;
محمد اللوزي
محمد اللوزي

المشترك.. وتحديات الراهن!! 1712

2012-03-30 05:15:45


لابد لأحزاب المشترك وقد انتقلت من معارضة إلى سلطة أن تعبر عن كامل قناعتها فيما قامت من أجله ثورة التغيير دونما الوقوع في أخطاء النظام السابق، وأن تدرك أن من الأهمية بمكان الإيمان العميق بالتنوع في إطار الوحدة.. وهذا يعني التأكيد على المعنى الحقيقي لما نادت به ساحات التغيير (المواطنة المتساوية والشراكة المجتمعية) في بناء الدولة المدنية الحديثة، وهذان الأمران يقتضيان بالضرورة العمل بشكل ممنهج ورؤية شاملة على إطلاق الطاقات الإبداعية في شتى مناحي الحياة وإتاحة الفرص لهذه الطاقات أن تبرز مكامن قوتها وقدراتها في العطاء والتنوع في إطار الوحدة.. بمعنى آخر: أحزاب المشترك وقد صار على عاتقها القسط الأكبر في تحمل المسؤولية باتت اليوم أمام اختبار حقيقي، أما أن تتمثل هذه الشراكة أو تقع في براثن مخلفات القديم، إذا ما انكفأت على نفسها وأغلقت الأبواب دونها واشتغلت على هذا معي وهذا ضدي دونما معايير تقوم على استيعاب هذا التنوع والبحث عن الأكثر عطاءً وقدرة وكفاءة في تحمل المسؤولية وتمكينه منها، ليقدم ما يقدر على أن يكون متميزاً به.
وإذاً فإن أحزاب المشترك مطالبة أكثر من غيرها بالوعي بالممكن واستحضار الإيجابي ليس بالضرورة من داخلها ومن كوادرها، فثمة قوى حقيقية تمتلك الروح الإبداعية والقدرة على التميز من المستقلين على سبيل المثال، وهؤلاء هم من الكثرة ما يدفع إلى العمل على استيعاب القدرات منهم، فالوطن ليس بحاجة إلى تغيير حصري أو برعاية ما كما السابق، وليس المستقبل ملكاً لقوى دون أخرى، كما أن التنوع لا ينبغي أن يتوقف عند (أحزاب المشترك) و(الشعبي العام)، فهذا فيه جور كبير وغبن لا يمكن أن يبقى الوطن أسيره أو يظل محتفياً به دون الآخر من الجماهير على امتداد الوطن وعرضه.
وهنا تقع رسالتنا لهذه الأحزاب والتنبيه لما قد يجرها إلى مواقع ذات الأخطاء التي اشتغل عليها النظام حين وضع معايير الولاء الشخصي قبل الوطني، والأسري قبل القدرات والكفاءات، والمناطقي قبل المواطنة المتساوية، مما أحدث اختلالات كبيرة تنامت حد الثورة والمطالبة بالتغيير.. وإذاً ما لم تفكر القوى الوطنية المنوط بها السلطة اليوم إلى الآخر من موقع المسؤولية واحترام القدرات والكفاءات على ما عدى ذلك،فإنها ستقع في السلبي بامتياز ولن تفترق حينئذ عن النظام السابق، فالأول بقي محصوراً بين قوى دأب على ولائها بغض النظر عن مستواها وكفاءتها وانتمائها الوطني،وأحزاب المشترك ستقع إن لم تنجز مهاماً وطنية برؤية واسعة لهذا التنوع- نقول ستقع: في مربع الحزبي الضيق، مما يعطل قدرات ويشل جانباً مهماً من المجتمع فيه ممكنات العطاء كبيرة لتحفل بالهامشي وبما يعزز تواجدها في السلطة على حساب الإبداع والعمل المتميز والمواطنة المتساوية التي ينبغي الانتقال بها من الشعاراتية إلى التطبيق العملي، وإلى مستوى الفعل المبني على قراءة مستوعبة للكل، فليس المطلوب أن يظل الوطن حكراً على المؤطر والمنظم كما في السابق كان حكراً على الأسرية والمناطقية وتوابعها.
ولعلنا لا نبالغ إن قلنا: إن تجليات الثورة وتضحياتها ما كانت لتنتصر وتصل بالمشترك إلى ما هو عليه اليوم لولا إنكار الذات الذي كان وما يزال هو العنوان الكبير الذين خلاله قدم الشهداء أرواحهم من أجل أن يستقيم وطن وتنتصر إرادة وتبنى دولة النظام والقانون والحرية والعدالة والوحدة، وهو أمر لا ينبغي تجاوزه إلى ما دونه وإلا وقع الجميع من السلطويين في فخ الإنتهازية إن لم يكونوا قد خانوا دماء شهداء وتحولوا إلى قامعين مستأثرين بالسلطة يحفلون بأقربائهم بطريقة أو بأخرى مجرد كونهم يقدمون الكادر الحزبي على القدرات والكفاءات، وينكرون حقوق مواطن وحقه في التميز والإبداع بطرق منتظمة تعير المؤهل والخبرة والقدرة على الإبداع مقياساً لا يعلو عليه أي مقياس حزبي مهما تحايل أو انصرف إلى خلق تبريرات يهيأ لمن يأتي إليها أنها صحيحة.
والواقع أن شباب التغيير وهم في الساحات لا يمكنهم أن يرتضوا بأي تعطيل لدولة النظام والقانون وهم من سيراقب السلطوي ومن يحاسبه حين يخل بقيم وواجبات تفرضها عليه مواقعه في السلطة.. وهنا لابد من التأكيد لأحزاب المشترك أنها في موقع لا تحسد عليه وقد قبلت بالمناصفة وتولت مهاماً، ما لم تقدر عليها أو تتقاعس عن أدائها، فإنها في هذه الحالة غير جديرة بالثقة ولا يمكن التعاطي مع التبريرات وهي أقرب إلى الكذب واستدعاء الفشل وسلطة النفاق والمجاملات والتزلف والتعاطي الإنتهازي الذي كان إلى وقت قريب يمثل نكبة وطن حقيقية أدت إلى ثورة شبابية عارمة تنحني لها إجلالاً رقاب الأحرار الشرفاء.
من هنا سنبقى نحفل بالقادم ونتمحصه ونستوعب منطلقاته ونمارس بقسوة نقدنا عليه، لأننا نريد وطناً ومساواة وليس فرداً أو حزباً أو أحزاباً على حساب ما هو ممكن في إحداث تحول جوهري في مسار عملية البناء والتقدم والتي دشنها عهد جديد بدماء زكية طاهرة نثق في أنها ستحاكم كل من وسوست له نفسه القفز على الأهداف والقيم والمبادئ التي حققتها وتحققها الثورة الشبابية في ساحات التغيير.. على هذا الأساس يبقى للوطن تطلعاته بعيداً عن مجاملات حزبية وشراكة حزبية أيضاً تخلق تناغماً وتجانساً فيما بينها في حين تتغافل عن كفاءات وقدرات فكرية وعلمية، وما يهمنا هو الوعي بالممكن وطنياً والعمل بوفاء وتجرد من الذاتية بهدف إكساب الثورة مضامينها الراقية ومعنى جميلاً، وتقديم ما هو أساسي على ما هو ثانوي وتغليب المصلحة الوطنية العليا على الحزبية الضيقة، وإيجاد مفاهيم حقيقية لصناعة تحولات الدولة المدنية الحديثة..وماذا تعني (الحديثة) هنا إن لم تكن القضاء على القيم البالية التي أنتجتها السلطة السابقة والتي ظلت تتجه بالوطن إلى الإخفاقات المتوالية بتقريبها الإنتهازي الثانوي على الأساسي، لتعطل قدرات علمية هاجر الكثير منها إلى الخارج وأثبت وجوده وتميزه في حين جرى ممارسة قمع عليه وقهر وغبن له في حقه كمواطن من التعبير عن ذاته بما يمتلكه من عطاء وقدرة على الإبداع.. وهو فعلاً ما قدم النظام السابق في مستوى من يقمع حقوق وحريات الإنسان حينما عمد إلى تجاهل تكافؤ الفرص بين كل أبناء المجتمع.. الضامن القوي للتغيير والرقي والبناء والتقدم، وليس أقوى من احتكار المعرفة والعلم وسلبها من الآخر يخلق فجوة تخلف واسعة تصل في مقاييسها إلى فارق يعد بالمئات من السنين بين الشعب والشعوب الأخرى لمجرد تعطيل قدرات فرد كان يقدر على إنتاج معرفي أو علمي فيما لو تيسرت له الظروف وتهيأت له الأسباب، غير أنه السلطوي المحتكر والدعي أنتج ركاماً من التخلف لا نرجوه ولا نريده اليوم بيننا وسنظل نقاومه أينما برز بروح مثابرة ومؤمنة بالتنوع في إطار الوحدة والوحدة في إطار التنوع.
من هنا نؤكد أهمية أن تكون أحزاب المشترك في مستوى الوعي الحقيقي بالثورة كقيمة إنسانية راقية تصب في مسيرتها لصالح كل ما هو خلاق ومعبر عن فضاءات الإبداع والتميز؟، فهل السلطويون اليوم يدركون أهمية التفتح والحوار مع الآخر وتمكينه من أن يتشكل بمقاييس التطور ومقاييس الدولة المدنية الحديثة؟ أم أنها ستظل تتغافل عن الفاعل وتتجه برؤية عاطفية انفعالية إلى تغليب الحزبي الضيق على مصلحة وطن؟.
في كل الأحوال ما لم تبن القرارات على التبصر والحكمة والموضوعية، فإننا سنتجه إلى منعطفات خطيرة أقلها أن الثورة قد سرقها فعلاً من تربعوا على كراسي السلطة وهي سرقة في مستوى المؤامرة حقاً ولابد في هذه الحالة من حدوث إخفاقات تطال ذات القوى التي انطلقت في رؤيتها الوطنية من تعاملات المصلحة والمنفعة، بما يشكل في جوهره مساساً بالثورة وإلحاق أذى بها وتغافل عن طموحات وطن، وهو ما لا يسمح به شباب الثورة في الساحات وما قد يجر معه متواليات لا يدركها من يقعون في فخ إغراء السلطة، فالشباب عليه اليوم تقع المسؤولية الندية في الحفاظ على الثورة وتطلعاتها من أن تصادر في اتجاه (أنا ومن بعدي الطوفان) وكادري أولاً وللآخرين الرجاء والتعسي.. إن هكذا منطق لهو استفزازي إلى أقصى مدى، كما أنه يضع علامة استفهام كبيرة على السلطوي الذي أنتقل من معارض كان يشكو الإقصاء، إلى إقصائي يشتكيه الآخر، ومكامن الثورة وتجليات الوطن لا تحفل بكل هذا، وتطالب القوى الحزبية الارتقاء بوعيها إلى مصاف ما هو إنساني يؤمن بالآخر وحقوق المواطنة وحقه في التميز والشراكة المجتمعية.. فهل تقدر (أحزاب المشترك) على ذلك؟ المستقبل القريب يجيب على هذا التساؤل..

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد