;
محمد اللوزي
محمد اللوزي

حكومة الائتلاف الوطني وتحديات القادم ..رؤية في الواقع وممكنات التغيير... 1915

2011-12-03 05:33:05


تواجه الثورة اليوم تحديات كبيرة، لا يمكن الاستهانة بها نظراً لموروث التخلف الذي خلفه النظام على كافة الصعد، وهو ما يلقي أعباءً كبيرة على حكومة الائتلاف الوطني، ويدعوها إلى العمل بوتيرة متسارعة ودونما الوقوع في العشوائية والارتجالية التي سادت لزمن غير قصير، وكادت مرافق الدولة تتطبع بهذا السلوك. 
وإذاً فأن على الحكومة القادمة مسؤولية إعادة الاعتبار للدستور والقانون وجعل المواطن يدرك أهميتهما في إنجاز مهام البناء والتنمية، ولاشك أن هذا في حد ذاته مهمة في غاية الصعوبة، فهي ترتبط أولاً بتعزيز ثقة المواطن بالدولة بمفهومها المعاصر المبني على احترام الحقوق والحريات والتداول السلمي للسلطة، من خلال الممارسة الحقيقية وليس الشعارات التي أفقدت الجماهير ثقتها بالدولة والقانون، مما أدى إلى بروز قوى كان من مهمتها خلق خصومة مع المواطنة المتساوية والشراكة الوطنية،وهو أمر ما كان له أن يحدث، لو أن ثمة معايير تُحترم في عملية البناء الوطني، وكان للقانون سيادته بدلاً من معايير المناطقية والأسرية والطائفية التي دوماً تبرز وتروج في ظل اللا دولة وتغييب القنون.. وإذاً فإن الحكومة القادمة من أولى التحديات التي عليها أن تبدأ بها هو غرس الولاء الوطني بمفهوم الكل متساوون أمام القانون، والكل لهم حقوق وعليهم واجبات.. هذا يعني تفعيل دور القضاء والتخلص من كل سلبياته وهي كثيرة، وإيجاد قضاء عادل ونزيه يحترم الإنسان ويحقق العدالة وتنفذ فيه الأحكام القضائية، ويحتاج أيضاً إلى توعية الرأي العام بأهمية احترام الدولة كسيادة وطنية وروح انتماء جمعي وعقد اجتماعي بين المواطنين وهذه الدولة. وتفعيل دور أجهزة الأمن لتقوم بواجبها المنوط بها دونما تجاوزات وخروقات تمس المواطنة، وتمارس الإرهاب والحبس المتعدد الأغراض والذي يتجاوز القوانين والأنظمة ويمارس القهر والإذلال اللذين طالما عانى منهما المواطن بفعل ممارسة هذه الأجهزة دورها خارج الأطر القانونية والقضائية، وعجزت عن ضبط للجريمة، وتهاونت في كثير منها وتعاملت مع المواطن دونما احترام لحقوقه وحرياته وسادت الفوضى، الأمر الذي جعل المواطن يفقد الثقة بالقانون. 
وهنا تقع مهام الحكومة الجديدة في العمل على إنجاز تطور حقيقي وملموس في جوانب القضاء والأمن كمنظومة متآزرة، ووفق اختصاصات محددة لا ينبغي تجاوزها إلى ما دونها، ولاشك أن ذلك وحده يحتاج إلى خلق وعي لدى المجتمع بالدولة الجديدة وبالتغيير نحو الأفضل، وبدعوة الكل إلى البناء من أجل وطن آمن ومستقر تحترم فيه الحريات والحقوق ودونما تمييز وقهرية واستعلاء، وهذا يعني قيام الإعلام بدوره التوعوي الحصيف المنطلق من إعلاء شأن الوطن دونما تمجيد للفرد ومنحه من الألقاب والتعظيم ما يخلق الدكتاتور، وهنا لابد من القول أن على الحكومة أن تؤمن جيداً بسلطة الشعب وحكم الشعب وحده دون غيره، عبر مؤسسات الدولة العصرية وقد تجسدت فيها معاني الانتماء لوطن الحرية والعدالة والمساواة ووطن الكفاءات والقدرات التي ينبغي أن تتاح لها فرص التعبير عن إمكانيتها بإطلاق الطاقات جميعها، لتصب في خندق البناء والتنمية، وبكل تأكيد فإن ذلك يحتاج إلى وقت طويل لإزالة ركام التخلف والاستبداد وغرس الثقة لدى المواطن بالدولة التي عليها أن تكون البديل القوي عن الأسرية والمناطقية والطائفية حين يكون القانون وحده معيار المواطنة المتساوية، وهو السائد المعتلي على الجميع، وبلا شك أن ما خلفه النظام من تحديات عديدة تفرض أعباءً ومهاماً كبيرة على الحكومة القادمة، التي لابد أن تقضي على منظومة فساد كاملة وعلى ثقافة فيد وغنيمة واختلاسات وسرقات لا حصر لها، سيما إذا أدركنا أن النظام يرحل، ولم يقدم طوال 33عاماً فاسداً واحداً إلى القضاء،ولم يحاسب مقصراً عن أداء، ولم يعمل على إرساء قواعد الديمقراطية بطرق صحيحة خالية من الشعاراتية الزائفة والتمجيد، واستغلال إمكانيات وطن لفرز ديمقراطية الدكتاتور، وهو أمر يحتاج إلى بصيرة وإيمان عميق بممكنات التحول، ورفض السلبي مهما كان مصدره ومن أين كان موقعه، فالحاجة اليوم ماسة إلى البناء الخالي من مرض الطغيان والتسلط وثقافة الاستبداد. 
وهنا فقط لابد للحكومة أن تضع في أولوياتها احترام القدرات والكفاءات والدفع بها لأن تقدم ما لديها من قدرة على العطاء دونما (فيتو) من أحد ضد أحد من أبناء الوطن، وعليها أن تقاوم الفساد وأن تهزم أوكاره المتعددة، وتضرب مصالحه أينما وجدت مادامت انبنت على الحرام والثراء الغير المشروع، والذي سيظل لوقت يقاوم الدولة المعاصرة، ويعمل على اختراق آلية البناء ليحدث توازناً يحفظ له مصالحه ومكاسبه الذاتية، وهو أمر لابد أن يفقهه الوطنيون جيداً، فالجديد كما قال: (فلاديمير لينين)(حين يولد لتوه يظل القديم أقوى منه) وقادراً على المقاومة، ولكنها مقاومة تضمحل على التوالي مهما تذاكى وتحايل أصحاب الثراء الغير مشروع الذين أعاقوا التقدم طويلاً وقهروا أحلام البسطاء، وهم اليوم توحدهم ذات الطموحات الغير مشروعة والتي تبقيهم قوى متربصة بالوطني وجاهزة لتعطيل القانون والعدالة، لأنه ليس في صالحها كبيوتات تكونت من خلال السطو على المال العام، الذي يشكل بقاؤه في يدها قوة لا يمكن الاستهانة بها، لما للمال من قدرة على المواجهة وتسخير ممكنات وطن في اتجاه يخدم مصالح أفراد. 
هكذا ندرك نحن أن قوى الثراء غير المشروع، وقوى الفساد ستظل في خانة العداء للوطني، ما لم يلب رغباتها في المزيد من المال. وفي كل الأحوال تبقى قوة الدولة، في تطبيقها لمبدأ تكافؤ الفرص، وتحقيق العدالة، والوعي بقوى الاستبداد والقضاء عليها من خلال الديمقراطية كنظام حل مشكلات بطرق منتظمة، وليس كما أرادها المستبد ديكوراً يحفظ له موقعه كسلطوي قامع، أنتج العديد من الأزمات وجعل الوطن في دوامة لا تنتهي من التخلف المتعدد الأوجه والقسمات، فمن الفوضى برزت قوى الفساد ومن الفساد برزت قوى إرهابية كالقاعدة وبرز الحراك الجنوبي بمستويات متعددة وبرز ت الحوثية وبرزت الصراعات على طول الوطن وعرضه وصار المجتمع يعيش اختناقات في غلاء الأسعار والاحتكار والتسلط ليكبر كل ذلك ويتنامى ولدرجة لم يعد بمقدور الجماهير الانتظار للموت وكان عليها أن تصنع حياتها برفض شامل لكل هذا التخلف. 
على هذا الأساس خرج شباب التغيير للساحات وهو شباب امتلك القدرة على الوعي بالقائم وتفتح على تقنيات العصر من (فضائيات وإنترنت) وثورة معلوماتية واتصالاتية أتت أكلها لدى الشباب، فيما بقي النظام بذات الثقافة المتكلسة والعقيمة وبقواه التقليدية البالية التي ظلت على ذات الآلية التي تجاوزها العصر تماماً ولاشك أن بقاء وزير على سبيل المثال25عاماً لا يمكن أن ينتج غير ما هو محنط ومستبد وانتهازي وفاسد، هذه الثقافة البالية تعطلت، بفعل المتغيرات السريعة على المستوى المحلي وعلى مستوى دول المنطقة والعالم. ولن نأتي هنا إلى جملة المتغيرات لضيق المساحة ولأن الموضوع تناولاته كبيره وعميقة، غير أن ما نشير إليه أن ثمة ثقافة لدى جيل الشباب تكونت بروح معاصرة لم تواكبها في المقابل متغيرات في مفاصل النظام وأدواته، الأمر الذي كان لابد للجديد أن يأخذ موقعه غصباً على النظام وقد عجز عن التعامل مع العصر وصار باحتقاناته ينتج أزمات متعددة ,هي اليوم تواجه الحكومة الجديدة التي عليها أن تؤمن بالإنسان، وأن تتجاوز منطقة التفكير العقيم، وتتفتح بروح شبابية تثق في الآتي وتصنع تحولات صميمية لا تقبل التأجيل، وتعير الإنساني معناه النبيل والدستور والقانون معيار المواطنة، وليس القيم السلبية التي أطلقها النظام ليقع الوطن في ركام المعاناة والتخلف التي لنا وقفات معها تقويمية هادفة تسعى لتقديم رؤى تحفل بالجديد والتغيير وتعين الآخر على تحمل مسؤوليات( وطن)، الجميع فيه شركاء.
mallawzy@hotmail.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد