;
محمد اللوزي
محمد اللوزي

دحباشي بهوى جنوبي 2056

2012-06-24 03:04:18


العبد لله دحباشي بهوى جنوبي، يروق له أن يرى الحالة الواحدة يمنية خالصة، على الأقل كي ينسجم مع ذاته وأن لا يجد ما يعكر عليه صفو هواه أو يعرقل تعايشه مع عالمه هناك وتواجده هنا.. والعبدلله له من الأصدقاء الكثر في الجنوب ما يفوق ربما الشمال على الأقل في الوسط الأدبي والإعلامي، وله من علاقات الحب ما يميزه ويجعل منه حالة محض جنوبية..
وإذاً نحن أمام معادلة وطن في ذات واحدة وتقاسيم هوى يختلط فيها المعنى الحقيقي لطبيعة الانتماء التي لا نستطيع الفكاك منها مطلقاً سواء أردنا أم لم نرد، فالحالة اليمنية واحدة وإن كابرنا أو حاولنا أن نغض الطرف عنها ونعلن بعض رغباتنا على كل هويتنا بعزف نشاز..
والحق يقال أن مابين اليمنيين هو مابين القلب والقلب وأن التمازج ليس وليد الأمس ولا وحدة 1990 أو حرب صيف 1994، ولكنه موغل في الزمن بحيث لا نقدر على الفرز أو أن نشير إلى هجرة شمالية للجنوب أو العكس، فالجميع تداخل في نسيج واحد، وإن كان ثمة وقفات مؤلمة في هذا التداخل، فإنها لا تعني إنهاء تاريخ وقطع حياة وكف شريان عن النبض، باعتبار أن الحياة اليمنية واحدة وأن التعب واحد والرغبة في الخلاص واحدة.. وهذا لا يعني أن يقف المرء ضد مستقبل بذريعة وحدة وطن، ما إلى هذا أقصد فأنا صاحب الهوى الجنوبي وقد برحت بي الصبابة هناك، أدرك جيداً أن على الجنوب أن يكون كما يريد إذا ما استقر على رأي واحد ولا سقف عندي مطلقاً لمطلب يقف عنده أهلي هناك، لكن بالمقابل أشفق على الحالة الوطنية في الفرز كيف ستكون ومن له حق المواطنة من عدمه هنا أوهناك، وهل سيكون (السودان) ماثلاً كتجربة أمامنا أم سنقع في ذات الخطأ، علماً أن المشترك اليمني أكبر بكثير من السوداني، على الأقل التزاوج والتناسب والأخوة والكفاح وووو......إلخ.. هذا أدركه جيداً وأعقله وخوفي على الجنوب أستمده من خوفي على الشمال، فحبي الممتد من هنا إلى هناك، قائم على الروح المنصهرة مع هذه الأرض والتعايش الحميمي وتباريح الهوى الذي تسكنني، بحيث استطيع القول: إن الهوى جنوبي بامتياز.. خوفي إذاً ليس قهرياً أو استعلائياً أو إقصائياً، ولكنه نابع من حب وألفة ومطارحة أشواق وعلاقات إبداع وحوارات ثقافية وفكرية ورغبة في التعايش الخلاق، وخوفي أن يحدث للدحباشي ما قد يرهق فعلاً الجنوبي وهو يحبه ويذهب معه إلى حد التنكيت على الكثير مما فينا علينا، وهذا التحاور والتلاقي الجميل مصدره تاريخ وحياة ممتدة ليست وليدة زمن قصير، ولكنها ألفة ذات معنى جسدتها حياة بشر قبلنا في النضال والكفاح والتضحية، ولا يقدر أحد بضربة لازب أن يفصل الروح عن الروح أو عن الجسد، المسألة ليست رغبات (س أو ص) من هنا أو هناك، ولكنها العضوية المشتركة التمازج القوي والتداخل بهوى الشمال في الجنوب وجنون الجنوب بالشمال.. وأعرف قبل الوحدة أن أستاذي في الثانوية والجامعة كان الأبرز جنوبياً وكان في مستوى الصديق، أستاذنا القدير الدكتور/ أبوبكر السقاف ونحن طلاب لديه في الجامعة وما بعد الجامعة، ولم نكن حينها نعرف معنى التشطير في ظل التشطير والبراميل، لم يفرز أحد أحداً واستقام الحب والحوار والضحكة الواحدة.. واليوم في ظل وجود هوية واحدة يبرز التباين المرهق المؤلم يحدث الشرخ العميق الذي يصيب العبد لله بالاكتئاب والبقاء في حالة الوجع اليومي منا علينا، وأسأل: هل كنا نحتاج إلى الاستقواء بفوهة بندقية ورصاصة لنعبر عن أن كل دحباشي مرفوض بالنسبة لبعض أهلنا في الجنوب؟ وهل وصل بنا الحال إلى هكذا تداعيات في ضرب الإنساني؟.. تساؤل لا أجد إجابته ومبعث التساؤل هو: كيف استساغ من ذهب إلى القتل مسألة البسطاء المضطهدين أن يكونوا الضحية؟ فيما هناك من يرتع ويلعب بالقضية الجنوبية في فنادق سبعة نجوم ولو وجدت فنادق 20 نجمة لكان فيها، فيما البسيط المقهور هو من يترجم رغبة القوى المتكسبة حراماً وضحية تجارتها الكالحة؟.. هذا في حد ذاته يصيب العبدلله الدحباشي بالدوار، إذ كيف يستسيغ البعض من الإخوة أن ينفذوا مخططاً قادماً من وراء جدر؟ والجميع يدرك هذا بوضوح، غير أنه كما يقال (غطى هواك فما ألقى على بصري)، فرغبة التخلص من شمالي تفوق القدرة على عقلنة الفعل والنظر إليه من منطلق قيم إنسانية، أو على أي ديانة كانت، ورغبة إحداث ضرر على مستوى الوطن، مبنية على نزق اللحظة وتأثيرات الخارج على الداخل، ولم تكن منطلقة من وعي ومن تفكير ومن تعقل ودراسة موضوعية لأي متغير قادم ممكن يصل إلى أي معنى سياسي حتى انفصالي.. فقط لابد من رؤية واضحة لا تخضع للأهواء والأمزجة والحالات الانفعالية التي يستغلها المرابون خارج الوطن ويقبضون مالاً وفيراً بعضه لتوسيع الحالة الانفعالية وليس مهماً إلى أين تؤدي؟ وما آخرها كما يقول البعض؟..
وإذاً العبدلله مع كل استنتاج حكيم وليس نزق وهو يخاف على الأهل في الجنوب بهواه هناك وما يجده حباً لا يكف ينهال عليه كالمطر ويخشى عليه من تباين ماحق، مبني على مزاجية وانفعالية.. وإذاً قبل هذا وذاك لابد أن يكون الحوار المترسخ قيمياً هو أساس الوصول إلى النتيجة أياً كانت، ولابد للحوار أن يبنى بروح حضارية وفق توصيف دقيق للحالة اليمنية وإلى أين تؤدي في نهاية أي خيار؟.. هذا على الأقل ما يجب العمل عليه والإيمان به..
وأنا هنا لا أريد أحداً أن يفهمني أنني أعرقل مسيرة وأقف أمام مطالب، فالعبد لله مستعد أن يكون أول من يتخندق من أجل الحرية والكرامة وتحت أي عنوان فقط برؤية سليمة لا تؤدي إلى انفجار كبير يضر وطناً بأسره، سببها من يتاجرون هناك في فنادق العواصم الأوروبية ويخططون على موائد المؤامرات ليس على الدحباشي كما يقال، ولكن على جنوب له نسائم البحر وهوى المبحر هناك في أمواج سارة تهب الروح ودها وتموج به في اتجاه الفرح وتجعله سروراً يقبل الغرام والشوق.. هذا على الأقل ما أجده في هواي الجنوبي وكم من هناك في الجنوب من ينوجدون في الهوى الشمالي ليغدو الاحتفائي هو الحب وليس منطق الرعونة وحالة انفعال تجر إلى دمار وحروب وإثم بمنطق المرابي، من يبيع قضية ويتاجر في الدم ويحلو له أن يكون موغلاً في الإثم.. تارة باسم الحرية وأخرى ضد قوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، ويتجاوز نصوصاً قرآنية وأحاديث نبوية وشواهد تاريخية ووطناً وهوية ليقع في رغبة بيض ومن خلف البيض وهنا آفة القضية..
وإذاً نحن نحتاج أن نكون بشراً أسوياء أتقياء أنقياء، لهم قلوب بشر وعقول يفقهون بها وتلك جوهر المسألة حتى لا يغدو الولوغ في الدم ندماً لوطن، وحتى يحترم الكل الكـل، فالشمال تاريخياً لم يكن في أي يوم عبر التاريخ ينظر إلى القادم من جنوبنا بغريب أو أنه في لحظة واحدة وفي مسيرة زمن نظر بدونية إلى حبه الجنوبي، أبداً كل هذا لم يكن ولم نجد أحداً تضرر من كونه جنوبياً والآخر شمالياً، وحتى الآن تبقى صنعاء فاردة ذراعيها بحب للجميع كما عدن أيضاً وإن وجد من يريد أن يجعلها بيئة طاردة للحب، فهو في هذا يراهن على الخسارة، باعتبار التاريخ أكبر من خدش مجموعة في مسيرته العظيمة أو فرد أراد مبتغاه على حساب حياة..
ويبقى القول: إن اليمن هي الطائر الجميل بجناحي الشمال والجنوب ولن تكون غير ذلك مهما تباينت اللحظات والمواقف بين حين وآخر، فهي مجرد عارض زائل لوطن مجسد في الحنايا وفيه ما فينا من أمل وألم وحب ونزق ولحظات ارتباك وأخرى انسجام.. هذا اليمن أكان واحداً أو اثنين، ففي نهاية المطاف لابد من حب وحب وحب وحب..
 
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد