;
فواز العبدلي
فواز العبدلي

الحوار الوطني والمعالجات الجزئية 1697

2012-05-02 03:34:39


هل باتت أهمية الحوار الوطني في الوضع الراهن بمثابة ضرورة ملحة لجأ لها الفرقاء وبعض المكونات الثورية الأخرى عندما شعروا أنها الوسيلة المناسبة التي توصل لها غالبية الأطراف بقناعتهم الذاتية النابعة من إلحاحهم التوافقي كحل طارئ للحد والتخفيف من حدة الاحتدام السياسي والعسكري والخروج بالوطن من معترك الصراع الذي يدفع ثمنه المواطن العادي كأدنى عقاب أنتجته الأزمة المحدقة .
إن المشهد السياسي القائم حالياً يكتنفه شيء من الغموض والضبابية في الوقت الذي يرى البعض ما يقوم به الساسة ما هو إلا تأدية أدوار لسيناريو تم الإعداد له مسبقاً, كما أيضاً يعتقد البعض الآخر أنما يحصل اليوم هي ثورة حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى كان الشعب اليمني بأمس الحاجة ها نظراً للمعاناة التي مر بها، ناهيك عن التدني الملموس في كل الجوانب الحياتية لاسيما الجوانب التي تمس حياة الموطن كالجانب الاقتصادي الذي يعد أقرب الأسباب الي جاءت على خلفيته الثورة التي نحن اليوم بصددها.
نحن شباب الثورة خرجنا إلى الساحات كغيرنا ممن شاركوا في الثورة ولكن كان موقفنا واضحاً إزاء الثورة، باعتبارها غاية في الأهمية وقضية مصيرية تحمل في طياتها هم وطن نُهبت ثرواته وثراؤه واضطهد مواطنوه، فأصبح الموطن اليمني محتقراً في الداخل والخارج رغم جدارته وحكمته المشهورة كما جاء على لسان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم (الإيمان يمان والحكمة يمانية ) .
لعل من المفيد ومما لا يدع مجالاً للشك أن الثورة الشبابية جاءت من أجل بناء نظام والذي نحن اليوم بصدد رسم ملامحه وإرساء قواعده السياسية والاقتصادية والفكرية وليست كما يعتقد البعض أنها جاءت من أجل إسقاط النظام ونحن نعرف جيداً أنه لا يوجد أساساً نظام واضح المنهجية، لأن التصرفات التي مارسها النظام السابق على أبناء وطنه جعلتنا نواجه صعوبة كبيرة في عدم القدرة على تصنيفه، رغم أننا نعرف جيداً أنه نظام شكلي وهذا يعنى بالطبع أن الثورة الشبابية التي نعيشها اليوم جاءت من أجل إسقاط اللانظام وليس النظام ولو كان هناك نظام حقيقي لاستطعنا حقاً إسقاطه في الوهلة الأولى من حياة الثورة المجيدة .
كان الأجدر بالساسة الكرام من خلال فهمهم للواقع السياسي أكثر منا أن لا يدعو مجالاً للتحاور مع شبه النظام وهم يعلمون كل صغيرة وكبيرة عنه، مع هذا لم يتوقفوا عند هذا الحد، فظلوا يبررون مواقفهم من الحوار ويعتبرونه ضرورة لابد منها إذا ما أردنا الاستقرار، أي استقرار تتحدثون عنه والوطن يعيش تحت رحمة القصف العشوائي المتعمد من قبل جنود العائلة, ومحطات الكهرباء تضرب بين الحين والآخر؟ كيف لنا أن نتحاور مع من لا يعترف أساساً بالحوار ولا يعي معاني الديمقراطية وآلية انتقال السلطة؟ يا سادة يا كرام أنتم في هذه الحالة لا تختلفون كثيراً عمن يتحدث إلى الأصم الذي لا يسمع الدعاء.
 حقيقةً رضوخ الساسة وقبولهم بالحوار كانت ضربة موجعة في ظهر الثورة، فقبولهم بالمبادرة الخليجية كان اعترافاً ضمنياً بالنظام السابق وإعادة إنتاجه من جديد بقناع حديث بعد أن كان يتمنى في بداية الثورة أن يرى بصيص أمل أو يجد نافذة صغيرة يصل بها إلى التحاور مع الشباب، لكن الشباب رفضوا ذلك في الحين الذي كانت دماء الشهداء مصونة ولم تسقط قطرة واحدة, كان من الأفضل القبول بالحوار في تلك الفترة وليس اليوم بعد أن قدمنا مئات الشهداء وآلاف الجرحى .
نحن شباب الثورة لا نلتمس العذر لمن يبررون أن الفعل الثوري كان سيكلفنا ثمناً باهضاً، هذا خطاب هزيل نرفضه جملة وتفصيلاً ونعتبره خيانة للتضحية التي قدمها الشهداء، لأنهم قدموا دمائهم رخيصة من أجل تمهيد الطريق أمامنا لنكمل المشوار وليس من أجل المبادرة الخليجية أو الحوار بصرف النظر عن الكلفة التي كان من المحتمل تقديمها, مثل هذه الأفكار لم تكن حاضرة في أذهاننا في اللحظات التي كنا نخوض فيها معركة الموت بصدورنا العارية وأنتم أيها الساسة تمضغون القات والكلام في قاعات المؤتمرات والغرف المغلقة وتضربون الأخماس بالأسداس وتبنون توقعاتكم على أسوأ الاحتمالات ونحن ليس لنا إلا احتمال واحد ننتصر أو نموت.
أيها الكرام إذا كنتم تتعاملون مع ما يحدث اليوم وتعتبرون هذا الحدث التاريخي أزمة سياسية نقول لكم إن أزمة اليوم ما هي إلا امتداد لأزمة دخلت عامها 34، فكل المعالجات الجزئية القائمة ما هي إلا مسكنات سينتهي مفعولها في أي لحظة وإن الغرض من الحوار ما هو إلا استهداف لأهم شريحة فاعلة هي شريحة الشباب وإفراغ مشروعهم النضالي من الحماس الثوري, حقيقةً إذا لم تلب تلك المعالجات ولو الحد الأدنى من طموحات الشباب وهو إسقاط ما تبقى من أفراد العائلة ومحاكمة القتلة والمجرمين ستكون تلك الحلول مرفوضة, لا نريد أن يكون الحوار الوطني مجرد صورة شكلية تتحكم بتفاصيله الدول الداعمة، لا نقبل بأي حال من الأحوال أن يدار الحوار بهذه الكيفية الافتراضية وإذا كانت أحزاب اللقاء المشترك تحبذ ذلك عليهم أن يدركوا جيداً أن الثورة لا زالت مستمرة وستشمل كل من يحاول المساس بها أو ينوي محاولاً حرف مسارها .
نحن شباب الثورة لسنا مغالين ولا متحيزين لفئة أو حزب، نرفض الإملاءت بأي صورة كانت والكل يعرف ذلك، خرجنا إلى الساحات ليس بحثاً عن مناصب أو مكاسب سياسية، ليس هذا ما خرجنا لأجله, أهدافنا سامية ومن حقنا أن نتحرى ونتطلع إذا ما أردنا أن ندرك الأبعاد السياسية التي ترتبت عليها أدبية الحوار في حال استدعائنا للمشاركة والأهم من ذلك إذا ما أتيحت الفرصة أمامنا للمشاركة لا نقبل بأقل من شركاء وليس تبعيين بحيث يكون لنا حق القرار في الحوار.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد