;
محمد عبدالله الطيار
محمد عبدالله الطيار

لماذا الثورة؟؟ 2080

2011-12-12 06:47:05


الخلافات التي تحدث بين الشعوب وقادتها والتي تستدعي قيام الشعوب بثورة لإسقاط نظام الحكم في البلاد ليست خلافات مرتكزها عدم الرضا بالحاكم لشخصه ولا لذاته ولا لكونه من المنطقة الفلانية أو القبيلة الفلانية، وإنما مسبباتها طبيعة أداء الحاكم ومدى قيامه بواجباته تجاه شعبه.. وكل حاكم يستمد شرعيته في الحكم من الشعب والذي هو الآخر يمنحها للحاكم بمقدار خدمة الحاكم له وتأديته لواجباته تجاههم باعتبارهم رعيته.
عندما قامت الثورة في اليمن بغرض الإطاحة بنظام علي صالح، لم تقم ضد علي صالح لشخصه ولا كان دافع الشعب فيها طول المدة التي حكم فيها، كانت ثورة حتمية توافرت فيها شروط الثورة وموجباتها، واستمدت شرعيتها من عدم تأدية الحاكم لواجباته تجاه شعبه، ليس هذه مساوئه فحسب، بل إن النظام اتبع طيلة "33" عاماً من حكمه سياسة انتقامية عجيبة تجاه شعبه سادها القتل والإفقار والتجويع والتجهيل، وكأن النظام لا يرى في الشعب الذي يحكمه شعبه، بل وكأنه لا يراه شعباً البتة وإنما قطيع من الكائنات المتوحشة والضارة وجب إفناؤها بشتى الوسائل.
قام الشعب اليمني بالثورة لأن النظام أوصل الوضع إلى حالة من العيش وسط المجهول نتيجةً للأزمات التي اصطنعها والتي لا يقوى على العيش والاستمرار إلا في وجودها، حتى وصل الشعب إلى إيمان ولّد عدم الثقة لديه في أن النظام لا يعمل للحل، بل رأى الشعب بأم عينيه أن النظام يسعى جاهداً لسد جميع الأفق للحل، ووأد أي بارقة أمل في أي فرصة تتراءى له أنها تحوي حلاً لكل الأزمات التي يتجرعها الشعب.
قام الشعب اليمني بالثورة لأن النظام قضى على أهداف ثورة 26 سبتمبر، لأن النظام جعل من اليمن دولة تعيش في الحضيض، لأن النظام جعل من اليمن مزرعة تتقاسمها الأسرة والأولاد، لأن النظام ما تورع يوماً تجاه شعب ظل يحكمه بطريقة السيد مع عبده، لأن النظام لم يأبه لصيحات شعبه من الفقر والفساد والجهل، لأن النظام طغى واستبد وظن أنه فرعون العصر.. 
نسمع عن حكام مستبدين من نوعية هتلر، لكن ورغم دموية هتلر واستبداده إلا أن هذا الاستبداد لم يكن يوماً تجاه الشعب الألماني، كان هتلر مستبداً ضد الشعوب الأخرى من أجل أن تحيى ألمانيا سيدة العالم كما كان يرى، كان هتلر يقدس شعبه إلى درجة أنه يرى أن لا شعب في العالم يستحق الحياة غير الشعب الألماني، نسمع عن حكام أفسدوا في بلادهم من أجل إطالة أمد حكمهم، لكنهم بالمقابل كان يعملون شيئاً يجعل الشعب يرضى بتواجدهم في الحكم، نسمع ونسمع عن حكام من نوعيات تختلف، لكننا لم نسمع عن حكام مثلوا قمة الانحطاط في حكمهم لشعوبهم كالذي يمثله هذا النظام في حكمه للشعب اليمني غير الفساد والظلم والاستبداد والتسلط والتفرد، يعمل النظام ليل نهار من أجل إذلال شعبه وقتله بشكل مباشر وغير مباشر، يعمل النظام ليعيش الشعب لديه ولدى الأسرة التي تحكم كالعبد لا يتكلم ولا يعترض، لم نسمع عن نظام يسلح شعبه ليقتل بعضه بعضاً، لم نسمع عن نظام يفتعل الأزمات تلو الأزمات ولا يهمه أن يعاني شعبه من هذه الأزمات، ما يهمه أن يحكم، الحكم ولا شيء غيره ولو على جماجم كل اليمنيين. 
قام الشعب اليمني بالثورة لأن الوضع الذي يعيشونه سيء بما تحمله الكلمة من معنى الإساءة، وبلغة الأرقام التي تلخص الصورة وبمفهوميه أوضح، بفضل النظام نسبة منهم تحت خط الفقر تجاوزت "%54"، و"%80" من الشعب دخلهم يعادل دولارين في اليوم، بفضل النظام البطالة تجاوزت "%70" في صفوف الشعب، والأمية، والكهرباء لا ينعم بها إلا "%40" من السكان، والحصول على المياه في كثير من المناطق لا يزال في طوره البدائي، بفضل النظام كثير من اليمنيين لازالوا يحلمون بالوصول إلى بيوتهم على متن سيارة لأن لا وجود لطرق معبدة إلى قراهم – كما قالت صحيفة الجارديان البريطانية -.
 كل هذه الأرقام ومع بشاعتها فهي جميعاً في حدود الخدمات الأساسية، ولن نتطرق إلى الخدمات الكمالية كالتعليم الجامعي وغيره. بفعل النظام أندلعت ما يقرب من 500 حرب قبلية افتعلها النظام بين القبائل في إطار سياسة فرق تسد، أنتجت هذه الحروب آلاف القتلى والجرحى، وفي كل حرب تتمول القبائل بالأسلحة من معسكرات الدولة خاصة السلاح الثقيل حتى يكون الدمار أكثر وأعم، بفضل النظام ومنذ تولى رئيسه الحكم سنة 1978م خاض ما يقرب من تسعة حروب كبرى أنهكت الدولة وأعاقت تطورها، حرب مع الجنوب سنة 1978م وحرب المناطق الوسطى في الثمانينات، وحرب 1994م وستة حروب في صعدة، وكل حرب من هذه الحروب كان له أهدافه لدى رأس النظام من إقصاء شركاء الوحدة في حرب 1994م، إلى محاولة تدمير الجيش الوطني عبر الزج به في حروب كان يفتعلها رأس النظام برسالة وينهيها باتصال. 
لهذا قام الشعب اليمني بالثورة، وقد تأخر بها كثيراً، كان من المفترض أن يقوم بها باكراً قبل ذلك بكثير. قبل استفحال الأمور ووصولها باليمن إلى حافة الانهيار الشامل، لكنها حكمة اليمنيين كانت تقول لهم لعل وعسى أن يفهم النظام ويعي ما هي مهمته في الحكم، كانوا يأملون أن يفهم أنه لخدمتهم لا لقتلهم وتعذيبهم، لكن لسان حالهم في آخر المطاف نطق في وجه النظام تعبيراً عن موقف النظام تجاه صبرهم " لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي" وهاهو الشعب اليمني يملأ الساحات والميادين ثائراً ولن يرجع حتى يتحقق مطلب الثورة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبد الملك المقرمي

2024-05-05 23:08:01

معاداة للإنسانية !

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد