;
محمد اللوزي
محمد اللوزي

وطن مفتت في قضاياه 1802

2012-06-05 03:28:44


القضية الجنوبية، القضية التهامية، القضية الصعدية، القضية التعزية، الحراك.. ويتحول الوطن إلى مفتت في قضاياه وإلى تجزئة في المطالب ومن شمال وجنوب إلى محافظات إلى أقل من ذلك إلى حارات، والأقسى والأمر أن المثقف يتبنى هذه اللغة المشروخة الإنهزامية المقولبة الفاصلة بيننا وبيننا.. ونسأل ما الذي يجري فينا؟ وإلى أين بقضايا ليست كما القضايا التي نحتاجها؟، ويأخذنا المعنى إلى حالاتية وإلى ضيق بالآخر وإلى تحدي وطن وهمجية أيضاً.. وكأن الآخرين هم النعمة والاستبداد.. هكذا مثقفون يقرأون الوطن تشرذماً ويزيدونه تحدياً وقهراً، ونبقى نحن نلاحق التعب اليومي ونشد الرحال إلى قضايا من يريد البروز على حساب شعب، قضيته فساد وظلم وجور واستبداد،وهي واضحة وواحدة ولا تحتاج إلى مزايدات وهروب من مواجهة الحقيقة، ولا إلى مثقف أناني استعلائي يرى الوطن مجسداً في منطقته، وكأننا لا نستحق العيش والوطن الواحد،ونظلم أنفسنا وندعو علينا (ربنا باعد بين أسفارنا).
هكذا يبدو الواقع اليوم مؤلماً وغير قابل للتعافي مادام وثمة مثقف يرتكب الإثم ويضع ما يريد على حساب الكل،لنبقى في حالات الاهتزاز الدائم وننتج ثقافة استلاب وقمع وثقافة هزيلة مريضة تريد أن تتبوأ الهزيمة مع سبق الإصرار والترصد،ونصير نحن نلاحق القضايا المتعددة والوطن المتشظي، في حين قضيتنا أن نكون بشراً أسوياء، وأصحاب تقوى وضمير وطني، وقضيتنا وطن نريده معافى ومبرأ من هكذا مرض نفسي متلاحق يقدم الحارة على شعب والقرية على وطن ويعمد إلى خلق (أثنية) من العدم وإلى برامج ضيق بالآخر من حيث المصالح الذاتية.ونرى وطناً يريد أن يبتلعه حزب، وحزباً يريد أن يبتلعه شخص، ونرى مزايدات لا تكف عن أذيتنا وكأن الشهداء ليسوا شهداء،والدماء التي سالت هي ماء، وهذا التغيير والثورة ليسا سوى (الكاميرا الخفية)، والوطن مشنوق في قضية واثنين وعشرة، ومن موقع إلى آخر،ومن مثقف إلى مثقف.
تتباين الرؤى ويتصدر المعاقون نفسيا قضايا حارتهم ويدعون بالمظلومية وكأن الآخر لا يحق له وهو يريد وطناً سليماً أن يقدم نفسه إلا إذا كان يتبنى تهامية أو تعزية أو جنوبية أو صعدوية.. وإذاً ماذا جرى للمثقف في بلادنا ؟أين مثقف الحب والانتماء؟ أين الأممي الذي كان لا يرضى بغير العالم تحكمه البروليتاريا ولا يتنازل عن وطنه ويحرص أن يكون في منأى من أي شبهة ؟وأين القومي الذي كان لا يرضى بغير الأمة العربية الواحدة ولا يقبل التنازل عن أي من قضايا الوطن الحقيقية؟ وأين الإسلامي الذي لا يقبل بغير الوحدة الإسلامية وفي ذهنه الوطن مقدمة لكل ذلك ؟ماذا جرى للوطن وقد أخذ العديد من مثقفيه يكبتونه ويحشونه شرذمة ولا يطيب لهم المقام إلا بميلاد قضية تجزئة.. لكنها ثقافة الموتى ومن يخترعون لأنفسهم زعامات ويتبنون وجهات نظر حد الارتزاق والظن بالآخرين أنهم لا يستحقون سوى القهر، ويبدأ كل ذلك من لغة النيل من الوطن والرؤية إليه من زاوية واحدة، ونخشى نحن أن تتطور القضايا لنبحث بعدها عنا في حالة إغماء وكثير من التعب وجاهزية الموت بفعل قضايا عديدة ليست سوى الخراب ما لم يكن هناك إنقاذ وطني لمعنى المعالجات فعلاً الخالية من أي لغة قاهرة ومظلمة.
لقد طالب الجميع بمواطنة متساوية ولكن ليس إلى حد الذهاب إلى تجزئة كيان شعب باسم قضية هنا وقضية هناك، فنحن نفهم المواطنة المتساوية، تكافؤ فرص، ونظاماً وقانوناً مطبقين، واحترام الحقوق والحريات،ولا نعرف قضية تشق الصف وتقسم وطن.. نستثني هنا جنوبنا فلهم كامل الحق في الذهاب إلى أبعد منا برؤية صحيحة وتعقل وصدق بعيداً عن مؤثرات خارجية وبحث عن قوى داعمة من خارج وطن على حساب وطن، نريد جنوبنا أن يقف بشكل صحيح مع قضيته،وتحديد فهم ماذا يريد أهلنا هناك بروح جماعية لا تغلب عليها مؤثرات شخص سافر كي يكون على حساب جغرافيا وإنسان، عدا ذلك ليس سوى متاجرة سياسية رخيصة تستهدف الوطن والدولة..والمواطنة المتساوية ليست التخلص منا لصالح المناطقية التي تطل بقبح على الشعب،وليست الضيق بالآخر والبحث عن قهره، مثل هذه المواطنة هي مقيتة، وهي كراهية وحقد وبطولة مزعومة، ولن نسير إلى حيث الإنتحار من خلال مثقف بذهنية مريضة ومأزومة واستباقية وتريد التنبؤ بالوجع، بل تخلقه لمجرد طمع ورحلة وشيء من الربحية التي نراها رأي العين ولا يمكن إنكارها وقد غدت فينا مطالب بائسة من تهامية إلى صعداوية، مساحة اللغة هنا تجرح، وتقلق، وتزيد المأساة.ونحن هنا نقول بصدق:
"إننا نريد وطناً موحداً معبراً عن ضمير كل اليمانيين، وطنا خاليا من قضية وقضية وقضية،ويبحث عن الواحد في التنوع،وليس الإلغاء، وعن الرؤية المهذبة المنتمية المكرسة لقضية وطن وليس شخوص يرهقون وطناً واستبد بهم الطمع والإفراط، فذهبو إلى مستوى الحاراتية وإلى التعصب المقيت وإلى اشتقاق لغة تحتفي بالرعب والإقصاء وتناول الشخوص لكونهم ليسوا هنا وهم من هناك.
إن هذا الألم الذي يطل عليه المثقف المهزوم نفسياً ينبغي أن لا نسمح بعدواه تنتشر وعلينا أن نوقف مهازل القضية حقي أنا، وماعدا ذلك ليس له أي حق، التنكر للآخر يخلق إنكاراً آخر بردة فعل غير مهذبة،وربما مرعبة إذا ما استمرت القضية هي تهميش الآخر على حساب الذات التي تريد الاحتواء والاستعلاء وتفرز عقداً متعددة من تهامية حوثية تعزية حراكية جنوبية شمالية.فهل يستوعب الوطن كل هذا المفرخ؟هل يقدر على التعايش بوجود أمية وتعصبات ومناطقية وقروية وتخلف ؟والمثقف البائس يريدها كذلك وصار لا يقبل الآخر محاوراً ويتجاهله مواطناً، ويقيم موائد التعصب والتهميش والإلغاء التي بسببها قامت الثورة وضد كل هذا.
وفي كل الأحوال ستبقى الثورة مغيبة عن أهدافها، والدماء مهدرة،والجرحى ينزفون،والشهداء مضحين، ما بقي العزف النشاز يحكم،وما بقيت شخصيات ودوائر في حزب (س أو ص)تتبنى هذا وتشجع عليه وتفرز عقدها من خلاله في استقطاب تكتل من داخل تكتل ومن يرقب المتحرك سياسياً لا يجده يبشر بثقافة سوية ووطناً قابلاً للتعايش، حيث نجد البعض من المثقفين اليوم أشد مضاضة من النظام السابق ونحن نراهم يتنادمون ويتحاورون ويشكون قضاياهم وحدهم ويعتنون بحاراتهم ويجيئون منها، فيما الوطن يعاني الكثير من التعب،ويعاني الخوف من شيوع المناطقية وقد تجسدت أكثر من ذي قبل، بفعل عوامل عدة داخلية وخارجية واتصال وتواصل مع قوى تديرها قوى، والمثقف قنوع بكل ذلك ويزيد من توسيع الرقع على الراقع. بهذا المعنى نننادي الضمير الوطني أن يكون الوطن قضيتنا،والحوار منطلقاً من هذا الفهم،ومن هذا الروح، وليس من اختراع مشكلة وإضافة أخرى للمتحاورين،لنجد أننا أمام مهزلة وأمام قوى كالحة يابسة تناور ولا تحاور، تتموضع في بؤرة الوجع وتنطلق إلى الأبعد في حالة من لا يقدر على التعايش مع الإنساني ويعاديه.. وإذاً نحن في قضايانا نمس ذواتنا ويمنيتنا ونقحم صراعات ليست موجودة وثارات وهمية بثقافة قضية تهامية وما بعدها وما بعدها وفي تطور متلاحق وبطولات فجة وزعامات تعنون المستقبل بالصعب المعقد، سيما والواقع مهيأ لكل ذلك، حيث الأمية والتخلف والفقر هم سادة التحكم اليوم والأكثر ألماً أن تمضي الأحزاب في سياق الشروخات ذاتها حين تتناسى دوائر فيها وهي مستحكمة التضحيات والتغيير كمطلب شعب، وتأخذ المسار في الاتجاه المعاكس وتفكر بروح مناطقية ابتزازية وإنتهازية، في حين ثمة ضرورة لإستيعاب المعنى الحقيقي للشراكة المجتمعية ومعنى تكافؤ الفرص، ومعنى المواطنة المتساوية في إطلاق الطاقات واحترام الآخر..والأحزاب لم تعد تمتلك هذه الثقافة وتتخلى عنها وتتخلى عن التزاماتها للثورة وللشهداء بمجرد الخطأ ولو بسيط...وإذاً ما هي برامج الأحزاب اليوم في مواجهة التحديات القادمة..وعناوينها قضايا دون قضايا؟ ما هي برامج الأحزاب في خلق وئام نفسي واتزان وتوازن في التعامل مع الآخر؟ ما الذي لديها من رؤية للمستقبل ؟كيف تواجه المثقف الإقصائي وثقافة التكتلات الحارتية؟ من أين تبدأ؟ وإلى أين تسير؟ ما موقعها من التعاطي مع قضية تهامية تعزية حراكية صنعائية صعداوية؟
هل تحدد مواقفاً أم تفتح تداعيات؟.. القادم اليوم مليء بالملبد وأحزاب المشترك وغيرها لا يمكن أن تدير الظهر وتجعل الوطن مجرد موقف في مقيل،لابد من استراتيجيا وطنية للتعامل مع المستقبل، لابد من محددات واضحة للأحزاب في التعامل مع القضية الوطنية، لابد من مواقف لا تقبل بغير الحوار الرقي الصادق وليس التأزيمي.. الأحزاب في الدولة معنية بالقانون، بالوطن للجميع، بقضيتنا واحدة، ما لم فهي الأخرى مشروخة ذهنياً ونفسياً.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد