لأول مرة في تاريخ العالم الانقلاب ليس انقلاباً.. الجيش يستولي على السلطة ويعزل ويعتقل رئيساً منتخباً ديموقراطياً ويعطل الدستور ويعتقل المشبوهين المعتادين ويغلق قنوات تليفزيونية وينشر قواته في العاصمة.. ولكن كلمة (انقلاب) لا يمكن أن تأتي على شفاه (المبروك باراك أوباما), ولا يجرؤ الأمين العام للأمم المتحدة على النطق بتلك الكلمة الكريهة.. كأن أوباما لا يعلم أن 15 مصرياً قد اغتيلوا برصاص القناصة من فوق سطح نفس الجامعة التي وجه من داخلها كلمته للعالم الإسلامي في 2009.
هؤلاء القادة الغربيون الذين يلوكون كلمات من نوعية أن (مصر مازالت في طريقها للديموقراطية) وأن (الملايين مع الانقلاب الذى ليس بانقلاب), عليهم أن يتذكروا أن مرسي نجح في انتخابات حرة ديموقراطية نزيهة بشهادة الغرب.. نجح بـ51 - 52%.. ولكن هل نجح جورج دابليو بوش أساساً في فترته الأولى؟.. فاز مرسي بأصوات أكثر من التي جناها ديفيد كاميرون.
نعم.. كان لمرسي أخطاء أثارت الكثير من المصريين, ولكن هل نرى الجيوش الأوروبية تعزل حكام تلك الدول عندما تتدنى شعبياتهم في استطلاعات الرأي؟, وهل سيقصى الإخوان من الانتخابات القادمة؟, وماذا سيحدث لو فاز مرشحهم مرة أخرى؟.
لابد أن إسرائيل في قمة سعادتها الآن.. فقد عادت من جديد الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط, ولا تحتاج لأكثر من التفاهم مع الحكام العسكريين الذين تجيد التفاهم معهم.
كل ما علينا أن ننتظر أول زيارة لمسؤولين أمريكيين إلى القاهرة, ولنرى من هم المسئولون المصريون الذين سيحظون بشرف استقبالهم والتعامل معهم.. بالقطع هم أصدقاؤهم الجنرالات المصريون الأثرياء.. صناع الملوك.. ولكنه طبعاً "لا انقلاب عسكري ولا حاجة".
*نقلاً عن الإندبندنت البريطانية
روبرت فيسك
عندما لا يكون الانقلاب العسكري انقلاباً عسكرياً.. فأنت أكيد في مصر 1395