;
محمد اللوزي
محمد اللوزي

الحديدة .. الصورة المشرقة 1477

2013-05-11 06:49:32


الحديدة على الدوام موطن خير وحب وتسامح وصفاء والصورة المشرقة لكيف يكون الوئام والخير للجميع.. هكذا هي لا تثمر غير الطيب ولا تنتج إلا الشهد وما هو أحلى منه.. لذلك لها حق علينا، ودين في رقابنا وفاءً لها ولما تجود به من خير عميم لا ينكره إلا جاحد مكابر.. والحديدة طيبة بأهلها الذين تسكن قلوبهم الطمأنينة ويبادلون كل الوطن السلام ولا يعرفون غير ذلك.
هكذا نعرفها بلد عز ونبل وحكايا طيبين, ولعل البعض قد سولت له نفسه وأخذ في التمادي عليها, مستغلاً رقتها وطبع أهلها في السماحة، فذهب بجشعه وهواه للسطو على مساحاتها ومقدراتها، ظناً منه أنها مجرد غنيمة وبقرة حلوب بدون وازع أخلاقي أو ضمير ديني أو وطني.
 ومثل هذا الذي سولت له نفسه إلحاق الأذى بخيرة أهل الأرض وأكثرهم إنسانية، إنما هو بلا روح ولاشعور إنساني، إذ كيف لمثله أن يأتي على السكينة ويخربشها ويعمد إلى زعزعة الحالمة وعروس الوطن والبحر وتاج الفخر!؟ كيف له أن يصادر ممتلكات ويدعي أحقيته ولم يكن له موطئ قدم غير ما يسعى إليه من بث الفتنة والشر في غرب الوطن الأنيق؟.
ألا يكفي أن أهلها المهذبين لا يشكون ولا يتذمرون وهم يعيشون القهر ويجدون الإجحاف في حقهم وأرضهم..
 شريان الوطن الاقتصادي وجابية أموال ترفد خزينة الدولة بأكثر من (مائة مليار) ريال ولا تجد معشار هذا المبلغ يعود عليها بالنفع، بل أكثر من هذا يأتي التهور والجشع والسطو من غير أهلها لتنهب أراضيها وتقتطع ضيعات وعزب وجنات دون وجه حق, ومع ذلك لا يريدون حراكاً يقاوم الضاري، ولا يريدون أن يصغوا لنداء الضمير ويوقفون اللعب بمقدراتها وهدر إمكانياتها، كما لا يريدون أن يرتفع صوت يحتج بلغة راقية ولا يصغون حتى لآهة مظلوم يرى حقه ينهب ولا يجد من يقف معه في استرداده, وكأن هذه الحديدة الطيبة الأنيقة مسخرة للأوصياء عليها، لمن يرتكبون الإثم ويجنون من أموالها ما يغريهم بالمزيد من إرهاقها, كأنها خلقت للنهابة الهجامة وليس لأهلها إلا أن النوم على جنبات الطريق يتضورون جوعاً ويفترشون أرصفة التشرد وشوارع الغربة والليل الأليم، وليس لهم من حقوق إنسان ولا حريات ولا يستحقون غير البقاء في العذاب.
هذا ما نراه ونرقبه ونجده واقعاً مراً ومؤلماً.. كأن هذه الحديدة تعيش الغاب, حيث البقاء ليس للحب ولكن للأقوى الغاصب الذي يزداد إثماً ويوغل في الجراح حتى المنتهى.
وإذاً من حق الحديدة أن نقف معها جميعنا وأن ننادي بقوة كل من لديه إنسانية وضمير وطني لأن يدعم ويسند ويقف مع حق أهلها في العيش بكرامة وحرية وحقوق مدنية، ولن يكون هناك معنى لأي شعارات ترفع عن مواطنة متساوية قبل أن نجدها واقعاً على أرض الحديدة, فتعود لها حقوقها المهدرة وأراضيها المقتطعة ويعود لإنسانها معنى المواطنة، ولن نعترف مطلقاً بمعنى (الدولة المدنية الحديثة) وثمة من ينتهك حقوق وحريات ومقدرات أهلنا في الحديدة وسنبقى مجرد شهود زور إن نحن قلنا "الوطن بخير" وفي الحديدة مجتمع مظلوم يعاني الفاقة والاغتراب ويجد كل ما لديه ليس له, وسيبقى الحوار الوطني فارغاً, معطلاً, لا قيمة له إن لم تعالج قضية الحديدة بمبدأية وصدق انتماء ونظرة عادلة مثلها مثل الحراك الجنوبي أو قضية صعدة إن لم تكن في الصدارة من كل هذه القضايا كونها لا تتبرم ولا تشتكي وتبث حزنها إلى الله وترجو أن ينأى عنها أهل الشر ومن يسرف في اقتطاع أراضيها ويتعمد إهمال تطورها ويغفل حقها في النهوض والتنمية وما تستحقه كبلد فيه الكثافة السكانية وفيه الجانب الاقتصادي الأهم وفيه الزراعة والثروة السمكية وما يطمح إليه الوطن من تقدم وازدهار.
الحديدة وليس غيرها من يرفد الوطن بالحب قبل الخير المادي، والحديدة الهاجعة التي لا ترغب في زعزعة أمنها واستقرارها هي التي علينا أن ننظر إلى وضعها بما تستحقه من حياة حرة كريمة، وبما يجب على الدولة من وضع حد لأولئك الذين تمادوا في نهبها والبسط على أراضيها واختلسوا أموالاً طائلة وإمكانيات كبيرة، ليجد أهلنا هناك أنفسهم في حالة وجع كبير وآلام نفسية ومعاناة وضائقة مادية، وخيرات الله عندهم وحقهم ومن بين أياديهم تسرق وتنهب ويبسط عليها.
الحديدة التي لا نظير لها في كل بلدان المعمورة بما تتميز به من سماحة ووئام وحب وكرم لا يستقر عند حد معين وما تمتلكه من أراضي خير شاسعة، ناهيك عن بحرها وثروته السمكية وشطآنها التي تطل على القلب وتزيد الحياة بهجة..
هذه الحديدة التي من حقها علينا أن نعترف أنها ظلمت إلى أبعد مما نتصور، وأنها لولاها في أيام العسرة والوطن يقاوم الظلم ويشعل ثورة وينتصر للحياة لولاها في رفدها الاقتصاد الوطني لكان هذا الوطن تعثر في الأيام الأولى لقيام الثورة، لكنها البلد الطيب، والبلد الغدق في أخلاقه قبل إنتاجيته، البلد العطاء الذي لا ينضب، والبلد الذي نجده فينا ينبض بالفرح حتى في أشد أوقات الألم, فلها دين علينا, يجب أن نفي به، فنرفض كلنا ظلماً لحق بها ولغباً مسها وتضجراً يعم ساكنيها، وأن لا ننساها في خضم الحوار الوطني وأن نعلي من شأنها ونخرجها من ربقة القهر والسطو، وأن نفتح لها أبواب الحرية وفضاء الجمال الذي حاصرته قوى البغي والمصادرة ولم ترعوي أو تستحي لا من الله ولا من خلقه ولا عرفت هذه القوى غير الهلع ولم تتغن يوما بما هو حق وجمال كما أهلنا في الحديدة الذين يدركون جيداً كيف ينتصر الحب مهما علت رايات القهر والطغيان، فيتقنون الفن والزغاريد ويقدمون الفل بعبقه لكل عروس على أرض الوطن، ولكل العشاق الذين يتناغمون حباً ويتسامرون فرحاً، وكيف لنا أن لا نقف مع منهم الجمال كله وهم أرق قلوباً وألين أفئدة، فطوبى لأهلنا هناك ولا نامت عين الطغاة البغاة الهجامة.


الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد الجماعي

2024-05-06 23:20:44

"فسيلة" الزنداني؟

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد