;
محمد اللوزي
محمد اللوزي

الأيديولوجية المعبأة بالشوفينية!! 1487

2013-06-17 17:42:39


لست أعرف لما يعتنق البعض فكرة؛ فتصير رؤيته للحياة من خلالها وتتحكم في نظرته للعالم وقبوله الآخر من عدمه ويظل فيها يرتادها عوالم وهواجس وظنون ويصدر أحكاماً على الآخرين ويحاكمهم من خلالها، ويتربص بهم ويحبهم أو يعاديهم من خلالها، وتتحول الفكرة إلى معتقد إلى حواجز وموانع للرفض، وتصير العقل كله، ويبقى المرء فيها مرتهناً إليها ومرهوناً فيها، كأنها السجن الذي يجر الآخرين إليه ويمنحهم ما فيه من معتقد ليس فيه من التقوى ما يجعل المرء نبلاً، قدر ما فيه من التعالي والتمايز والغرور دونما الاعتبار للآخر في تعليمه وثقافته وقدراته وتكوينه العقلي والروحي وحتى دينه، لأنه يبقى محاصراً من خلال الفكرة التي تتلبسه وتقبع فيه وينظر للعالم من خلالها وحينئذ يغدو أكثر ما حوله ليس لهم حق الحياة والوجود، وليس من حقهم أن يشاركونا العالم الذي نعيش ويحتاجون إلى وصاية وتأديب، وينظر إليهم بأنهم مجرد رعاع.
 هكذا تغدو الفكرة الضيقة المتحجرة المتعالية قفزاً على الواقع، وإلغاء وجود، وقهراً للإنسانية، وحالة هذيان فعلية حين يصحو وينام المعتنق لها عليها، ولا يقبل بغيرها، ولا يصح النقاش حولها وتصير مسلمة لا تقبل الجدال، ومن يحاول نكرانها أو القفز عليها يغدو متمرداً على الدنيوي والأخروي، وتتلبس الفكرة أفكاراً وأدلة وبراهين، وتلوى عنق النصوص الدينية والأحاديث النبوية وتشرعن للتمايز السلالي والمناطقي وحتى الديني، ويفتتن البشر بها ويدخلون في" حيص يبص" حين لا ينظرون إلا إلى ما يعزز قناعاتهم ويزيدها تأكيداً بما يحجم الآخر يجعله مرفوضاً لأن يكون صاحب حقوق وحريات وعليه السمع والطاعة.
 الفكرة أو الأيديولوجيا في بلدان العالم المتخلف قهر وطن، استبداد حقيقي، تعايش مع، وخلق ضد، تعصب، وإرهاق، ونبذ، وتطرف، وسلوك مشين يرفض الحوار، يرى إليه أنه استحقاق حياة، وما عداه مجرد تابع عليه الخنوع والذلة، الفكرة أو الأيديولوجيا تمنع التلاقي الحوار، تأخذ البشري إلى حيث الإذلال، وتبعث مخاوف وظنون، وتقدم الوطن قابلاً للانكسار.. الإيديولوجيا وحدها من يزور التاريخ، يعتسف النص الديني، يجنده من أجلها، ويسخره في سبيله،، ويلقي كلام الفتوى على بشر دون آخرين، ويحاكم الإبداع و يتضاءل الإنتاج، ويلغى التنوع في الوحدة، والوحدة في التنوع. الفكرة أو الأيديولوجيا هي التي تحدث الارتباك، أو تخلق الاحتقان، وتهزأ من الآخر، تراه غير وفيٍّ أو عاص، أو مارق، أو ظلالي أو كافر، أو دوني، فيها التطرف، التعصب، الإقصاء، كما فيها ومن داخلها، ما يشكل الضدية المقاومة التي تريد استحقاقها في العيش، وتتلمس الفرح، والحرية،.. ومن الضد يأتي التغيير، ويتنازل الأيديولوجي حيناً، عندما يقترب من الهزيمة، من القدرة على مقاومته، من تفكيكه، من قدرة الثقافة على مكاشفته وفضح انتهازيته واستغلاله ومحاولته السيطرة والاستعلاء. 
الأيديولوجي من يقدم نفسه الحقيقة التي لا تقبل النقاش، من يتمترس ضد الحرية وقيم الإبداع.. الأيديولوجي من يحفل بالديني، يسخره لقواه، ينتهز فرص تحويره وتبديد معناه الحقيقي، ليظهر الخفي، المتعصب، الأصولي، المعبأ بالبارود، والجنون، وبكثير من التأليه والصنمية للفرد المستبد الظالم، من يرى نفسه فوق الجميع، من يعلن عصيانه وتمرده على الله حين يتمحور في ذات الشيطان، ((أنا خير منه))..المتميز عن الطبيعي، من هو مجسد في الله والتاريخ، من هو" فوطبيعي" و من يجعل البشرية تكتوي وتحترق بنار العبودية. من يخلق من استبداده أفقاً للنضال يحقق وجوداً إنسانياً يعترف بالذات التي كرمها الله.. ((ولقد كرمنا بني آدم)).التكريم هنا إلهي، مساواة، عدالة، حرية، جمال. والخروج عنه؛ فوضى، ارتباك، إخلال بطبيعة التنوع الإنساني، بقيم الإبداع.
 الأيديولوجي المتعصب المتقوقع ((الدوغما))؛هو القطعي اليقيني، المحتكر للفكر والمصادر للإبداع، والمستلب أحلام البشر، هو اللص الذي يجول ويصول من أجل أن يعتلي ويتميز ويرهق البلاد والعباد، ويدفع بقوى ضد قوى، ويبقى هو من يشرب نخب الفوضى، ومن يستحق الحياة وليس سواه. هكذا الأيديولوجي المعبأ بالشوفينية والتعصبات الدينية في مذهب أو عرق أو فكرة حتى دنيوية علمانية. هو إقصاء للآخر الذي عليه أن يرفض ويقاوم ويفتح نافذة للحياة ولمعناه الجليل كإنسان.. والأيديولوجي الغارق في ذاته ولا يرى غيره، هو تعصب يحاصر نفسه يقع في إقصاء ذاته، يلغي نفسه بنفسه من حيث لا يدري.. كل غلو وتطرف هو هزيمة لمعتنقه إن لم يكن الآن فمستقبلاً.. هكذا هزمت الفاشية والنازية، وكل فكرة تقوم على التفرد والادعاء وهكذا هزمت اليابان في الحرب العالمية الثانية، وانتحر الكثير من طغاة التاريخ لفكرة تلبستهم وألوهية أرادوها لهم؛ كفرعون الذي أراد التميز وقال ((أنا ربكم الأعلى )..
 وهكذا تؤدي الفكرة الواحدة إلى استبداد وتصير عقيدة وتزيح الإنساني لتبقى هي الروح التي تحقق الوجود دون غيرها وهي التي يستظل الآخرون بنورها وتغدو الشعوب مقموعة غير قادرة على الإنتاج، تسمع وتطيع تصير مهيأة لأن تبقى في الظلام والاستبداد ويغدو المانع والمانح هو ذلك المتعالي البشري المتفرد الذي يجد من يسن له طريق الألوهة..


الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد الجماعي

2024-05-06 23:20:44

"فسيلة" الزنداني؟

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد