;
د/ عبدالله الحاضري
د/ عبدالله الحاضري

مُعاذ الخطيب وساعة الحقيقة.. 1998

2013-02-06 15:15:11



طائرتان إسرائيليتان تقصفان نقطةً مـا مجهولة في الخارطة السورية فتقوم الدنيا ولا تقعد وتختلط كُل الأوراق بما فيها أوراق الربيع والخريف "آيات إيران" يهددون ونصر الله يُرعد ويزبد ويتوعَّد إسرائيل الحبوبة بِـرد مُزلزل وتحويلها كعصفٍ مأكول بكل أنواع طيور أبابيل حزب الله..!.
 الدُّب الروسي ندد أيضاً وأدان العملية واعتبرها خَرقاً للقانون الدولي ولسيادة دولة..أي والله سيادة دولة الأسد..! كما أن هذا الحادث ألهبَ حماس المُتحدثة باسم البيت الأبيض الذي أدانته بصوتٍ جهوري مصحوب بحواجب مشدودةِ من الأعلى إلى الأسفل ولم تنس العجوزة الجميلة "أوروبا" أن تُـندد بالحادث بصوتٍ عذب لا يخلو من الغزل العذري الغير مُفرط لإسرائيل طبعاً..!.
 المُهم أن الجميع أكدوا أن إسرائيل انتهكت سيادة دولةَ الأسد المصونة وبدورها الأمم المتحدة لم تـُفوِّت هذه الفرصة الثمينة لتنضم للرَّكب اللاطم الشاق لكُل الجيوب..! فـ " بان كي مون "أدان الحادث واعتبره انتهاكاً لسيادة الأسد على عبيده معقول..! الأسد ذلك الحَمَل الوديع رفيق كل دروب السلام راعي وعرَّاب مُعظم القوانين الدولية ينضرب بطائرات إسرائيل؟! الجامعة العربية اعتبرت الحادث مؤسفاً ويُعقِّد القضية السورية غير أن هذا الجميع بما فيهم نصر الله وآيات إيران الساطعة لم يصرخواْ حينَ انتهك وينتهك الأسد كُل يوم تقريباً سيادة الله على خلقه..! فيقتلُهم جَهاراً نهاراً بالمئات ذبحاً..وبالالآف قصفاً بالطائرات..! إنهم يصرخون فقط حين تقصف إسرائيل الأرض ولا يصرخون حين يقصف الأسد ويُفني الإنسان وليتَ شعري ما الفرق بين قصف الأسد لشعبه وبين قصف إسرائيل لبعض خطوط كنتورات خرائط الشعب ذاته؟! لماذا تُدان إسرائيل ولا يُدان الأسد..؟!.
 والمُحيِّر في الموضوع أني استمعتُ لكلمة السيد "لافروف" وزير خارجية روسيا أمام مؤتمر ميونيخ الدولي ال49 للأمن العالمي وذكر فيه بالحرف الواحد مُتسائلاً لماذا لا توجد معايير دولية مُوحده لمفهوم الإرهاب..! فـ فرنسا يُباح لها قتل الإرهابيين في " مالي " في حين أن الإرهابيين في سوريا يتم مدهم بالسلاح..!! الله عليك يـا " لافروف " ما هذه المُقارنة المُختلة والخلطُ مـا بين الحق والباطل! الشعب السوري الذي قام بثورة سلميه لمدة ستة أشهر أمام العالم بأسره بالمظاهرات والمسيرات السلمية قمعها الأسد بكُل وحشية وحولها إلى بركةٍ من الدماء وحين حمَل الشعب البندقية للدفاع عن مـا تبقَّى منهُ إعتبرتُه أنت إرهابي..!إذا كان كذلك فيلزمُك القول أن "هتلر" كان مُناضل و "النازية" حزبُ حمائمٍ وسلام تماماً كـ حزب البعث اليوم!.
 حقاً لقد كان منطق "لافروف" مُنحرف وغير منطقي إلى درجة أن من تابع كلماته قد يُصاب بالقرف والغثيان ويصل به الحال إلى حـد إحتقار الدروب السياسية التي تؤدي بالإنسان إلى أن يُصبح نخَّـاساً في هذا العالم الغريب..! أما إخواننا في إيران ومن شايعهم فموقفهُم من هذا الحادث غير مُستغرب على الإطلاق فلقد أعمتهم الطائفية المقيتة عن سُبل الحق وأوصلتهم إلى مستوى الانحطاط القيمي والبُعد عن القُبح العقلي فأي منطق هذا الذي يتبعونه..؟! يُبيحون ويشتركون في إفناء الشعب السوري ويصرخون خشيةً على سيادة أرضه ؟! أم أنها حالة إرهاف حسّي أصابتهُم فلا يُجيزون إزعاج أرض سوريا التي تحولت إلى مقابر لا حياةَ فيها!! إن إسرائيل وبغض النظر عن هدفها من القصف وبهذا التوقيت أو ما الذي قصفته لا يخفى على أحد عُمق ومتانة علاقتها المُتجذرة بنظام الأسد الأب والأبن وأن المواطن الإسرائيلي يشعرُ أن الأسد " مَلك إسرائيل الغير مُتوَّج " ! فلقد عمل لها من الخدمـات الجليلة العظيمة ما لم يعمله حُكامهم لهـا ويكفيهم أن هذا النظام هو الوحيد من بين كُل دول الطوق الذي لم تُطلق منه صوبهم طلقةً واحدة..!.
 لقد كان بشار ومن قبله أبيه بالنسبة لهم الحارس لإسرائيل الأمين وهُم اليوم يُصلُّون من أجله! وما القصفُ الحميد إلا من أجل عيون بشَّار ذاك القصف الذي أربك العالم وجعلهُم ينشغلون عن ستين ألف قتيل ويُنددون فقط بالقصف ويذكرون فقط أن إسرائيل قصفت بشَّار..! هذا القصف ما هو في حقيقة الأمر إلا إعادة تليمع بشار من جديد ومحاولة يائسة لطرح قضية الشعب السوري بصورةِ جديدةٍ من خلال القول أنه مُستهدف من إسرائيل عدوة الأمة الإسلامية بكلها..!.
 وفي نفس الوقت القول أن الجيش الحُر ما هو إلا عميل لا فرق بينهُ وبين إسرائيل فكلاهما يستهدفان الأسد..! إن القصف الإسرائيلي رسالةً واضحة للعالم خاصةً أولئك المُتعاطفون مع الثورة السورية مفادها لن نُفرِّط في الأسد والحل السياسي بشروطنا هو الأمثل للخروج من هذا المأزق وإلا فإن إسرائيل ستتدخَّل كـ مُعطى طـارئ في الوضع السوري وتزيده تعقيداً!.
 وفي تصوري أن إسرائيل بهذا القصف قد أصبحت عضواً في " التحالف الإيراني الروسي " وأنها بذلك أتمَّت " الثالوث المرتقب المُركَّب " بصورةٍ سافرة! في حين انحسر الدور الأمريكي والأوربي والعربي لصالح هذا التحالف الجديد الذي يبدو في عالم الأسباب انه سيضع تصورات لنهايات الثورة السورية وفقاً لأفكار هذا التحالف التي ستظهر في الآتي من الأيام ويبدو أن الأستاذ " معاذ الخطيب " في وضعٍ حرجٍ وصعب في هذا التوقيت بالذات ويبدو أنه أدرك طبيعة هذه التحولات على المستوى الداخلي والخارجي للقضية..! فاستبق الجميع وقدَّم مُبادرةً للحوار السياسي مع نظام الأسد بصورة مباشرة مُثيراً بذلك الجدل حول مفهومه للحوار مع نظام الأسد مُرتكزاً -كما يبدو إبتداءً في منضومة مبادرته -على مُعطى واحد هو أن الشعب السوري اليوم يتحمَّل من الجورما لم يتحمَّله من قبل والكل يتفرج عليه بلا خجل ولا حياء وأن هذا الشعب قد يفنى من الوجود في عالم الأسباب دون أن يكترث له احد وأن إستراتيجية مبادرته تكمن في كيفية تخليص الشعب السوري من نظام الأسد..! وأنه قد حان الوقت ليتحمَّل مسؤوليته كـ قائد للمعارضة السورية مهما كانت طبيعة التُنازلات التي قد يضطر لتقديمها فالإستمرار على مُراهنة الصمود إلى ما لا نهاية هي في حد ذاتها مُراهنة غير مُجديه على دماء السوريين بلا طائل على المدى البعيد أو القريب في ظل تامُر دولي وصمتٍ عربي ورضا ضمني من أولئك الذين وقفوا ابتدءاً مع الشعب السوري الذي يبدو أنهم اليوم قد رفعوا راية الإستسلام المؤلمة تاركين الشعب لوحده في أتُّون الفناء المُريب..!.
 وبالتدقيق في مبادرة الأستاذ الخطيب أجدها معقولة ومنطقيةً في كُل جوانبها وزمن إخراجها والأهم من هذا كله أنه إمتلك زِمـام المُبادئة السياسية وهذا في حد ذاته أمرٌ له دلالة واضحة في أن قيادة المعارضة السورية بدأت تتعامل مع معطيات الوضع بواقعيه ومسؤولية ستعكس ذاتها على الداخل السوري على كل المستويات..ويكفي في الوقت الراهن على أقل تقدير أن يعلم الشعب السوري أن هناك قيادة غير التي عهدوها مُفترضة الوجود ظهرت من خلال أطروحتها السياسية المُفعمة بالوطنية والمؤسسة على مصلحة الشعب وحده دون أن تكون مشوبةً بأي مصالح حزبيه أو طموح شخصيه بما يُبعد ما لصق في الجهاز المفاهيمي الإجتماعي السوري أن خلاف نظامة ليس مع معارضة مفترضه وطنية بل مع جماعات إرهابيه..!
وفي الأخير أقول: إن على الأستاذ الخطيب الإستمرار في طرح كل الرؤى والحلول الممكنة التي قد تُجنب الشعب مزيداً من الدماء مهما كانت طبيعة هذه التنازلات التي قد تُقدم في سبيل ذلك..
 إن الوطن السوري يستحق من أبنائه اليوم أن يضحواْ من أجله بكل شي ولا يبخلو عليه بكل الممكنات وأن يضعواْ تحت أقدامهم كُل الإعتبارات عدى إعتبار حقن شلال الدم..! الشعب السوري وصل به الحال إلى حدَّ الإقرار الضمني الصامت بالفناء في عالم الأسباب إجمالاً إذا ما استمر به الحال كما هو عليه..ولا أجد بعد وصوله إلى هذا الحد أي عزاء له حتَّى ولو كان إنتصار المعارضة في نهايات الأمر لكن بأي ثمـن ؟! ولا أجد بُداً من القول أن بشار ليس وحده فاعلاً في هذا الإفناء بل العالم يشتركُ فيه ما بين مُتآمرٍ ومشترك وفاعلٍ وراضياً وغاض الطرف وساكتٍ وخائفٍ وجبان كأن الأمر لا يعينه..! ومن الغباء أن يتحمَّل الشعب وحده تبعات كل أثار أفعال هؤلاء القتلة..! للأستاذ " معاذ الخطيب " أقول..كآن قرارك هو الصائب فلا تلتفت لكُل ناقديك..ضع فقط الشعب نُصب عينيك والله وحده في ضميرك وكن على يقين أنه سُبحانهُ لن يخذلك..
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد