;
عبد القوي ناجي القيسي
عبد القوي ناجي القيسي

علي صالح والشراكة والحوار 1701

2012-02-07 01:00:19


لم يكن علي صالح قد جانب الصواب حينما ذكر بعد عودته الثانية من الرياض أنه طرح على المعارضة موضوع الشراكة ثم في وقت لاحق الحوار الوطني، لكن الذي أخفاه صالح ولم يكن صريحاً فيه هو رد المعارضة على ما طرحه عليها. 
أما الشراكة فقد طرحها صالح في نوفمبر 2010م وكانت المعارضة تعلم يقيناً ومن خلال تجربتها الطويلة والمريرة مع علي صالح أن الأخير يراوغ وليس جاداً وأنه حينما يريد أن يحقق أهدافاً خاصة به يبدأ بتقديم العروض للخصوم حتى إذا أوقعهم نكث عن عروضه وعهوده وانتقل إلى قضية أخرى جديدة. 
ولهذا فقد طرحت عليه المعارضة في نوفمبر 2010م شروطها للشراكة الحقيقية التي تكفل خروج اليمن من محنته وأزماته التي أدخلها فيها رأس النظام. 
وقد حددت المعارضة ثلاثة شروط للشراكة هي الشراكة في تشخيص الأزمة ـ لم تعد أزمة بعد اندلاع ثورة الربيع العربي ـ والشراكة في علاجها ثم الشراكة في تحمل مسئولية الحلول لتلك الأزمة. 
وتلك هي قمة التضحية والموضوعية من المعارضة إزاء نظام ينخر فيه الفساد ووضع شبه منهار لبلد حطمه الاستبداد والتسلط، غير أن حسابات علي صالح كانت مختلفة تماماً عن حسابات المعارضة، فقد كان الرجل بحاجة ماسة لإجراء الانتخابات البرلمانية التي تأجلت عن موعدها الدستوري ولم يتحقق للنظام ما كان يصبو إليه من أهداف جراء تأخير تلك الانتخابات.
لقد كان مخطط صالح ونظامه هو مصادرة مقاعد مجلس النواب على المعارضة في مسرحية الانتخابات الهزلية التي يستخدم فيها الحزب الحاكم المال العام والجيش والإعلام والترغيب والترهيب لصالحه مقابل أحزاب لا تملك إلا جهدها وجهد أفرادها مقابل تلك الآلة الرهيبة للمؤتمر الشعبي العام التي طمأنت الرئيس أنها ستحصل على 85% من مقاعد البرلمان خاصة وقد سبقهم إلى انتخابات مماثلة النظام في مصر وصادر إرادة الشعب المصري في حينه وقطع الطريق على كل وسائل التغيير السلمية. 
كان هم علي صالح الكبير هو الفوز بأكبر عدد من المقاعد لإجراء التعديلات الدستورية بطريقة مريحة تهيئ البلاد للتوريث وتلغي دور المعارضة أو تجعل منها مجرد شاهد زور فضلاً عن إقحام المعارضة في انتخابات محسومة النتائج سلفاً وإجبارها على الدخول في الخسارة وعدم المشاركة في الربح الذي كان من منظور المعارضة ربح من أجل الوطن واليمن وليس من أجل الرئيس وحاشيته وعسكره ومريديه. 
ولقد ظل علي صالح يغازل المعارضة كأحزاب وأحياناً كأفراد ويمنِّيهم بحكومة مشتركة أو حكومة وحدة وطنية يديرها هو بعقليته التسلطية المعطلة لمسيرة الحياة، حيث تعود على التدخل في شئون الحكومات السابقة في أدق المسائل وما في رأسه هو الصحيح وغيره الباطل. 
وحينما أدركت المعارضة أن صالح لا يريد شراكة حقيقية تؤدي إلى تغيير الأوضاع ولا حكومة وحدة وطنية تتحمل المسئولية كما يجب، طرحت عليه بديلاً آخر وهو الدعوة لحوار وطني شامل يشترك فيه المؤتمر الشعبي العام كأي حزب من الأحزاب في الساحة وتدخل في الحوار القوى الأخرى من الحراك والحوثيين ومعارضة الخارج تحت سقف الوحدة والثوابت الوطنية. 
وبطبيعة الحال لم يكن في رأس علي صالح ثابت وطني غير جر الجميع إلى ما يريده هو ورفض الحوار مع قوى موجودة في الساحة لا يمكن أن ينجح الحوار بدون مشاركتها. 
لقد بدا واضحاً أن صالح يريد حواراً يستوي فيه حزب عبده الجندي مع الحزب الاشتراكي اليمني أو التجمع اليمني للإصلاح وصالح لديه أحزاب كثيرة وعديدة تتوالد مثل الفئران وهو ما أدركته المعارضة واستمرت تضع الشروط الموضوعية الكفيلة بنجاح الحوار الوطني، واستغل النظام وإعلامه هذه القضية للتشنيع بالمعارضة وأنها ترفض الحوار وتريد إدخال البلد في أزمة طاحنة وهي أمور يعرف كل اليمنيين أن سبب الأزمة الطاحنة والأوضاع الصعبة ليست المعارضة وإنما هو النظام وإدارته السيئة لأمور البلد واختيار أسلوب الأزمات الخطيرة للوصول إلى الحلول وهذه طريقة معروفة ينبغي أن يتسم صاحبها باللؤم والتهور والمسئولية وهي مواصفات ليست لدى المعارضة وأعلن الحزب الحاكم إغلاق باب الحوار والذهاب لانتخابات نيابية بشكل منفرد
واستمرت في نفس الوقت الحرب الإعلامية على المعارضة بشكل لم يسبق له مثيل وتوجهت أصابع الاتهام بالتحديد إلى اللقاء المشترك الذي أصبح هو المسئول الأول ـ حسب إعلام النظام ـ حتى عن ارتفاع معدلات الوفيات بين النساء أثناء الولادة في الأرياف بسبب انعدام الخدمات الصحية كما أنه المسئول عن ثقب الأوزون المعروف ومما زاد الطين بلة هو إعلان المؤتمر لتعديلات دستورية من طرف واحد وعلى مقاس الرئيس والحاشية.
بطبيعة الحال كانت التقارير الاستخباراتية اليمنية تتفق في التحذير من خطورة تجربة اللقاء المشترك وأنه أصبح يشكل عقبة كأداء أمام ملف التوريث الذي كان يمشي على قدم وساق ولم تكن الانتخابات المنفردة إلا أحد تجلياته. 
ولقد زاد النظام المصري الطين بلة من خلال نصائحه للنظام اليمني أن تحالف اليمين واليسار (اللقاء المشترك) سيكون هو البديل لكم في حالة فشل التوريث أو سقطت البلد في أتون الصراعات على السلطة. 
لقد تحول اللقاء المشترك إلى عقبة كأداء أمام نظام علي صالح خاصة بعد المحاولات المستميتة لتفكيكه وفشل كل تلك المحاولات مع تصاعد التقارير الدولية المحذرة من تدهور الأوضاع الاقتصادية في اليمن واحتمال أن تصبح اليمن دولة فاشلة خلال عامين. 
هذه الأوضاع وهذه التقارير الداخلية والخارجية جعلت علي صالح مرتبكاً جداً متردداً في أقواله وأفعاله مما ساهم في التدهور الخطير للأوضاع أضف إلى ذلك حالة الإحباط الشديد التي عمت أرجاء اليمن بعد إغلاق باب الحوار من قبل الحزب الحاكم، ومع اندلاع ثورات الربيع العربي ونجاحها في كل من تونس ومصر تفجرت الثورة الشبابية السلمية في اليمن ونزل الشباب إلى الشوارع في فبراير 2011م، معلنين بكل وضوح مطالبتهم بإسقاط النظام الذي لم يزد اليمنيين إلا فقراً طوال العقود الماضية. 
لقد كان بالإمكان تدارك الأمور والعودة إلى الحق وهو قبول الدعوة لحوار وطني جاد يجمع كل الفرقاء اليمنيين لمناقشة أوضاع البلد والخروج بالحلول العملية المفيدة، لكن النظام ورموز الفتنة ركبوا رؤوسهم واختاروا طريق البطش والقتل والتنكيل في وقت لم يعد يقبل الشارع اليمني المزيد من المعاناة والصبر على الإذلال والتسلط العائلي. 
وتوسعت المظاهرات واستمرت وزداد القمع البوليسي من أجهزة صالح العسكرية والأمنية وعلى رأسها الحرس الجمهوري والأمن المركزي وقدم شباب اليمن أغلى التضحيات، حيث سقط مئات الشهداء وآلاف الجرحى وتدمرت البنية الاقتصادية للدولة حتى رضخ النظام لما كانت قد طرحته المعارضة من قبل وهي شراكة على أسس واضحة وحوار وطني شامل لكل الفرقاء بالإضافة هذه المرة إلى رحيل علي صالح عن الحكم . 
وأصبحت اليوم كل هذه النقاط هي بنود أساسية في المبادرة الخليجية وآلية بن عمر وقرار مجلس الأمن رقم (2014) وكم كان حرياً بعلي صالح أن يوفر على اليمن دماء أبنائه ومقدراته ويستجيب لنداء العقل، لكنه تتبع نصائح البلداء فأوصلوه إلى هذا المصير الذي يعتبر بحد ذاته أهون من مصير قرنائه مثل بن علي ومبارك والقذافي.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد