;
د/ عبدالله الحاضري
د/ عبدالله الحاضري

الوضع القانوني للفرقة الأولى مدرع أثناء المراحل الثورية 1721

2012-04-02 11:01:20


مُنذ أن اندلعت شرارةُ الثورة اليمنية المباركة والفرقة الأولى مدرع ترقُب عن كثب كل أحداثها وإيقاعاتها اليومية فقد أدرك قائدها اللواء/ علي محسن صالح أن هذه الثورة ستضع اليمن على مُفترق الطرق وأنها بِصدد إحداث تحوّل تاريخي نوعي لم يشهده الشعب مُنذ عصور, بمنهجيتها وسلميتها وتوقيتها الزمني ونوعية الأفكار التي كان يحملُها الشباب الثائر وكذلك طبيعة المُتغيرات الدولية المواتية للثورة.
كُل هذه المعطيات جعلت الفرقة وقائدها أمام محكّ حقيقي فواجباتُهم كعسكريين تُحتّم عليهم الانضباط والطاعة للقيادة الشرعية العسكرية وفي نفس الوقت تُحتّم عليهم واجباتهم الوطنية والأخلاقية الوقوف مع الشعب في ثورته، فكانت معادلةً صعبة تفرضُ عليهم المُفاضلة وترجيح أحد الأمرين.. ومع استمرار إيقاع الثورة السلميّ التزمت الفرقة وقائدها بالواجب العسكري وفي نفس الوقت كانوا يرقُبون المُتغيرات على مستوى الإيقاع التكتيكي اليومي للثورة وطبيعة تعامل السلطة السياسية معها ولطالما ضغطت السُلطة السياسية على قيادة الفرقة كي تتدخّل بقوة السلاح للقضاء على الثورة بالاشتراك مع وحدات عسكريه وأمنية أُخرى، بحُكم القرب الجغرافي للفرقة من ساحة الثورة بصنعاء، غير أن قائد الفرقة كان يرفض هذه المنهجية والنمط في التعامل مع الثورة خاصةً والثوار مُلتزمون بمنهجية السلمية وعلى نفس السياق كان يُحاول إقناع السلطة السياسية بعدم اللجوء للعُنف مع الثّوار وعدم استخدام الآليات العسكرية والأمنية ضدّ الشعب, وكُلما زاد إيقاع الضغط الثوري زاد ضغط السلطة على الفرقة وقائدها للتّوجه إلى الساحة الجامعية والقضاء على الثورة باستخدام العُنف وقوة السلاح ويبدو أنه لم تُجد نصائح قائد الفرقة للسلطة بعدم اللجوء للعنف، ذلك أن السلطة كما تبين فيما بعد حزمت أمرها وخياراتها واتّجهت صوب الحل الأمني والعسكري للقضاء على الثورة، مُستبعدةً بذلك الفرقة الأولى مُدرّع ولجأت إلى استخدام وحدات عسكريه وأمنيه أُخرى، فبتاريخ 18-3-2011 ارتكبت السلطة مجزرة الكرامة بحقّ الثوار فأدركت الفرقة أن هذه المجزرة وضعتها يقيناً أمام خيار تاريخي أمام الله والشعب، فإما أن تكون مع السلطة في خيارها أو أن تكون مع الشعب في خياره ذلك أن السلطة بهذه المجزرة ارتكبت جريمة دستورية موصوفةً بالخيانة العُظمى للشعب الذي خرج في ثورة سلميـة ولم يرتكب مخالفة أو جريمة ما تستدعي من السلطة السياسية ذبحهُ بهذه الصورة المشينة وبذلك لم يعد للرئيس الذي يُعتبر القائد الأعلى للقوات المسلحة الحقّ بعد هذه الجريمة في إصدار أوامر عسكرية وكان الأصل القانوني أن جميع وحدات القوات المسلحة أصبحت في حِل من أمرها ولم تعد طاعة القائد الأعلى للقوات المسلحة وفقاً لأحكام المادة( 111 ) واجبة بل إن رفض أوامر العسكرية هو الواجب قانوناً وعاشت الفرقة بجنودها وضُبّاطها وقائدها بعد هذه المجزرة أحلك وأصعب أيام حياتِهم على الإطلاق فلم يكُن قائدها بطبيعة الحال يعرفُ النوم وكان الضُبّاط والأفراد يرتقبون قراره وهم يعلمون أن طبيعة هذا القرار سيُغيّر كُل شيء في حياتهم، إما أن يكونوا في الوجود أو العدم غير أن معرفتهم بقائدهم وحنكته جعلتهم في هدوء وطمأنينة نفسية فمهما كانت طبيعة هذا القرار فسيتقبلونه بصدرٍ رحـب فهو لم يخذلهم في يوم من الأيام وفي قرارة أنفسهم نحنُ معك حتى الموت، فهو في كُل مراحل حياته مع الشعب ولم يعش يوماً ما لنفسه.
وبتاريخ 21-3-2011م أتخذ قائد الفرقة الأولى مدرع قائد المنطقة الشمالية الغربية أصعب قرار (في تصوري) في حياته على الإطلاق، اختار أن يكون مع الشعب وفقاً للدستور، فأعلنَ عبر قناة الجزيرة تأييده للثورة وأنه مُلتزم بحماية الثوار والساحات في خطاب تاريخي يغلبُ عليه الصبغة القانونية الاحترافية صاغهُ اللواء/ علي محسن بنفسه هذا الخطاب جعل الفرقة وقائدها في وضع دستوري مثالي صحيح وفقاً لأحكام المادة رقم ( 36 )( 40 ) من الدستور، فالقوات المسلحة هي مِلك للشعب ولحمايةِ الشعب واستخدامها ضدّ الشعب جريمة دستورية وخيانة عُظمى للشعب ويجب الخروج وعدم تنفيذ أيّ أوامر عسكرية ضدّ الشعب، فالتزمت الفرقة وقائدها بالدستور وكذلك الوحدات العسكرية التي انضمت للثورة هذا الوضع القانوني الجديد الذي صنعهُ خِطاب على محسن صالح شكّل مراكز قانونية عسكرية جديدة وحدات عسكريه التزمت بالدستور فهي شرعية وبذلك تم توصيفها قانوناً بأنها قوات أنصار الثورة وقائدها بقائد أنصار الثورة ووحدات عسكرية أخرى التزمت بالولاء الشخصي للرئيس فهي وحدات خارجة عن الشرعية الدستورية.
ومع استمرار الزّخم الثوري أسقط الشعب الدستور عملياً ولم يعُد له وجود إلا للاستئناس فأصبحت بذلك الشرعية الدستورية بيد الشعب كاملة والوحدات التي لم تنضم للشرعية الجديدة لا يُمكن توصيفها إلا أنها وحدات عسكرية خارجة عن الشرعية الدستورية الشعبية ثم جاءت المبادرة الخليجية لتعُلّق الدستور نظرياً وعملياً نهائياً وتخلق وضعاً قانونياً جديداً للوحدات العسكرية، فبعد التوقيع عليها أعلنت الفرقة التزامها بنصوص المبادرة مادامت تُمثل رغبة الشعب وبذلك جسّدت سياسياً وقانونياً وعسكرياً إرادة الشعب التي ربطت مصيرها بمصيره فيما ظلّت بقية الوحدات الأخرى تدين بولائها لشخص الرئيس، خارجةً بذلك عن الحالة القانونية الطارئة التي شكلتها المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن رقم (2014) واضعةً بذلك نفسها تحت وصف الخروج عن الشرعية الدستورية الشعبية واستمرار ولائها لشخص الرئيس ولم تعُد مملوكةً لشعب.
 وبعد انتخابات 21فبراير تغيّر المركز القانوني للفرقة نهائياً فقد اشتركت الفرقة وقائدها مع الشعب في انتخاب الرئيس وأعلنت أنها خاضعةً لقراراته، مُبيّنةً بذلك أن الرئيس المُنتخب حاز على الشرعية من الشعب وهي مع شرعية الشعب وفي نفس الوقت ظلت الوحدات العسكرية الأخرى تدين بالولاء لشخص الرئيس السابق رغم المُتغيرات القانونية وأصبحت بذلك أشبه ما تكون بالشركات الأمنية الخاصة..
لقد أردتُ من خلال هذا السرد المُقتضب القول إن الفرقة الأولى مدرع هي القوه العسكرية الشرعية التي بيد الشعب وتدين بالولاء الكامل للشعب ولِمنْ وضع فيه الشعب ثقته ولهذه الأسباب القانونية، الفرقة موجودة وجوداً قانونياً في كافّة مراحلها التاريخية، خاصةً في المرحلة الثورية الشبابية الشعبية السلمية وتستمد دوماً شرعيتها من الدستور أو من الشعب مُباشرةً في الحالات الإستثنائيه ولا تؤمن بالولاءات الشخصية لأنها تُدرك أن في ذلك دماراً على الأمة, فعلى أي مشروع عسكري قادم مهما كان طبيعة مُسمّاه أن يُدرك هذه الحقيقة القانونية و يحاول أولاً إدخال الوحدات التي وقفت ضدّ الشعب ضمن الشرعية الشعبية القانونية ألقائمه الآن وإنهاء حالات الولاءات الشخصية التي تُشكل خطراً حقيقياً على الجيش وعلى الشعب نفسه .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد