;
د/ عبدالله الحاضري
د/ عبدالله الحاضري

دمعةً ما بين تشافيز وعفَّاش..! 1846

2013-03-11 15:32:44


نعَى الناعي "تشافيز" فتذكرتُ قول الشاعر(ليسَ من مات فاستراح بميتٍ.. إنما الميتُ ميتُ الأحياءِ) ترجَّل تشافيز عن فرسه وترك الدنيا ورحل وشعبُه يبكـيه بحُرقةٍ تكادُ تُغشيه.. "تشافيز" القائد الإنسان رحل وبقيتْ روحهُ مُخلَّدة في وجدان شعبه ومكنونِ أرضه وفي أنصع صفحات التاريخ البشري فمن عرفه لا يُمكن إلا أن يقول إنهُ كانَ قائداً عظيماً من نوعٍ نادر في هذا العالم المشهود.. قدَّم لشعبه كُل ذرّات كيانه وعَصَر ذاتهُ عصراً في بوتقته وجعل "فنزويلا" مُشاراً إليها بالبنان وأصبحت في مصاف الدول التي تُحتَرم وتشترك في صناعة القرار الدولي بعد أن حرَّر قرارها السياسي الذاتي من التبعية والدوران في فلَك الدولار المُهين للشعوب..
دمعةُ حُزنٍ على تشافيز ودمعةَ ألمٍ على عفَّاش، فهذا الأخير مات مُنذ سنتين برغم أنَّ الناعي لم ينعه كـإنسان ونعاه كروح وتاريخ وبدا وجوده بين الأحياء عبئاً ثقيلاً على اليمن وعلى الواقع واستنزافاً لرصيده السياسي الذي كان, فليس هُناك ما هو أصعب في الحياة من تحرُّك ظِل رئيس وسرابه في بهيم الظلام يقوده إحساسهُ الزائف أنه مازال في الوجود زعيماً وهو عدم حتَّى في الوجدان..
نعم دمعةُ ألـمْ على عفاش وليس على تشافيز، فدموع الألم تُذرَف حسرةً على أولئك الذين غادرواْ شعوبهم غير مأسوف عليهم وتركَهُم التاريخ في غيِّهم يعمهون وفي لهوهم يعبثون وفي الدَّجَل السياسي الخَرفْ يجمحون، لا يُذكرون إلا كـ تعويذةٍ مُعلَّقةٍ في عُنق عجوزٍ شمطاء حولاء صلعاء رأسها كـالزبيبة، تمنعُ عنها زعماً نحس يومٍ أشِر قد يتبدَّى لها حينَ المرور على المقابر أو رؤية الغربان السود أوحينَ يحلُّ الظلام على موائد اللئام، أوحين يبكي اليتامى من الأطفال والكُل نيام..
أما تشافيز فتُذرف عليه دموع الحزن ورِقةُ الشوق وخوف شعبه من العيش غداً بدونه، فهو قد تمثَّلَ في ذاته قيم وأحلام "فنزويلا"، عاش من أجلها ورحل بعد أنْ جسَّدها واقعاً حيَّاً على الأرض وفي الإنسان..
تشافيز قلبٌ نابض يهُزُّ اسمه "كاركاس" إلى أن تقوم الساعة، فلا يُمكن أن يأتي جيل ملامحه في الآفاق إلا وفيه تشافيز يتمثَّلونه قيماً وحباً وتضحيةً من أجل وطن بحاجة إلى حياةٍ راقية، فذلك جُل ما يتمناه كُل الوجود للشعوب..
دمعةُ حزنٍ على تشافيز ودمعَةَ ألـمٍ على عفاش الذي لم يتمثَّل في ذاته شيئاً ما من القيَم الوطنية أو الأحلام والرؤى الاجتماعية حتى تسير خلفها الأجيال ولم يترُك ولو مُجرد ذكرى عابرةً طيبة كـ رئيسٍ كان بحجم وطـن ولكنَّهُ أصرَّ ويُصر إلا أن يكون ذاكَ المُتامر على شعبه والراقص على رؤوس ثعابينهم وكانز أموالهم والمشترك في سفك دمائهم وصانع بلاطجتهم في أجمل منظر وأحلى صورة وأروع موديلات خاصةً ذوي القعشات الغجرية المجنونة التي تُسافر في كل الصالون " من الخآنه وحتَّى الطبلوم "وفي فـقرٍ مُدقع تركَ شعبهُ يتكـففونَ أبواب الدُنيا من أجلِ لُقمة عيشهم وهو بأموالهم يبني مدينة الصالح في أرض لبنان ويحشدُ بها كُل الحشود في كُل الميادين حتَّى يُقـال كان رئيساً مُشاكساً، داهية بـل إنه فنَّان يعزفُ بإحتراف أجمل الألحان بدون قيثارة بل بالطنان والرنَّان وهو الميتُ الوحيد الذي مازال يمتطي صهوة جواده بلا سَرجٍ ولا لجام وهو الوحيد في التاريخ الذي يحلُم بأن يعودَ من القبر إلى كُرسي الحُكم ويكون أولَ قرارٍ ملكي يُصدره بعد التتويج " عفى الله عنكُم شعبي العزيز فأنا أعرفكُم كُلـكم أقزام وكُلكم أفَّاكون ناكرونَ لجميلنا عليكُم طول الزمان إلا القاتلون لأميركا واليهود في أزقةِ صنعاء وصعدة وحَجة وحرف سفيان وفاؤهم تاج رأسي، لهُم اليوم أجرٌ عظيم عندي وإنهُم لمنَ المُقربين من عرشي ومن وريث عرشي ولهُم المُلك من بعده وإلى حين ذاك لهُم الإحسان والعرفان ".
 نعم..دمعةُ حُزن على تشافيز ودمعة ألمٍ على عفاش، كلاهُما كان رئيساً، غير أن الفارق أنَّ تشافيز رحلَ وتركَ وطناً حـياً وعفَّاش مات وتركَ أطلالاً لوطنٍ كان حـياً.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد