;
فيصل الصفواني
فيصل الصفواني

مقاولو الحروب المتنقلة 1890

2012-10-03 03:23:44


في سياق مهمتها في تنفيذ مشاريع الحروب المتنقلة، وانطلاقاً من شعار»الموت لأمريكا الموت لإسرائيل» أقدم عدد من مقاتلي الحركة الحوثية على خوض معركة مباغتة ومن طرف واحد صباح الجمعة الماضية في منطقة ريدة بمحافظة عمران وراح ضحية المعركة ما يربو على عشرة قتلى وعدد من الجرحى .
لكن الضحايا للأسف الشديد ليسوا من يهود إسرائيل ولا من قوات المارينز الأمريكية، وإنما هم مواطنون يمنيون من حفظة القرآن الكريم وبينهم إمام مسجد .
على المستوى العام نجد أن الحادثة بذاتها ثبطت أحلامنا التواقة للأمن والاستقرار في هذا البلد المنهك من مشاريع المقاولات السياسية، وجعلتنا نعيد النظر في المبررات الوجودية للحركة الحوثية، فما هي الحاجة الوطنية لوجود الحركة ضمن معطيات المشهد السياسي الراهن والمستقبلي؟! .
دعونا نتفق أنه لا مبرر ولا مشروعية لوجود أي كيان سياسي إلا إذا كان ينبثق من حاجيات واقعنا أو يعبر عن مصالح بلدنا بامتدادها العام والحروب المتنقلة التي تنفذها الحركة الحوثية بين الحين والآخر في أرجاء مختلفة من وطننا الحبيب، لا تقل شأناً عن الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة التي يستخدمها تنظيم القاعدة بين الفينة والأخرى .
بل إن معطيات الواقع تبين لنا بما لايدع مجالاً للشك أن الحركة الحوثية ليست أقل خطراً من تنظيم القاعدة, فكلاهما تصب أهدافه في إعاقة تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن وكلاهما يرفع شعار العداء للخارج ويقتل أبناء اليمن في الداخل ،فلماذا نجعل وجود القاعدة جرماً ووجود الحوثية جائزاً؟ ما هي معاييرنا في الحكم ومبرراتنا في إنتاجه؟ .
ليس هذا فحسب بل إن المتتبع لمنهجي الفريقين سيجد أن إستراتيجية القاعدة تعتمد على الانفجارات المباغتة, في حين أن تنظيم الحوثيين يقوم على إستراتيجية إشعال الحروب.. وهنا تكمن الخطورة المستقبلية، فالقاعدة تستخدم الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة بهدف الانتقام, لأنها تمر بمرحلة هبوط واندحار من كافة المحافظات اليمنية، في حين أن حركة الحوثيين تشعل الحروب بهدف تكريس وجودها القائم على استخدام القوة وهي تمر بمرحلة صعود .
وبهذا الخصوص تحضرنا العديد من التساؤلات... لماذا يستخدم الحوثيون السلاح في فرض وجودهم ؟ ولماذا يتمدد الحوثيون بقوة السلاح في المحافظات الشمالية؟هل يعتزمون إقامة دولة بالشمال منفصلة عن الدولة اليمنية؟ أم أنهم يعتزمون تكرار نموذج حزب الله في جنوب لبنان وأنهم يريدون أن يفرضوا على الدولة اليمنية التعامل معهم كواقع يجب التسليم به؟ .
كل تساؤلاتنا وأجوبتنا المعرفية تفيد بأن الحركة الحوثية تعيش مشكلة خاصة بوجودها, فهي تفتقر لأسس وشروط الوجود السلمي والديمقراطي، وهذه المشكلة الخاصة تحيل وجود الحركة على السطح العام إلى مشكلة عامة تعني كل اليمنيين وتؤثر عليهم، ومن أبجديات علم السياسة والاجتماع أن أي مكون سياسي يتحول وجوده إلى وجود إشكالي, فالواجب حله خصوصاً إذا استعصت حل مشاكله .
وحالياً تبدو الحركة الحوثية بشكل العليل وفي حال بقائها على ما هي عليه فإنها ستبقى فريسة سهلة لاستغلال قوى خارجية إقليمية أو دولية وليس فقط لإيران وإنما قد تقع الحركة في قبضة استغلال قوى خارجية متعددة، وهذا الوضع قد يروق لبعض قادة الحركة الذين يناسبهم دور المقاولين في إشعال الحروب المتنقلة والمباغتة، وهم لا يمانعون من القيام بهذا الدور في سياق صفقات مشبوهة مع جهات خارجية.. لذلك سيعمل قادة الحركة الانتهازيون على تعقيد مشكلة الحركة وإبقائها في تركيبتها المعقدة حتى لا يكون وجودها مؤهلاً لغير عمل المقاولات الدامية .
ولو أمعنا النظر في برامج عمل الحركة خلال المرحلة الراهنة سنجد أنها لا تملك أجندة خاصة وإنما كل أعمالها تخدم أجندات أطراف خارجية وداخلية تتجاذبها بحسب استراتيجياتها .
فالطرف الداخلي الذي يستغل الحركة يتمثل في قيادة النظام السابق التي تحاول إفشال برنامج حكومة الوفاق من خلال الحركة الحوثية خصوصاً في مجالي الأمن والاستقرار، أما الطرف الخارجي فيتمثل في إيران التي تعتزم نقل تجربة حزب الله من جنوب لبنان إلى شمال اليمن بعد ثورة الشعب السوري ضد نظام بشار .
إذاً نحن أمام وضع هو في غاية الخطورة جراء بقاء الحركة الحوثية بشكلها وتركيبتها الراهنة .
وعليه فإن الوجود الحوثي لا يهم الحوثيين وحدهم وإنما يهم كل اليمنيين وكل شركائهم في المجتمع الإقليمي والدولي، لابد أن نعمل معاً على إصلاح أوضاع الحركة الحوثية ومساعدتها على التحول إلى حزب سياسي مدني، يتخلى عن السلاح والأيدلوجية العنصرية في برنامج عمله وأهدافه .
وبرغم تجاهل رعاة المبادرة الخليجية لهذا الخطر المستفحل في الداخل والذي ينمو في مرحلة بناء الدولة، إلا أن كلام الأستاذ محمد اليدومي عبر قناة الجزيرة وفي برنامج بلا حدود بعث الطمأنينة في النفوس، خصوصاً عندما قال إن قيادة التجمع اليمني للإصلاح مستعدة لتقديم يد العون والمساعدة للحركة الحوثية في حال أرادت الحركة أن تتحول إلى حزب سياسي .
فعلاً هذا الكلام من رئيس حزب الإصلاح ينم عن إدراك سياسي لجوهر المشكلة, كونه يعلم أن الحركة الحوثية لا يمكن أن يكون لها وجود إيجابي إلا إذا تحولت إلى حزب بدون سلاح، أما التحول إلى نموذج حزب الله، فهو أمر مرفوض ويقع في مركز بؤرة الخطر على أمن اليمن ومحيطها الإقليمي، وفي هذه الحالة لن تكون الحركة الحوثية أكثر من شركة مقاولات لتنفيذ صفقات الحروب المتنقلة.. فهل يمكن لأي بلد أن يحقق استقراراً أمنياً أو سياسياً وفيه هذا النوع من المقاولين؟!.
‏Alsfwany29@yahoo.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبد الملك المقرمي

2024-05-05 23:08:01

معاداة للإنسانية !

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد