أنشئت محكمة الجنايات الدولية ليعاقب بها زعماء العالم الثالث والقادة العسكريون ومن في مستواهم.. هي أداة أميركية أوروبية خالصة للنيل من بلدان بعينها أو من أنظمة محددة بحجج الإبادة البشرية وقتل المدنيين و... إلخ من الاتهامات الجاهزة.. هذه المحكمة لم تحرك ساكناً أمام جرائم إسرائيل من مذابح لبنان إلى محرقة غزة إلى وإلى!!.. ترى كيف تكون محكمة بلا عدالة..؟ كيف تكون محكمة وتخدم أطرافاً دون أخرى.. هل العالم الإسلامي أو العربي يجبر على التعامل مع محكمة الجنايات الدولية؟ هل هي الأداة الأمثل للانتصار للذين واجهوا القتل والتعذيب والإبادة؟ هل هي محكمة عادلة فعلاً؟.. إذن لماذا لا تتعامل مع إسرائيل وأميركا كما تتعامل مع بقية الدول؟.. على سبيل المثال غزو أميركا للعراق وقتل الأبرياء واعتقال الزعيم صدام حسين وقادة النظام و...إلخ أليست هذه جرائم ضد الإنسانية؟ من فوض أميركا لتقوم بتحرير العراق؟ وما حدث من عمليات قتل وتعذيب على يد القوات الأميركية أليست جرائم إبادة؟ إذن أين محكمة الجنايات؟..
إن الحديث عن محكمة الجنايات الدولية قد لا يكون ذا أهمية طالما وهي محكمة لها أهداف سياسية أكثر منها إنسانية وعدلية.. لكن ما جعلني أتطرق لها هو اعتراف الكيان الإسرائيلي بقتله الزعيم ياسر عرفات بالسم.. بعد أن بدأ خبراء فرنسيون في أخذ جزء من رفاته وتحليله، لتكون النتيجة أن الرجل مات مسموماً واعتراف الرئيس الإسرائيلي هو إدانة كاملة، فها هو المجرم يعترف بجريمته.. قتل زعيم بحجم ياسر عرفات بالسم، حوصر وقتل.. أمام مرأى ومسمع العالم.. أليس من واجب محكمة الجنايات الدولية أن تتبنى جريمة الاغتيال وتبدأ بمحاكمة الجناة؟ أم لأن ياسر عرفات زعيم عربي دمه رخيص ككل القادة العرب؟.. أم أن هذه المحكمة هي مع أميركا وإسرائيل وضد كل ما هو عربي ومسلم؟.. هذه ليست روح عدائية لكن مشاعر غضب على الزعيم ياسر عرفات الذي وقع أوسلو وما كان ينبغي له أن يفعل.. يهدي السلام لقاتليه.. يضع يده فوق أيدي المجرمين..
الرئيس الإسرائيلي يعترف أن الوضع بدون ياسر عرفات أصعب وأنه كان يسهل التعامل معه.. وما كان ينبغي قتله وأنه، أي الرئيس الإسرائيلي، أضاف: كنت ضد الاغتيالات لكن الحكومة رأت قتل عرفات!!..
كم كان موتك مؤلماً يا عرافات.. وكم كانوا أوغاداً معك وكم كنا لا مباليين حتى عندما نفقد رجالاً بحجمك يا أبوعمار.. تصوروا أننا لم نعلم أنه مات مقتولاً، كان ذلك أقل وطأة علينا..
إن دمك وروحك التي فارقت الحياة بعد رحلة نضال لن تغفر لنا هذا الصمت واللعنة لهذه الأمة التي تصمت كثيراً..
هل يحق لعائلة عرفات أن ترفع قضية اغتيال عرفات في محاكم أخرى دولية؟ هل يحق للجامعة العربية أن تتبنى هذه القضية؟ هل للشعب الفلسطيني أن يثير القضية أو ينتقم لقتل عرفات؟.. أسئلة مفتوحة وكل شيء محتمل والنفس بالنفس والبادئ أظلم.