خلال الفترة الماضية أخذت قضية الطفلة/كسا، المتواجدة بمديرية النشمة محافظة تعز والتي تعمل بالطب الشعبي, جدلاً واسعاً في الأوساط الشعبية، ناهيك عن خلاف شديد بين رجال الدين بشأنها بعد أن صدرت فتوى من عدد من العلماء في تعز تحرم الذهاب إلى الطفلة وتدعوا إلى عدم الاستجابة لما تقدمه من وصفات، كون ذلك يتعارض مع تعاليم وأحكام الشريعة الإسلامية.
وعلى مسافة غير بعيدة من النشمة, وتحديداً مديرية جبل حبشي منطقة يفرس, المنطقة التي تحتضن ضريح القطب الصوفي/أحمد ابن علوان, توجد طفلة أخرى لا يتجاوز عمرها ثمان سنوات, تدعى أصالة جميل، تعمل بعيدة عن الأضواء, يقصدها المئات - بحسب قول والدها - لنفس الغرض التداوي والحصول على الشفاء من أمراض عدة نفسية وعضلية، حيث تقوم أصالة بعمل الرقية الشرعية على المرضى الذين يزورنها وتقدم لهم أنواع مختلفة من الأعشاب الطبية - كلاً بحسب حاجته وحالته المرضية - مؤكدة بعد ذلك لكل مريض منهم أن الله هو الشافي.
ما شدني للكتابة عن هذه الطفلة , ليس سنها أو سر ما تقوم به من ممارسة للطب الشعبي, وإنما سر المكان الذي يرتبط بالأساس بالشيخ الصوفي/أحمد ابن علوان، دلالة المكان ربما قد تكون سر احتراف الطفلة أصالة لهذه المهنة والتي باعتقادي أيضاً أنه- إن لم تكون مفيدة, فإنها أيضاً لا تضر بأحد ولا تأثر على أي حالة من حالات المرضى الذين يقصدونها, على الأقل هذا ما عرفته من عدد من المرضى الذين كانوا في زيارتها أو بحسب وصف والدها - في ضيافتها.
والد هذه الطفلة يدعى الشيخ/جميل وهو أحد المناصيب، كما يقول، للشيخ/أحمد ابن علوان الذين يشرفون على ضريحه , تبادلت معه أطراف الحديث عن التصوف وأحواله, إلى أن ساقنا الحديث إلى موضوع الطفلتين أصيل وكسا وما تقومان به معالجة المرضى, وقد أكد لي أن لكلا الطفلتين طريقتها الخاصة في تقديم هذه الخدمة.
طلبت منه أن يسرد لي طريقة كل منهما في ممارسة هذه المهنة، إلا أن قال لي: بالنسبة للبنت كسا لا علم لي بما تقوم به ويمكنك أن تذهب إليها أنت بنفسك لتعرف طريقتها, أما بالنسبة لابنتنا أصالة فما الذي تريد أن تعرفه عنها؟ هي تستعمل الرقية الشرعية وتقدم أنواعاً من الأعشاب الطبية لكل شخص، بحسب حالته المرضية، مضافاً إليها زيت الزيتون الذي يستخدم في معالجة الكثير من الأمراض وهذا أمر متعارف عليه عن السلف والخلف.
سألت والد الطفلة: هل هناك تواصل بين أبنتكم والطفلة الأخرى (كسا)؟.. قال: لا يوجد أي تواصل , وللعلم ابنتي تستخدم الكثير من الأعشاب الطبية المرخص بها من قبل وزارة الصحة والتي أثبتت التجارب العلمية أنها مفيدة لمعالجة العديد من الأمراض, ويمكنك أن تبحث أنت في هذا الموضوع عند الأشخاص الذين استخدموا هذه الأعشاب التي صرفتها لهم ابنتي وهم سيخبرونك بالحقيقة, كما أنها تقوم بقراءة الرقية الشرعية المثبتة بالسنة النبوية الشريفة وكل ما نأخذه من المريض هو مبلغ الف ريال فقط.
تحدث جميل بشغف كبير عن ابنته أصالة وتفاخر بها، كونها تمتلك أسراراً ربانية - حسب تعبيره وتتسبب في شفاء العديد من الأمراض من داخل اليمن ومن السعودية ودول خليجية أخرى, والتي يقول إن من بينها أمراض السحر والعين والمس والعقم وأمراض عديدة أخرى.
هذا الأمر لا أستطيع إثبات صحته هنا, كما لا يحق لي التقليل من شأنه, غير أن للإنسان تجارب كثيرة في هذه الحياة يستطيع من خلالها الوصول إلى حقيقة هذا الموضوع, ولأن المريض الذي يسعى للحصول على الدواء يجد من خلال هذه الطريق, باباً جديداً للأمل في التشافي, وإن تمكن من ذلك فإن الله سبحانه وتعالى يكون قد هيأ له أسباب الشفاء عبر مخلوق من مخلوقاته التي يتجلى عليها باسمه الشافي, والمهم هو أن لا يتسبب الطب الشعبي في مضاعفات أو أمراض تهدد حياة المريض, وأن لا تكون طريقة المعالجة المستخدمة من قبل هاتين الطفلتين مخالفة لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف.