب اليمني وإن الذي يقول إنه منتصر(مريض نفسيا) وهو كلام في منتهى الدقة والصحة، فبتوقيع(صالح) انتصر مشروع الشعب اليمني وهزم المشروع العائلي الذي جسده ومشروع التوريث الذي كاد(صالح) أن يذهب بالبلد إلى الهاوية من أجل تحقيقه، وكذلك سقط مشروع الصوملة والحرب الأهلية التي توعد(صالح) بها اليمنيين إن هم أطاحوا بحكمه.
(صالح) أطلق قرارا بالعفو، بينما تساءل الكل في الشارع"من الذي يستحق العفو؟!" و"من هو الذي في موقع طلب العفو؟!" كانت إجابات الجميع داخلياً وخارجياً أن صالح هو الذي يطلب العفو من الشعب.. لقد تعود(صالح) أن يهنئه الشعب اليمني في الأعياد والمناسبات، بينما لا يرد على أحد وهو اليوم يهنئ القوات المسلحة بعيد الجلاء.. ألا ترون أنه قد تغير المشهد بعد توقيع المبادرة ولصالح الشعب؟!.
شعور(صالح) بأنه لم يعد حاكماً ثقل قلب من يقول بعدم جواز الخروج على الحكام فاعتبرهم وبحسب منهجيته وأسلوبه في التعامل مع حلفائه(كرتا محروقا)، فهو يحاول التخلص منهم.. إدراك(صالح) أنه يفقد ما تبقى له من سلطة يوماً وراء يوم سيجعله عدوانيا وبما عرف عنه من حيل سيحاول أن يلجئ قوى الثورة لمواجهته وسيحاول إظهار أنهم من قام بنقض الاتفاق ليتنصل من المأزق الذي وضعته فيه الثورة والقوى المنضمة إليها وهو ما يجب أن نفوته عليه.. لقد وقع(صالح) في الشرك وعلينا أن لا نخرجه منه، كما علينا الصمود في الميادين والساحات ومواصلة التصعيد الثوري السلمي حتى تحقيق بقية الأهداف وإسقاط بقايا المنظومة الفاسدة وجر المتورطين في قتل الناس وسرقة أموالهم إلى المحاكم لينالوا جزءاهم العادل ومن ضمنهم(صالح).
نصيحة ودعوة
النصيحة نوجهها إلى الحوثيين أن يفكروا بطريقة صحيحة وألا ينفذوا بحماقة أجندة تسعى لإشعال حرب طائفية.. نعرف ويعرفون أن(دماج) وطلابها لم يشكلوا خطراً عليهم في السابق ولن يشكلوه عليهم في المستقبل، ويجب أن يفكوا الحصار عنهم ويكفوا عن قتلهم، نريد تطمينا بالأفعال لا بالأقوال وربما يكسبون المعركة ضد السلفيين في الحرب، لكنهم سيخسرون الشعب اليمني.. هذا إن كانوا يفكرون في مستقبلهم وفي مستقبل التعايش الاجتماعي في اليمن وإن ركبوا رؤوسهم فسيكونوا هم الخاسرون.
الدعوة لكل عقلاء اليمن وقبائلها ومثقفيها ومشائخها سرعة التدخل لفض النزاع وإنقاذ الأسر المحاصرة في(دماج) والجرحى الذين يموتون لعدم وجود الدواء والآلاف الذين سيموتون لعدم وجود الغذاء قريباً إذا لم يسرع الخيرون بفك الحصار وإصلاح ذات البين ليفوتوا الفرصة على الساعين لحدوث صراع مذهبي عنيف في اليمن.