;
د. سعاد سالم السبع
د. سعاد سالم السبع

من يحمي اليمنيين من استمرار الأخطاء الطبية على أيدي الفاشلين؟! 2275

2012-07-09 03:04:06


 ربما ما تطرق له (برنامج ملفات ساخنة) في الأيام الماضية على قناة اليمن من موضوعات فساد الصحة ليس إلا نقطة من محيط من فساد الملف الصحي الذي جعل كثيراً من المرضى في عداد الموتى أو المعاقين بسبب الإهمال وممارسة الأخطاء الطبية دون عقاب، فضلاً عن الفساد الذي جعل الإمكانات الصحية المتاحة في خدمة الفاسدين ومن يرضون عنهم، فحتى في المرض لا بد من وساطة لإنقاذ المريض، فإذا لم يكن المريض من أهل الوساطات، فلن يلتفت إليه أحد، وإذا حدث ومن عليه بعض الأطباء بالنظر في مرضه فهو عرضة للإهمال وحقل تجارب لممارسة الأخطاء الطبية من قبل بعض الأطباء الفاشلين..
   لقد صار حديث الناس في اليمن عند التعرض للمرض مليئاً بالرعب من أن يقعوا ضحية أطباء فاشلين يضيفون لعللهم عللاً أخرى بسبب جهلهم، أو أطباء مستهترين يعدون مهنة الطب مصدراً لسلخ جيوب المرضى بلا رحمة..
 في بلادنا كثر عدد من يدعون الطب وهم بعيدون عنه، لأنهم يحرصون على استغلال المريض أكثر من حرصهم على صحته، ويتعاملون مع مرضاهم بلا شعور بالمسئولية، وباستهتار يضاعف المرض ويصيب المريض في مقتل، فبدلاً من أن يُعالج المريض من مرض محدد يخرج من عندهم بأمراض متعددة وعاهات مختلفة، بسبب محاولاتهم الفاشلة في العلاج..
 المثير للغضب والألم معاً أن مثل هؤلاء(مدعي الطب) لا يبدون أدنى شعور بالندم أو حتى مواساة ضحاياهم، بل تجدهم يتجاهلون ما يحدث ويحاولون التهرب من مسئولياتهم إذا شعر المريض بما ارتكبوه في حقه، وإذا لم يشعر المريض بفشلهم وجرائمهم يستمرون في استنزافه لإصلاح ما أفسدوه بأيديهم، فلا يحدث تقدم في العلاج ولا يسلم المريض من الخسارات..
  للأسف بعض مدعي الطب الفاشلين يتسترون رسمياً بألقاب طبية ليست لهم علاقة بها، وشهادات لا يمكن أن تكون صحيحة، وإلا لكانوا يتمتعون بأخلاق الأطباء، لكن للأسف يدخل المريض منجذباً بلافتة مكتظة بالألقاب والتخصصات والنجاحات على باب عيادة مدعي الطب، ويكتشف المريض بعد فترة قصيرة من التردد على صاحب الألقاب أنه سلم نفسه لشخص لا يملك من معاني الطب أي معنى، بل يجد أمامه شخصاً جاهلا بمهنته متجردا من المعاني الإنسانية يستمتع بألم مرضاه، ويسخر من مخاوفهم، ويستهتر بملاحظاتهم، ويشارك في زيادة معاناتهم بتعريضهم لممارسات علاجية خاطئة تضاعف من معاناتهم، وتجعلهم نزلاء المصحات العلاجية في الداخل أو الخارج بقية أعمارهم..
   من لا يعرف شيئاًً عن حجم الأخطاء الطبية التي يعاني منها اليمنيون فما عليه سوى زيارة بعض المستشفيات وبعض العيادات الخاصة في الداخل والتحدث مع بعض المرضى الذين لا تمكنهم ظروفهم من الخروج للعلاج عن سبب أمراضهم وسوف يتأكد لهم أن معظم المترددين على المستشفيات يعانون من آثار الأخطاء الطبية واستهتار بعض الأطباء بحالاتهم، كما أن حصر عدد المرضى الذين يتوجهون للخارج لطلب العلاج من آثار الأخطاء الطبية يعد مؤشرا كافيا للحكم على أن الأخطاء الطبية صارت ظاهرة في اليمن..
 الأخطاء الطبية كثيرة في بلادنا، ولكنها غير معلنة بسبب عديد من العوامل منها: ثقافة العيب من إظهار العاهات، وعدم وجود جهة حماية سريعة يتجه إليها المريض وأسرته لإنقاذ المريض وأخذ حقه من المتسببين في عاهته وكف أذاهم عن بقية المرضى، ومنها انشغال المريض وأهله بالعلاج والخروج من أزمة المرض، ومنها شعور المريض وأسرته بالحيرة من كيفية مواجهة الطبيب المستهتر في ظل عدم وجود قانون يعاقب المتسببين في الأخطاء الطبية..
    ولكن ليس معنى ذلك أن يظل التستر على الأخطاء الطبية قائماً، فإذا كانت الدولة غير مهتمة بملف الأخطاء الطبية إلى اليوم، فإن الحق مع الضحايا وأسرهم أن يتحركوا بوسائلهم السلمية، وأن تكون البداية بالإعلان الصريح عن أسماء من دمروا حياة مرضاهم بارتكاب الأخطاء الطبية مهما كانت سلطتهم، لأن هناك عشرات إن لم نقل مئات من الناس يقعون يومياً ضحية أطباء جهلة متعجرفين غير مدركين لخطورة مهنتهم، وكثير من الأسر تسقط في شرك الفقر والديون نتيجة ما تدفعه من أموال لإثراء أطباء فاشلين ومستهترين يتخفون وراء لافتات وشهادات مزورة سمح لهم الفساد برفعها على أبواب عياداتهم بينما هم لا يملكون أي معرفة بالطب.
    لا بد من أن يتحد المرضى الذين وقعوا ضحية الأخطاء الطبية، ويشكلوا قوة تمنع استمرار هذه الأخطاء ضد مرضى جدد، لابد أن يتحدث الضحايا لوسائل الإعلام ليكشفوا جهل هؤلاء الأطباء ويحذروا المرضى منهم، لابد أن يتحرك ضحايا الأخطاء الطبية في كل مكان يجتمع فيه الناس وفي كل المناسبات ويعلنوا عن أسماء الأطباء والمستشفيات والعيادات التي تسببت في معاناتهم، لا بد من كشف الحقائق وتمكين الناس من المعلومات التي تبين حقيقة مدعي الطب في بلادنا مهما كانت أسماؤهم، لابد أن يتوقف هؤلاء الأطباء عن عبثهم، ولن يتوقفوا إلا بحملة تشهير بهم في كل مكان في اليمن ابتداءً من المدينة وانتهاءً بالقرية، ومن ناحية أخرى فلا بد أن يتطوع المحامون من أنصار حقوق الإنسان لانتزاع حقوق المرضى من المتسببين في مآسيهم وعاهاتهم..
  ظهور ضحايا الأخطاء الطبية مع أسر من توفوا بسببها في وسائل الإعلام وفي التجمعات البشرية في كل مكان هو الوسيلة السريعة لإيقاف استمرار الأخطاء الطبية على أيدي بعض الأطباء المستهترين في بلادنا، وبظهورهم بعاهاتهم سوف تجد الدولة دافعاً واقعياً قوياً لوضع قانون رادع لمن يمارس الخطأ الطبي ويستمر في الدجل على مريضه ويتهرب من تحمل مسئوليته..
 يجب أن يتحرك الضحايا أنفسهم للمطالبة بحقوقهم، وللحد من استمرار ممارسة الأخطاء الطبية على ضحايا جدد في ظل تعالي بعض الأطباء الفاشلين واعتقادهم أنهم بعيدون عن القانون!
    ملف الأخطاء الطبية في بلادنا يحتاج لنبش خباياه للحد من استمرار الأخطاء الطبية التي تتكرر كل يوم على يد الفاشلين، وإن أقل عقاب يجب أن يناله من يرتكب الخطأ الطبي أن يتم إيقافه حتى يتم التأكد من مؤهلاته ومن مهاراته، وأن يتحمل نتيجة خطئه مادياً ويدفع تكاليف علاج مريضه إن كان الخطأ يحتمل العلاج، ويدفع التعويض العادل لأسرة ضحيته إن كان الخطأ سبب الوفاة..
  لعل إعلان أسماء المتسببين في الأخطاء الطبية، يكون دافعاً لكل الأطباء-حتى الجيدين- لتطوير معارفهم ومهاراتهم، وعدم الركون لشهاداتهم وتجاربهم على المرضى البسطاء..
أستاذ المناهج وطرائق التدريس المشارك بكلية التربية – جامعة صنعاء suadyemen@gmail.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد