;
رمزي السامعي
رمزي السامعي

تساؤلات ما بعد 21 فبراير 1719

2012-03-01 05:43:34


الترويج والدعوة إلى المشاركة بالانتخابات الرئاسية يوم 21 فبراير من قبل الثوار وحرصهم على عدم فشلها والمشاركة الواسعة في إنجاحها طرحت لدى البعض العديد من التساؤلات حول ما الذي ستحققه هذه الانتخابات للثورة؟ من تلك التساؤلات وأهمها: هل سقط نظام صالح؟هل رحل صالح؟هل نجحت الثورة في إنقاذ اليمن من التمزق والفوضى والاتجاه نحو المجهول الذي كان يقودنا إليه صالح؟
وبمنتهى الوضوح، تأتي الإجابات لمثل هذه التساؤلات بشكل سطحي و متداول لدى كثيرين، وكلها تحمل كماً من المفارقات التي تعبر عن واقع مر ووعر تعيشه البلد، ولا يتوقع الخروج منه دون مواصلة الصمود والنضال من قبل الجميع..
وواقعنا يؤكد: لم يسقط نظام صالح، فبقاء حزبه شريكاً رئيسياً في حكومة الوفاق برئاسة باسندوة، وتم نقل السلطة إلى نائبه في الرئاسة وأمانة حزب المؤتمر الشعبي العام عبد ربه هادي، ليس هذا وحسب، بل منحته المبادرة الخليجية حصانة من العدالة هو ومعاونيه وأبنائه الذين ما زالوا على رأس المؤسستين العسكرية والأمنية في البلد.
كما ازدادت دعوات التشطير وبرز خطاب التمزيق بشكل اكبر من ذي قبل، في حين خرجت عدد من محافظات الجمهورية من تحت السيطرة الهشة للدولة، ما أغرى قوى و جهات عدة لبسط يدها بهدف تحقيق ذاتها ومصالحها بالقوة، وهذا ما يعزز من اتساع رقعة العنف بناء على توافر أجواء تشجع الفوضى الدامية على حساب الوطن ومستقبل أبنائه، وهذه إجابات واقعية لو نظرنا لمالآت ومزالق صنعها وخطط أبعادها صالح قبل نقل السلطة.
إلا أن الحقيقة والقناعة التامة التي وصلنا إليها بعد عام كامل من الثورة هي أن التغير بالحل السياسي الحالي هو المسلك والطريق الصحيح لانتصار الثورة ونجاحها في تحقيق أهدافها بشكل حقيقي وبصيغتها الحقيقة، وان نجاح انتخابات 21 فبراير يمثل يوم تحول تاريخي في اليمن، و نجاح هذه الانتخابات أنقذت اليمن من صالح وأنقذ ت الثورة من الانجرار إلى العنف، كما وفرت الطريق الصحيح والآمن للوصول إلى الانتصار النهائي والتغير المنشود..
هذه القناعة جاءت بسبب الحقائق التالية انطلاقاً من التساؤلات أعلاه.
 أولاً: سقوط نظام صالح
النظام فعلا لم يسقط لأنه لا يوجد نظام سياسي مؤسسي حقيقي يحكم البلد من الأساس، بل أن النظام متمثل بشخصية صالح والمقربين منه والمتنفذين جواره ممن يديرون البلد بالتلفون ,وبالتالي لو نظرنا للهدف الأول للثورة من منظوره الآخر وهو ( بناء النظام ) بدلا من ( إسقاطه وإعادة بناءه) فإن الحل السياسي الحالي ونجاح انتخابات 21 فبراير هي أول خطوة في بناء نظام سياسي حقيقي لإدارة البلاد و إسقاط نظام الشخص والأسرة ,وبقاء حزب المؤتمر كشريك في السلطة هو احد مبادئ هذا البناء للنظام الذي يعتمد على التعددية السياسية والتنافس الحقيقي على السلطة من خلال الارتهان للشارع وللقاعدة الشعبية للأحزاب المختلفة وهذا الارتهان هو مقرون بالمصالح الذي سيقدمه الحزب للشعب وبالتالي القضاء على سلطة الشخص الواحد و الأسرة الواحدة والحزب الواحد مع الأخذ بعين الاعتبار رفض أي شخصية بالحزب تلطخت يدها بدماء شباب الثورة أو بالفساد طوال الفترة السابقة..
ثانيا : رحيل صالح
صالح لم يرحل لان الأهم هو ليس رحيل صالح كشخص بل رحيل مراكز القوى التي يحكم بها البلد !
لأنه كشخص رحل والثورة بذروة عنفوانها وقوتها وبقى أكثر من شهريين خارج البلد وعاد حاكماً والملايين من أبناء الشعب يملأون ساحات الحرية و التغير في عموم محافظات الجمهورية ولم يمنعوه من ذلك ولم يمتلكوا أي وسيلة لمنعه من العودة إلى الحكم والسبب هو امتلاكه لمراكز قوى حقيقة مكنته من بقاء سلطته متماسكة ,هذه المراكز هي في الحقيقة تتمثل في المؤسستين العسكرية والأمنية التي يرأسها أولاده ومقربيه وخاصة الحرس الجمهوري والأمن المركزي إلى جانب الإعلام، فوظفت هذه المراكز للاحتماء وراء ما سماه الشرعية الدستورية
والتي سقطت فعلياً بسقوط أول قطرة دم من دماء شباب الثورة، لكن التمترس وراء السلاح ووجود إعلام للتضليل والتعبئة الخاطئة لجنود هذه المؤسسة لحماية الشرعية الدستورية هي من مكنته من عدم السقوط وبالإضافة إلى حرص الأطراف الأخرى بالثورة على استمرار سلمية الثورة وعدم الانجرار نحو العنف والحرب..
بشكل عام "العقبة التي تقف عاقاً أمام أي عملية تغير لأي نظام سياسي هي المؤسسة العسكرية " فلو أسقطنا هذا الكلام على بلد غير اليمن لوجدنا النموذج المصري للثورة خير مثال، سقط مبارك بسبب موقف الجيش، لكن المجلس العسكري هو من بقى يحكم البلاد وحافظ على مؤسسات الدولة من الانهيار بعكس ما حدث باليمن انهيار الدولة وبقاء المؤسسة العسكرية لحماية السلطة المتمثلة بالرئيس.
لهذا " إعادة هيكلة الجيش على أسس وطنية " اعتقد أنها الانتصار الحقيقي لثورة الشباب, لذا الأهم بالمبادرة الخليجية وأليتها التنفيذية كحل سياسي ليس من اجل وصول الرئيس هادي للسلطة وبقاء مراكز القوى بيد صالح، بل الأهم فيها ما بعد نقل السلطة والذي وضع ضمن خارطة الطريق المرسومة لنقل السلطة فعلياً ممثلة بإعادة هيكلة الجيش وإعادة دمج المؤسسة العسكرية ومعالجة قضايا مركزية أخرى كالانهيار الاقتصادي بالبلد.
هناك من يشكك بقدرة الرئيس عبد ربه منصور هادي على إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية على أسس وطنية, وهذا اعتقاد خاطئ لان المعني الآن ليس الرئيس هادي فقط، فهيكلة الجيش وضعت كضرورة حتمية ضمن خارطة الطريق التي أجمعت عليها كل القوى السياسية بالداخل والمجتمع الدولي ودول الجوار في المبادرة الخليجية
هناك أخبار بدأت تنتشر بعد الانتخابات مباشرة على أن هيكلة الجيش لم تشمل اللواء الركن: علي محسن الأحمر قائد المنطقة الشمالية الغربية ونجل صالح احمد الذي يترأس الحرس الجمهوري, هذه الأخبار تعني أن الهيكلة ستشمل الطرفين ,لان من المستحيل إعادة دمج المؤسسة العسكرية أو الحديث عن هيكلتها مع بقاءهما, بل أن المخاطر من انفجار الأوضاع والصراع العسكري سيبقى وارد بأي لحظة، وستبقى المؤسسة العسكرية منقسمة.
ثالثا : إنقاذ اليمن من التمزق والفوضى
الحقيقة أن وضع البلد أصبح عرضة للتمزق أكثر مما كان عليه في السابق وبدأت الصراعات ودعوات التشطير تبرز يوماً بعد آخر, السبب أن هذه الأصوات والأطراف ليست الثورة من أوجدتها بل أوجدها فشل صالح في إدارة البلاد طوال الفترة السابقة وتأجيجها وتغذيتها خلال فترة الثورة والتعامل مع قضايا وطنية بالفترة السابقة كالقضية الجنوبية مثلا كقضية أمنية يجب استخدام العنف لإخمادها, وجود المظالم وشعور الناس بالظلم والقهر بسبب ممارسات سلطات صالح أوجدت هذه النزعات, وظهور أطراف تبنت هذه المظالم لتجيش الشارع ودفع الشباب المتحمسين من اجل تمرير مشاريعها التي وجدت البيئة الخصبة لها هو الانهيار في البلد خلال فترة الثورة..
وبالتالي نجاح الانتخابات الرئاسية ستوجد فرصة أخيرة للحفاظ على البلد من التمزق من خلال الإسراع في إيجاد حلول للمشاكل التي تهدد تمزق البلد منها القضية الجنوبية وقضية صعدة وحل المشكلة الأمنية والانهيار الأمني والاقتصادي بالبلد أهمها القضية الجنوبية والتي يجب على المبادرة الإسراع في دراسة الحل الأمثل لها بما يرضى أخواننا في الجنوب وقطع الطريق أمام أصحاب المشاريع التي استغلت مظالم الناس وتبنتها لتمرير مشاريعها دون توضيح ورسم أي رؤية لتحقيق هذه المشاريع والحفاظ على الجنوب نفسه بل أنها تقود الناس وتدفعهم وراء مطالب قد تدخل الجنوب في فوضى وصراع لا نهاية له بين الجنوبيين أنفسهم، وما حدث بالآونة الأخيرة من عنف وفوضى في عدن والمكلا ومحافظات جنوبية أخرى خير دليل.
الإسراع في تشكيل لجان تنزل إلى الميدان لحل وإرجاع الأراضي والأملاك المنهوبة بالجنوب ولجان لإعادة المبعدين من مناصبهم وحل مشكلة المتقاعدين العسكريين الذين أقصوا من الاستمرار بالعمل بالسلك العسكري من قبل صالح وبعدها الدعوة إلى حوار من اجل تقرير نوع النظام السياسي لمستقبل البلد، سيشعر إخواننا الجنوبين بجدية النظام الجديد في حل قضيتهم والتعامل معها كقضية سياسية عادلة، وستقطع الطريق أمام المشاريع الأخرى التي تهدد مستقبل البلد.
نستطيع القول إن الثورة الحقيقية بدأت وهي ثورة البناء وان معيار نجاح وانتصار الثورة وقطف ثمارها وتحقيق التغير المنشود مرهون بما سيحدث بعد الانتخابات ونقل السلطة وخاصة ما سيتحقق بعد إعادة هيكلة الجيش، فحيادية المؤسسة العسكرية والإعلام سيشكلان كجهاز رقابي وتنفيذي لإرساء العدالة ومحاربة الفساد والمفسدين, فوجود إعلام ينقل مظالم الشعب ويفضح فساد المسؤولين بدلاً من التطبيل للانجازات الوهمية للسلطة كما عهدناها كفيل بالرقابة على انجاز عملية التغير ومكافحة وفضح أي اختلالات بالأنظمة القادمة..

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد