ما أقوله ليس دفاعا عن مخرج الفلم الأميركي الوقح المسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وكلنا غيرة عليه وقلب يدمي مما يحدث في حق سيد البشرية من استهزاء واستفزاز واضح لنا كمسلمين، لكن ما أحببت أن أوضحه هو أننا العرب غيرتنا وحميتنا شيء من الحماقة والجهل والتطرف في أغلب تصرفاتنا، كثير ما يعرينا ذلك التصرف الأرعن في ردت فعلنا، لعل ما يحدث أمام الأعين ناتج عن عدم تفكيرنا الصحيح حيال كثير من الأخطاء المرتكبة في حياتنا وأصبحنا نفكر بكيف أن نرد بأسلوب جهنمي وانتقامي بشيء سيئ أسوأ من الإساءة التي محمد (صلى الله عليه وسلم ) من مستفزينا الذين يريدون أن نتعرى أمامهم في محاولة منهم لتشويه الإنسان العربي المسلم وللأسف نحن من نساعدهم على ذلك.
وعلينا أن نتعلم كيف نرد على من اقترف خطأ في ديننا وبالطريقة التي نصحنا بها سيد البشرية هادي الأمة، علينا أن نتعلم منه الكثير قبل أن ندافع عنه، نحن لم نتعلم منه سوى القليل، التسامح أين نحن منه؟ كما كان سيد البشرية يتعامل به مع أعدائه حتى يقوم بكسره ويجعله مذلولاً أمام أخلاقه الكريمة, وما يحدث اليوم هو استدراج وكمين أمريكي سخيف تبين للعالم أن الشعب العربي همجي وخصوصاً بلاد الربيع العربي وتقزم من مستوى الثورات والصحوة التي تتجدد في أوطاننا بعد أن عمل عملاء الغرب على إذلال العرب وتقزيم شعوبهم أمام الغرب، ها نحن اليوم نرتكب ما كان يرتكبه الأنظمة الحليفة للغرب التي سقطت على يد الربيع العربي.
وما حدث للسفارة الأمريكية وقتل عدد من العاملين فيها في ليبيا وما حدث في مصر واليمن يجعل أمي تلك الإنسانة المسنة التي لم تدرس في جامعة ولا تحفظ سوى الفاتحة والمعوذات من كتاب الله تسألني ليش يا ولدي فقط (قرحت) في ليبيا ومصر واليمن؟! فقط وما حرقوا في دول الخليج وهم أكثر تشدداً مننا؟.
 أمي الإنسانة البسيطة عقلها أكبر من عقلي وعقل ذلك الشاب الذي نط من على سور السفارة كالأسد ولم يدرك ما سوف يحدث مستقبلاً من تلك النطة, وكم سوف يكون ثمنها ثقافياً قبل أن يكون اقتصادياً؟!.
وكم تخدم النظام السابق هذه الأحداث, وتحرق الحرية التي نزرعها وهي لا زالت في رحم الثورة لم تولد.
إن ما يجعلني أقول مثل هذا الكلام هو مصلحة الوطن وليس تنصلاً في حق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لأني أعلم لو كان نبينا موجوداً بيننا لقال لنا اتركوهم، فأنهم أنذال وابنوا أوطانكم، فإنها تحتاج إليكم، رسولنا الكريم كم تعرض لإهانة من أبو جهل وقريش ولم يعير لهم أي اعتبار، لأنه يدرك أن الوقت ليس وقت ردود وقت بناء ونشر الدين الإسلامي وكان يجادلهم بالتي هي أحسن.
كم نحن العرب متناقضين مع أنفسنا أحد الشباب يوم أمس يحرض "يا شباب ديننا الإسلامي نبينا يهتك كرامته ونحن لا نرد عليهم عار عار" وغير البروفايل حقه، إلا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.. صباح اليوم الثاني أجده ينشر مقاطع فيديو رقص على حائطه وصوراً خليعة يخجل منها الغربي الذي نقول عنهم فسقه.. ألم أقل لكم نحن العرب وخصوصاً نحن اليمنيين متناقضون, شاب كان ليلة أمس يهلل ويكبر وعند مشاهدته للشباب الذين نهبوا السفارة علق في حائطه (أيش الانتصار العظيم هذا؟!.. مش كنتوا تتشطروا وتقتحموا بيت صالح أحسن؟ وإلا فالحين في الأشياء الاستعراضية اللي يستغلها غيركم لأشياء ثانية أو يمكن اللي عملوها الآن لهم أغراض أخرى.. مصيرنا نعرف أيش نهاية الفلم الهندي هذا)، حقيقة نحن شعب عاطفي عندما يقع الفأس في الرأس نتخبط وعلينا أن نتحمل نتائج الأخطاء تكراراً ولم نتعلم منها, وما حدث في سفارة أمريكا من نهب وسلب من المسلمين اليمنيين يجعلني أتساءل..
أهكذا ننتصر لرسول الله؟ بالسرقة انتصرنا للرسول؟! أهذه أخلاق المسلمين؟ النهب والفيد هذا ليس إسلامنا ولا أسلام من يناصر نبي الله وخاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم.. أنا كمسلم بريء من هذه الأفعال التي لا تختلف عمن قام بالإساءة لنبينا، بل أشد مبروك يا رسول الله لقد انتصروا لك أهل اليمن من وصفتهم بالحكمة والإيمان وهنيئاً لهم الكراسي والمنهوبات من السفارة الأمريكية, ولك الإساءة من أعدائك وعززناها نحن بأشد منها إساءة لك, فأنت براء من أفعالهم لكنهم يدعون..
سؤال لابد من الإجابة: أين وزير الداخلية من ذلك الحدث وهو يعلم أن بالأمس القنصلية الأمريكية في ليبيا اقتحمت وراح ضحيتاه العديد من الأمريكان؟!, يبدو أنه كان يقرأ الحديث القائل: "الإيمان يمان والحكمة يمانية" مما أثر عليه وظن أنه لن يحدث شيء.