;
محمد اللوزي
محمد اللوزي

خطورة تمدد القاعدة وانقسام الجيش 1917

2012-03-28 08:40:11


تواجه اليمن في الوقت الراهن تحديات جمة في مقدمتها القاعدة التي تشكل قلقاً حقيقياً ليس بالنسبة لليمن وإنما على مستوى دول المنطقة والعالم، وما تكشف عنه طموحات هذا التنظيم الذي يتنامى بفعل ضعف القدرة على المواجهة، وتبديد إمكانية الوطن في الوضع الراهن الذي يعاني من فقدان الرؤية الصحيحة لممكنات العمل حسب الأولويات، وبروز أكثر من قضية ترهق السياسي وتعرقل قراره في حسم العديد من القضايا والتفرغ الكامل لمواجهة القاعدة والقضاء عليها ،فبروز الحراك الإنفصالي وانتهاجه العنف في الجنوب والحوثية في الشمال وانقسام المؤسسة العسكرية على نفسها وتمترس الجميع في مواجهة الجميع وعدم هيكلة الجيش على قاعدة المصلحة الوطنية وجعله معبراً عن طموحات أشخاص ونافذين بطريقة أو بأخرى، كل ذلك ساعد بالتأكيد على اتساع نطاق الإرهاب وتنامي خطره، باعتبار أن مجمل العوامل التي أتينا على ذكرها تساعد القاعدة في تنفيذ خطتها الطموحة لإيجاد أرضية تنطلق منها إلى تهديد أمن واستقرار المنطقة، بل والمصالح العالمية، وهو الذي يجب إدراكه ليس على مستوى اليمن فقط وإنما كل المعنيين في مكافحة الإرهاب كشركاء وكل الذين عليهم التزامات لمكافحة خطر تنامي القاعدة التي تعبر عن تواجدها بوضوح في العديد من مناطق اليمن، وتطرح تهديداتها التي تصل إلى حد القول: إن ثمة مدناً قابلة للسقوط كما أشار إلى هذا محافظ تعز الذي أكد وجود قوى إرهابية توشك على احتلال المدينة وتمارس إرهابها، في ظل عجز تام لمواجهة هذا المستجد الأقرب لأن يكون واقعاً.
ولعل تنبيه محافظ تعز لهذا القادم يكشف عن اعتمالات خطيرة وتنامٍ حقيقي للإرهاب، وهي قضية لابد أن يأخذها المعنيون بمكافحة الإرهاب في الداخل اليمني ودول المنطقة والدول الأوروأمريكية بعين الاعتبار، سيما وأن ممكنات هذا الحدث في ظل تدهور الأوضاع الأمنية وتعطيل قدرات الجيش من القيام بواجبه يوشك أن يتحقق فعلاً .
وإذاً أين مكامن الأزمة الحقيقية؟ ولماذا لا يواجه الإرهاب كما يجب بالنسبة لليمن؟ لماذا تخلت بلادنا عن تعهداتها في الشراكة مع المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب وصارت اليوم تعاني من اتساع نطاقه وتهديد محافظات بالسقوط في براثنه؟ أين قوة مكافحة الإرهاب التي طالما تهيأت وتدربت وسخرت لها الإمكانيات لمواجهة هذا الإرهاب؟ وعلى من تقع مسؤولية تنامي الخطر القادم القاعدة؟.
أسئلة يطرحها الواقع وما آلت إليه الأوضاع الأمنية وما يعيشه أبناء محافظات كأبين من معاناة إنسانية غير مسبوقة، وما تأكده التفجيرات للقاعدة والاغتيالات وممارسة الإرهاب وتوسع نطاقه الجغرافي.. وفي المقابل لا نجد أي جاهزية للمواجهة إن لم يكن هناك إخلال بالواجب الوطني يصل إلى مستوى الضرر الفادح باليمن أرضاً وإنساناً.
وإذاً فإننا إزاء ما تشكل كظاهرة حقيقية لا يمكن القفز عليها، نضع في المقام الأول المسؤولية على القوى التالية:
 1. الحراك الإنفصالي الذي لم يساعد على إرساء الأمن والاستقرار لتهدر إمكانيات المواجهة في ملاحقة مخطط الحراك اليومي الذي يريد البلاد في حالة استنفار يقلق أمنها واقتصادها ويفتح للقاعدة مجال استثمار هذا المخطط القادم من طهران بأيدي أبناء الجنوب لمزيد من تمكين القاعدة في المحافظات الجنوبية.
2. الحوثية التي نراها أكثر من ذي قبل تعمل على تصعيد المشاكل في المحافظات الشمالية وعلى وجه الخصوص صعدة وحجة وإحداث فوضى وعدم استقرار وإسقاط لهيبة الدولة وتبديد إمكانيات وصولاً بالدولة إلى مرحلة إرهاق من خلال اشتغال الحوثية على العنف وجعله أكثر حضوراً عقب الانتخابات الرئاسية .
3. الجانب العسكري وغياب الهيكلة التي تحقق الانتقال بالجيش من ملاحق تعبر عن نظام سابق وعن مراكز نفوذ إلى أن يكون جيشاً وطنياً يقوم بواجبه في ساحات الوطن كله، بعيداً عن أية مماحكات سياسية أو تجاذبات تؤدي إلى بقائه عبئاً على الوطن بميزانية هائلة لا نجد في المقابل تحمله المسؤولية في بسط نفوذ الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار والسيادة الوطنية.. وهنا يكون العائق أكبر ويزيد من استغلال الإرهاب لهذا التراخي والتفكك في الجيش لتحقيق أهداف القاعدة وفق مخطط معد لذلك.. وسواء كان هناك تواطؤ من الداخل أم لم يكن، فإن مسألة هيكلة الجيش هي في المقام الأول ضرورة يفرضها الواقع ومتطلباته حتى لا تبدد إمكانيات وتهدر فرص الانتصار على ما يهدد أمن واستقرار وسيادة اليمن أرضاً وإنساناً، ومن يتابع الجيش اليمني وهو منقسم يجد اختلالاً خطيراً لا ينبغي تجاوزه إلى ما دونه، إذا أردنا الانطلاق إلى مجالات التنمية والتي تبدأ من مكافحة الإرهاب ومخططات التآمر، ولن يتأتى هذا إلا من توحيد قدرات المؤسسة العسكرية، فالحرس الجمهوري على سبيل المثال لا يمكن أن يكون خارج مهامه وجاثماً على المدن وعلى وجه الخصوص العاصمة وثمة مخاطر كبيرة تدعوه للقيام بواجبه إلى جانب قوة مكافحة الإرهاب الرابضة في العاصمة وقد استهدفت ساحات التغيير أكثر بكثير من مكافحتها الإرهاب.. كما لا يمكن أن نظل نعيش الاحتقانات في صنعاء وخطر القاعدة في العديد من المحافظات، إن المسألة أكبر من أن تبقى في ذات التمترس ضد الآخر بين القوات المسلحة اليمنية، فهذا ليس عملاً صحيحاً إن لم يكن تقاعساً في أداء الواجب الذي وجد من أجله الجيش اليمني، والتمترس بين الفرقاء هنا إن جاز القول ناجم عن اشتغال القوات المسلحة على جوانب أخرى تميل إلى مراكز نفوذ وما تبقى من نظام سابق، وهو ما يفقدها الولاء الوطني والانتماء إلى الهوية الحضارية وقيم الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر، فالواقع أن جزءاً من القوات المسلحة في المدن اليمنية وبالذات العاصمة يخلق لدى الطرف الآخر من القوات المسلحة أيضاً وسأكون صريحاً الفرقة الأولى مدرع ومن معها في هذا السياق إلى عرقلة قدرتها في مكافحة الإرهاب ويدفعها إلى التمترس والتخندق، باعتبار أن الآلية في مجملها لمهام القوات المسلحة مفقودة تماماً وتحولت من درع لحماية الوطن إلى حماية شخص أو أشخاص وبذلك يتم إفقاد القرار السياسي قدرته على التغيير لتبقى المخاوف حقيقية من هذا الطرف أو ذاك بفعل بسط نفوذ قوات الحرس الجمهوري على المدن والعاصمة، وفي المقابل الفرقة الأولى مدرع تجد نفسها متحفزة لما قد يحدث وخوفاً من ساعة مواجهة أو الانقلاب على النظام، باعتبار أن الحرس الجمهوري هنا قدم نفسه امتداداً لنفوذ النظام السابق وواجه ومعه قوات مكافحة الإرهاب ساحات التغيير وثورة الشباب، ولم يبرهن على حياديته كمؤسسة عسكرية على الأقل إن لم يقف مع مطالب الحرية والعدالة، وهنا حدث أن خسر الوطن أمنه واستقراره وسيادته واقتصاده وتنامى الإرهاب واتسع نطاق الطامحون والطامعون بمشاريعهم الصغيرة ليزدادوا نفيراً كما يهيأ لهم، بفعل انقسام الجيش أولاً وقيادة سياسية لا تأمن على نفسها من حدوث انقلاب من قبل قوات فاعلة ومؤثرة كالحرس الجمهوري ثانياً باعتبار أنها من عباءة النظام السابق ومعه انحازت، فيما الفرقة الأولى مدرع وقفت في خندق الثورة وأكدت وقوفها إلى جانب النظام الجديد، لكونه يشكل نصراً لما كانت تعمل من أجله، ولكن في المقابل هي تتخندق حماية للشرعية وحماية لنفسها من خطر مواجهة مع قدرات عسكرية لا يستهان بها، وكان بمقدور الفرقة الأولى مدرع لو أنها أمنت الجانب الآخر أن تقوم بواجبها في محاربة الإرهاب وهي معنية بذلك أيضاً..
وإذاً الوطن اليمني بين فكي كماشة وقيادته السياسية تجد نفسها محدودة القدرات في اتخاذ القرار لمكافحة التطرف والإرهاب ولجم قوى أخرى تنتهج العنف.. وفي تقديري أن الحلول التي يجب أن تكون لإكساب الوطن قوته وقدرته على خوض غمار التحدي مع الإرهاب بكل أشكاله، يبدأ أولاً من هيكلة الجيش دون اعتبار للشخوص ولمراكز النفوذ، انطلاقاً من الإيمان بالدور الوطني الريادي للقوات المسلحة في حماية البلاد ومكاسب الثورة، وثانياً خروج هذه القوات من المدن اليمنية وبالذات العاصمتين السياسية (صنعاء) والاقتصادية (عدن) وإعادة تموضعها على الحدود البرية والبحرية وهو ما يعطي الفعالية الكاملة للقضاء على الإرهاب وأي حركات تطرف أخرى وسد كل المنافذ التي تتسرب منها العناصر الإرهابية وتجفيف منابعه بالقبضة الحديدية على الحدود من خلال القوات المسلحة، وباعتبار أن لا حاجة أبداً لهذه القوات في قلب المدن، سيما أن وجودها وانقسامها في نفس الوقت يخلق مخاوف حقيقية بين الفرقاء ويعطل القرار السياسي لرئيس الدولة الذي عليه أن يقدم إنجاز تحولات مهمة، ولكن ليس قبل هيكلة الجيش وخروجه من المدن ليحدث الأمان كما السيادة الوطنية الكاملة ويكون للقوات المسلحة قدرتها في مواجهة الإرهاب والتطرف ..
ونحن هنا نشير إلى الجميع دونما الانحياز لطرف على طرف آخر، فالكل معنيون بأمن واستقرار الوطن ومواجهة أعداء الحياة، والكل معنيون أن يكون ولاء الجيش اليمني لله والوطن والثورة وليس لأي ولاءات أخرى ولا بهدف خلق مخاوف لدى هذا الطرف تدفعه إلى تحصين نفسه وقدراته، ولا لعرقلة القرار السياسي لرئيس الجمهورية الذي يخشى من التنقلات والسفر في الداخل أو إلى الخارج وثمة من يريد خلق فوضى وإرباكات ويرفض الهيكلة.. وفي تقديري هنا أنه إذا لم يحدث تجاوب سريع في القوات المسلحة للهيكلة والانتقال بالجيش إلى أداءه لدوره الوطني بمهام وطنية، فإن قوى دولية ستكون صاحبة المبادرة وحينها يخسر المتبقي من النظام السابق أكبر مما قد يتصور، باعتبار الأمر متعلق بمصالح إستراتيجية لدول المنطقة وللدول الأوروأمريكية.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد