;
عبد العزيز المقالح
عبد العزيز المقالح

قفزة للمعرفة أم للشهرة؟ 1848

2012-11-05 01:55:54


هل هي مغامرة علمية كما يقول عنها البعض، أو أنها نزوة شاب يبحث عن الشهرة كما يقول آخرون؟ وأعني بها تلك المغامرة التي قام بها الشاب النمساوي فيليكس بومغارتنر الذي حاول اختراق الغلاف الجوي للأرض بوسيلة لا تمت بصلة إلى الأقمار الصناعية أو سفن الفضاء . والحقيقة أن ما لفت نظري في مغامرة هذا النمساوي هي كلمته الجميلة القصيرة التي أطلقها وهو ينظر من أعلى نحو الأرض فقد قال: “أحياناً يجب الصعود عالياً جداً لنعرف كم أننا صغار”. والعلو هنا ليس العلو المادي وإنما الرمزي الذي يجعلنا نرى أن هذه الأرض ومن عليها وما عليها ليست سوى قطرة في محيط هذا الكون المتسع الأرجاء والأمداء، والذي يصعب على الإنسان مهما ارتقت معارفه وتوهم أنه قد أحاط بكل شيء علماً، أن يحيط بشيء يذكر مما تتسع له شموسه وأقماره ومجرّاته العديدة .
نحن مع هذه الكلمة القصيرة أمام درس بالغ الأهمية، حاول هذا الشاب النمساوي أن يقدمه للبشرية التي تعيش على الأرض الغارقة في مشكلاتها الناتجة في أغلبها عن الغرور والشعور بالعظمة الفارغة، فماتزال هذه البشرية رغم كل ما حققه علماؤها من إنجازات تعيش على بعد مسافات هائلة من شواطئ بحر المعرفة . ومايزال أمامها الكثير لتنجزه، وأهم شيء في قائمة الإنجازات المطلوبة أن يشعر أبناء هذه الأرض بأنهم صغار جداً، صغار في معلوماتهم، وصغار في اختياراتهم التي لم يكن فيها سوى القليل مما ينفع الناس ويساعدهم على تحمل معاناة العيش على هذا الكوكب الصغير المسمى بالأرض . ومايزال أولئك العلماء متفرغين لإنتاج المزيد من ترسانات الدمار الشامل بدلاً عن مواجهة وحوش الأمراض المفترسة، وما يتسبب عنها لسكان هذه الأرض من آلام وجروح لا تندمل إلا بالموت .
لقد نجح الإنسان في ابتداع كل ما يضاعف الرعب ويبدد السكينة، وبعد أن كانت الحروب تدار بالسيوف والرماح باتت تدار بالصواريخ والقنابل النووية بأشكالها وأسمائها المثيرة لما هو أقسى من الرعب، وحيث تكفي واحدة منها لمحو شعب بأكمله في لحظات معدودة ويتم ذلك بأعصاب باردة وعيون لا يرف لها جفن . وقد حدث ذلك في الواقع ولم يعد كلاماً من صنع الخيال أو مما تقوم بتسويقه أفلام الرعب . ولو اتجه مبدعو أسلحة الشر إلى ابتداع ما ينفع الناس ويخفف من آلامهم ويجعل الحياة القصيرة التي يعيشونها على وجه الأرض أقل وجعاً وأكثر طمأنينة، لكانوا قد نقلوا البشرية نقلة نوعية نحو التطور الحقيقي، وزادوا من مساحة الإحساس بالأمل والقدرة على الاحتمال في مواجهة الحروب وما يصدر عنها من فواجع وآثار مدمرة .
حقاً إن الإنسان الموجود على هذه الأرض لايزال صغيراً في إنجازاته الأخلاقية وفي أحلامه الإنسانية، وصغيراً في أفكاره ومواقفه التي كانت وماتزال تغذّي المخاوف وتنشر الكراهية وتساعد على أن تجعل من رحلة الحياة طقساً مؤلماً يشبه ذلك الطقس المرعب والموعود به أهل الجحيم في العالم الآخر . ولا أشك في أن اللحظة الراهنة سوف تحفر تلك الكلمة القصيرة للمغامر النمساوي في عقول الكثيرين من سكان هذه الأرض التي صارت بؤرة للاقتتال والفناء من أجل أن تتمكن فئات محدودة ترى نفسها أكبر من غيرها وفي منأى عن كل ما تصدّره إلى الآخرين من فتن وحروب وما تدّخره من تضخم عسكري أو بالأصح تضخم شيطاني لا يحمي الحقيقة ولا يدافع عن الحرية والعدل، وهما الهدف العظيم لكل دين ولكل ثقافة وحضارة .
الخليج الإماراتية

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد