;
اللواء/ عبدالجليل أبو غانم
اللواء/ عبدالجليل أبو غانم

معركة البناء .... 1986

2012-07-10 02:35:20


بدا لي أن جيلنا نحن الآباء يقف على مشارف الغروب ويوشك على الانطواء، ولم يزل ينضح أحلاماً لا حدود لها تشمل الكون الواسع، وآمالاً تتعدى الأرض التي يعيش ويستقر عليها إلى الفضاء الرحب الذي يهم الإنسان بالتحليق فيه، إنها أحلام وآمال كل البشر وأمنياتهم على مر الزمن، وقبل أن يطويه الأفق، ينبغي عدم الاستسلام للواقع المتردي والظروف البائسة.
فكما كان شرف له أن يحمل العلم, فإن الشرف الأكبر له كان يوم تسلم منه العلم، طلائع جيل جديد محافظ, الجيل القائد الذي وصل إلى المرحلة التي تحتم عليه فيها تسلم الأمانة، وبلغ من النضج إلى المستوى الذي أهله حمل العلم وعنده نفس طويل وتجربة مريرة، ولم يكون كما كنا في الصبا نحس دائماً أننا جيل من الصغار ولن نتعدى أبدا دور الصغير، فالكبار أمامنا كباراً، وظلوا كباراً ولم يشعرنا احد قط. إن أماكن في القيادة تنتظر وصولنا إليها ونحن على غير استعداد لشغلها، أو نملك مقومات الجيل الحالي وطموحاته.
لذلك تعودنا دائماً أن نسمع "الله يرحم زمان، أيام كانت الدنيا دنيا" وكل جيل يحس أن خير ما في الدنيا قد توقف بعده والعبقرية قد ولت، والموهبة قد أفلست، وأن الخير قد انتهى، إذ لم يعود يدور بخلدنا ذلك الانحراف الخطير والوضع المريب والمصير المحتوم والمجهول والنهاية المتوقعة في وطأة اليأس والمعاناة وحياة البؤس والشقاء وتجرع المر والفاقة والذل والهوان، وتسلط الأجلاف والغوغاء من طبقة المنحطين الرعاع وتطاول السفهاء والأشرار لقرابة أربعة عقود خلت قطعت الأرحام وعطلت الأحكام وقوضت الأعلام وطغت في البلاد وأفسدت في الأرض، فحلوا وبالاً على الشعب ونقمة على الأمة ووصمة عار وخزي شنار على الأجيال.
وبعد رحلة المعاناة، تمخضت الأحداث على غير ميعاد، فولدت جيل التغيير والتحرير والثورة والبناء من الحفدة والأبناء ذكوراً وإناثاً ليخوض معارك الدفاع، ويواصل مسيرة النضال ويواجه التحديات والمؤامرات على طريق اليمن الجديد والمستقبل المزدهر والغد المشرق بإذن الله، وبفضل التضحيات والبذل والفداء الذي قدمه الشباب الثائر المكافح الموهوب من أجل الحرية والكرامة والإصلاح، وما يزال يقدم المزيد في سبيل إنجاح حركته الحضارية ومبادئه الثورية ومكتسباته الوطنية وثورته الشعبية الرائدة وإرساء دعائم الدولة الحديثة.
وها نحن الآباء نجدد العهد بعدم التخلي عن الدور الذي حملنا إياه القدر ولن نخذل شعبنا وشبابنا في مواصلة النضال سواء في معارك الدفاع أو معارك البناء، ومهما بقي فينا عرق ينبض ونفس يتحرك سنظل اليد التي تدافع بقوة وإصرار وإخلاص عن الثورة الشبابية وحتى الرمق الأخير، وبنفس العزم والتصميم لن نتردد للحظة واحدة في دعم مسيرتهم ومساندتهم في معارك البناء التي هي أشد وطأة من معارك الدفاع، حيث أن معارك البناء تحتاج إلى فهم وتخطيط ودراسة وصبر طويل وتفكير سليم ونظافة القلوب وحسن القصد وضمير حي ونكران للذات، تحتاج إلى منع اليد التي تمتد تنزع شجرة في الطريق وترمي حجراً لتحطيم قنديلاً في الشارع أو تتلف مرفق عام ملكاً للوطن، تحتاج إلى أن يعتبر المواطن نفسه أداة بناء لا أداة هدم، وعلى الطالب أن يحترم مدرسيه وكليته، وعلى الموظف القابع على كرسيه أن يعلم بأن هؤلاء الناس ليسوا خصوماً أو خدماً لأبيه وإنما إخوته، فلا يعرقل معاملاتهم ولا يعطل مصالحهم ولا يتحول إلى قذى في أعينهم.
فيما معارك الدفاع التي تدفع إليها غريزة الدفاع وتحشد لها حمية الأسرة والعشيرة والقبيلة والوطن والغيرة تتدفق والدماء تغلي في العروق كل ما يشعر المدافع بخطر يهدد كيانه، لهذا فهي أسهل من معارك البناء، كونها لا تحتاج إلا إلى دم يغلي ونفوس تثار وقيادة تخوض عباب المعركة متقدمة الصفوف لتكسبها.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد