;
محمد اللوزي
محمد اللوزي

الوطن.. بين ممكنات الراهن ومستحقات القادم 1855

2012-04-08 03:24:43


علينا أن ندرك بداية: أنه لا ديمقراطية بدون ديمقراطيين، وهذا الإدراك لا يعني أن المسألة قابلة للاستيراد والتصدير، أو هي عملية سحرية نقدر في لحظة نمارس الوعي بالديمقراطية.. ما إلى هذا أذهب ولكني هنا أشير إلى أن الديمقراطية تنوجد كوعي وممارسة من خلال رؤية شاملة للحياة في المنزل والمدرسة والعمل ومن ثم الدولة بمؤسساتها التشريعية.. بمعنى أنها عملية تكاملية وإشكالية متداخلة لا يمكن أن نفصل أي منها عن الآخر لما في ذلك من تشويه للديمقراطية، لذلك فإن من موجبات الوعي بالراهن تقتضي إصلاحاً في بنية المجتمع والدولة على حد سواء، فالديمقراطية في المدرسة على سبيل المثال تكون من خلال علاقة التلاميذ بمدرسهم دونما رهبة وقمع كما تكون بين المدرسين ومدرائهم في البحث عن أنجع سبل التربية دونما إملاءات وتوجيهات جاهزة، وهكذا العملية تقوم على الاحترام للآخر وحقوقه في ظل القوانين والأنظمة المنظمة لذلك، وبذات القدر في العلاقات الأسرية القائمة على التربية السوية للأبناء وإطلاق طاقاتهم والإعتماد على ذواتهم والتعبير عن قدراتهم؛ هذا يعني أن المسار الديمقراطي التحولي لاينبني على قرارات ومراسيم تصدر وتطبق ،ولكن الأمر يحتاج إلى سنوات طوال من الوعي بما يجب عمله في هذا الإتجاه ونحن هنا لا نبرر للدكتاتورية ما إلى هذا نذهب ولا نحبذه ،إنما أردنا أن نقول :بأهمية تصور وضع شامل لكيفية إحداث تحول ديمقراطي في بنية المجتمع اليمني القائم على المنهجية والعلمية المدروسة،وعلى استيعاب واقع الحال الذي نعيشه ومكامن الإخفاقات لنتجاوزها ،فلقد مضى زمن ليس بالقصير ونحن نعيش الديمقراطية شعاراً لا لون له ولا طعم ولا رائحة، كونها على أرض الواقع كانت مفقودة ومعطلة ومجرد غطاء للديكتاتور ولم تكن سوى نصوصاً في الدستور والقانون وهي نصوص غير مرعية الجانب ولا نجد انعكاساتها على أرض الواقع، وهو ما أدى إلى إخفاقات عديدة في مجالات البناء والتنمية وإلى الإستئثار بالسلطة وصولاً إلى التسلط والقمع في ظل نصوص دستورية لا تجيز هذا الأسلوب وتجرمه القوانين ..وإذا ما نريد طرحه هنا أن المتغير الثوري الذي قدم نفسه بوثوقية لم يكن اعتباطياً أو تقليداً لثورات الربيع العربي كما ذهب إلى ذلك النظام السابق، قدر ما هو حاجة ملحة فرضتها التحولات على الصعيدين الداخلي والخارجي، بمعنى أنها تحولات معاصرة تفتح زمناً جديداً يواكب المتغير العالمي عبر ما يسمى العولمة بمنطقها المعبر عنه في المعلوماتية كفضاء متاح يحدث تثاقفه وقدرته على التغيير ويحدث التفاعل المطلوب والضروري للعيش في العصر.
وهنا لابد من القول أن فهم الآخر وممكنات حضوره عبر التكنولوجيا التي يمتلكها ويعمل على تصديرها إلينا يحتاج إلى فهم عميق لإستيعاب الوافد أولاً والتعامل معه بروح الأصالة والمعاصرة في آن واحد.. وهنا يمكن حدوث التحول إلى الأفضل على أن يتواكب ذلك مع العامل الداخلي الرافض للإستبداد والقهر والطغيان من خلال الاشتغال بمسؤولية على تأكيد الديمقراطية، ليس من خلال الانتخابات وحدها كما كان عليه النظام السابق الذي أرادها ديمقراطية مزيفة يكرس نفوذه من خلالها ويواصل قمعه لنقع على أرقى أشكال الاستبداد باسم الديمقراطية.. ولكن من خلال تغيير شامل لكل ما هو سلبي وإلى تغيير عميق يبدأ من المناهج الدراسية وحتى طريقة التداول السلمي للسلطة والتعامل بين أفراد المجتمع وسيادة الدستور والقانون وإلى احترام الفرد في إطار المجتمع والوحدة في إطار التنوع وإلى خلق علاقات مبنية على الشراكة الوطنية واحترام الخصوصيات وقيم المواطنة المتساوية والاستفادة من الإخفاقات في التعددية السياسية والحزبية في السابق وتحفيز المجتمع لأن ينظم نفسه في إطارات وتكوينات يكون فيها فاعلاً وحاضراً ومعبراً عن ذاته وقدراته وإمكانياته وعلى قواعد السلوك الديمقراطي الصحيح، دونما استئثار أو إقصاء وتهميش، يكون الوطني وحده المهزوم قبل الفرد، كما لابد من العمل بهدف إيجاد رأي عام يقظ قادر على التصدي للسلبيات ونقدها ودحرها، وصحافة حرة تترسخ فيها قيم احترام الآخر والمعلومة الصحيحة وبروح المسؤولية والنزاهة واحترام القوانين.
ومن المهم هنا الإشارة إلى أهمية الإعلاء من قيم التنافس الشريف في كسب الرأي العام بعيداً عن التجييش العصبوي والقبلي والعشائري وإيجاد تشريعات حقيقية ورادعة تجرم كل ذلك، وكل من يعمل على استغلال الإنسان بحكم حاجته في التأثير على الانتخابات وإخراجها من أن تكون صحيحة ونزيهة وتمثل رغبة المجتمع لصالح القادرين على دفع الرشى وشراء الأصوات.. إن كل ذلك بات اليوم في زمن جديد مطلوب الوعي به ،وفي تقديرنا أن الرئيس (عبد ربه هادي منصور) رئيس الجمهورية الذي انتخبته الجماهير بطول البلاد وعرضها بات اليوم وبقوة الإرادة الشعبية يمثل الوحدة الوطنية في أروع صورها ،كونه جاء من أصوات الملايين التي اختارته بمحض إرادتها وأكسبته القوة والشرعية الكاملة وزيادة أنه عن قناعة متفق عليه من الشعبي العام وأحزاب المشترك والقوى الوطنية الأخرى.. وإذاً هو يمثل وحدة وطنية وهو يمتلك كامل الصلاحيات الدستورية ،ولم يعد من المستساغ أو من المقبول الإدعاء أن ثمة توافقات سابقة ينبغي السير فيها، فرئيس الجمهورية هنا في النظام الجديد الذي خرج الشعب من أجله معني بإحداث نقلات نوعية تقوم على رفض كل أشكال الظلم والاستبداد والطغيان ،وعلى إقصاء القوى التي تعيق مسار وطن وتطلعات شعب ،ولن يكون لأحد أحقية حماية فساده وثمة ضرورة للنهوض بالوطن من واقع مزرٍ طال ،وبلا شك الرئيس/ عبدربه منصور، يرفض قطعياً أن يكون مظلة للفساد وأهله، فلم يكن في يوم من الأيام هكذا.
وهنا نعول عليه أن يتخذ القرارات الصائبة التي لابد أن ينجزها بما يعبر عن قوة الشرعية وعن هموم كل اليمانيين وطموحاتهم في البناء والتغيير، كما أنه جدير بنا القول: إن الشرعية التي حازها الرئيس التوافقي (عبد ربه منصور هادي) تتمثل في أن الشعب يريده بكامل صلاحياته، وليس كما يريد النظام السابق البقاء في ذات الآلية العقيمة ومخرجاتها من الفساد، فهذا يتقاطع بالكامل مع إرادة الناخبين الذين يريدون شراكة وطنية ومواطنة متساوية تقوم على تنمية قدرات المجتمع وإطلاق الطاقات ومواجهة مشكلات التخلف بمنهجية ودونما عشوائية وارتجالية تخلق فجوات حقيقية بين محافظة وأخرى، بل وبين حارة وأخرى وقرية وقرية، وعلاوة على ذلك مطلوب تطوير النظم وتطبيق القوانين وجعلها أكثر احتراماً لحقوق الإنسان وحرياته.. هذا يعني التالي:
1. مساهمة القدرات العلمية والفكرية في رسم السياسة العامة.
2. هيكلة بنية النظام السياسي وإعادة صياغته على الوجه الذي يتسق مع المشاركة الشعبية الواسعة والمواطنة المتساوية.
وبلا شك أن السلطة شرعيتها في اتخاذ وتطبيق القرارات التي تعمل على تطوير البناء التنموي الشامل المادي والفكري على السواء، كما تمنحها قوة العمل بالقانون وصياغة إرادة الجماهير في الوعاء القانوني من خلال التعرف على حاجيات وأولويات المجتمع في النهوض والتحول.
والواقع أن الحفاظ على مكونات الوطن وتحفيز الجماهير لعملية البناء وإعادة اللحمة الوطنية التي عمل على تجزئتها النظام السابق وفهم أبعاد الواقع على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، يقتضي حواراً وطنياً شاملاً مبنياً على الرغبة الحقيقية في إحداث منعطف تاريخي مهم في الوطن اليمني وهي فارقة مفصلية وتاريخية حازها بجدارة (عبدربه منصور) وتمنحه الحضور الوطني الكبير الذي عجز عن البقاء فيه والحفاظ عليه النظام السابق.. ذلك أن صناعة النصر ليس في تحقيقه وإنما في الحفاظ عليه وتناميه.
وهنا يكون النظام الجديد معنياً بالنهوض الحضاري الشامل المعبر فعلاً عن دولة مدنية حديثة طالما كانت مطلباً وهي الآن أكثر إلحاحاً من ذي قبل وضرورة تقتضيها تطورات الحياة وطبيعة العصر الذي نعيشه، هذا التطور الذي ينبغي أن يصاغ في أنظمة وقوانين، وقبل هذا توصيف حقيقي لماهية المشكل اليمني وتقديم معالجات صحيحة من خلال دارسين مختصين وقوى نخبوية مثقفة، بما يعني أن على السلطة السياسية ممثلة في رئيس لجمهورية (عبدربه منصور هادي)، أن تركن إلى أسس وقواعد منهجية صحيحة لبناء الدولة المدنية الحديثة.
وهنا لابد من التأكيد على إتاحة الفرص بين الجميع ولعل التدوير الوظيفي يجيء في هذا السياق كما لابد من تفعيل الرقابة والمحاسبة وعلى ضرورة اشتغال مؤسسات الدولة وفق خطط مدروسة وتنفيذها بعيداً عن الشعاراتية الممجوجة وتزييف الواقع والأرقام ومؤشرات البناء بهدف خلق هالة للرئيس كما النظام السابق، فالانتقال من مرحلة العناوين الكبيرة الفضفاضة إلى مجالات العمل واستثمار القدرات والإمكانيات المادية والبشرية، بات اليوم ملحاً للتخلص من موروث محق الحياة كلها، وأنتج قيماً سلبية تكرس الفساد والتخلف وتعزز من تواجد القوى الانتهازية على حساب كيان وطني كبير وعلى حساب هوية حضارية كادت أن تدمر، لأن ثمة من ركب موجة الوصولية وعمل على توسيع قوى النفوذ حتى وصل الأمر إلى ما نحن عليه "جيش مع وطن وآخر مع نظام سابق وشعب يبحث عن خلاص من واقع غير ناهض مليء بالاستبداد".
وإذا فإن مهام القادم ليست منوطة بالرئيس وحده قدر ما الكل معنيون، مجتمع مدني ومؤسسات دولة وأحزاب سياسية وقوى مجتمعية أخرى، جميعهم لابد أن يدركوا أهمية واجبهم في عملية التحول النهضوي الذي لابد من إنجازه، وجميعهم مطالبون بالعمل دونما الوقوع في الأهواء والانتفاع والأنانية والاستعلاء.. هذا ما هو ملح اليوم وما ينبغي العمل من أجله ليكون الكل طاقة فاعلة وشراكة وطنية للقضاء على التخلف بكل أشكاله ومضامينه، ويبقى القول هنا: إن الوطن لا يمكنه الارتهان إلى ما يقيد حركته في المسير إلى الأمام، ولا يمكن أن يبقى الفساد باسم التوافق ومبادرة الخليج هو الذي يعيق وطناً بأسره، وأي تقاعس عن أداء الواجب هو خيانة للدماء وللساحات وللجماهير، كما أنه يقف أمام شرعية دستورية ناجزة لا لبس فيها، بل إنها شرعية لم يحدث أن تحققت كما انتخابات (عبدربه منصور هادي) في تاريخ اليمن المعاصر، وهنا فقط تكتسب السلطة السياسية قوتها وفاعليتها من جماهيرها الملتفة حولها المنادية بها المعبرة عن تطلعاتها في شخص رئيس الجمهورية، وليس لأحد أن يرد عقارب الساعة إلى الوراء وقد قيل "التاريخ لا يعيد نفسه" وإن فعل ذلك، إنما هو كمن يتقيأ التاريخ.
 إذاً عنوانه وطن ناهض وقوي وشرعية دستورية ودولة عدالة وحرية ووحدة وطنية ولا يمكن لأي كان أن يعمل خارج هذا الوطني، وإن فعل ذلك إنما هو كمن يقفز في الظلام، فالشرعية الدستورية تترسخ، إذاً من تحمل كل مهامه ومسؤولياته ومن تفعيل دور الرقابة والمحاسبة وجعل الدستور محطتنا التي ننطلق منها في صياغة يمن جديد ودولة مدنية حديثة ومواطنة متساوية وشراكة مجتمعية تتحقق في احترام الجميع للحقوق والحريات.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد