;
معاذ راجح
معاذ راجح

رسالة رثاء دامية لواقعنا يا أبتي 1711

2013-07-14 06:17:56

 
سنوات طويلة وقلمي يخوض معارك التحرر وجولات التغيير.. يداعب أناملي في طلب العلم وينقش الحقيقة في صخر التظليل ، يتراقص بين اسطر ورقي ويتمايل حروفا وتاريخ، وعندما هممت بالكتابة إليك يا حبيبي جف القلم فيا لسخرية القدر.
أبتاه: كنت أتمنى أن اكتب لك رثاء و احضرهـ لك دواء ولكنك رحلت وتركتني حائراً حزيناً.. فسمح لي أن اكفر عن عجزي واخط هذه الرسالة التي اكتبها لك بدمي.. شوقناً وحنيناً.. ألماً وأنيناً.. وجعاً وشكوا.. كلمات مبعثرة، مشتتة.. شتات حالي بعدك، لا أعرف كيف أصفها واجمعها لأخبرك كم احبك وكم أنا وحيد غريب أبحث عن أثرك.
اليوم يا أبتي هو الثاني من شهر رمضان للعام الرابع والثلاثون بعد الأربع مئة والألف ، الموافق الحادي عشر من يوليو لعام أﻟﻔﯿﻦ وثلاثة ﻋﺸﺮ.. اﻛﺘﻤﻠﺖ دورة الزمن سنة كاملة منذ رحلت عن هذه الدنيا، وما زلت انتظر اتصالك وأنت تدعوني لمشاركتك الفطور ، اشتاق لتوبيخك وعتابك لي بسبب بقائي في المدينة وعدم سافري للبلدة.. لأنعم بخيرات رمضان في قربك.. كنت تعذرني يا أبتي خلال العامين المنصرمين وتشد من أزري، رغم أنك ترغب في عودتي، واليوم أتمنى عودتك وانتظرك كثيراً .
آيا أبتاه: للمرة الثانية منذ بدأت أعي الأشياء حولي لم أتمن من كل قلبي أن يأتي رمضان, للمرة الثانية منذ بدأت أصوم رمضان، يمر علي يومي هكذا، رمضان كان يبتدئ باستقبالك أنت.. بسباقي لإخواني لأكون أول من يخبرك بوصول رمضان.. آآه يا أبتي كل الأشياء الجميلة مع رحيلك رحلت..
أريد أن أخبرك بان الحال ليس كما يرام، والأحوال يا أبتي تغيرت كثيراً، وأصبح الناس في قريتي غير الناس.. يتصارعون على من يرفع الأذن في المسجد وهل سيردد "حيا على خير العمل " أم لا، يتسابقون على إمامة المصلين، ينتقدون ما يروى عن الصحابة وما يُتذاكر في جلسات الذكر بين الصلوات ،، يعزفون عن المسجد بسبب صلاة التراويح ،، نيران الطائفية تقطع أواصل مجتمعنا يا والدي، الفكر الدخيل يغزو عقول بعضنا، الكهرباء هي الأخرى هجرتنا منذ زمن، وبركات السماء قلت في حينا وجفانا المطر وأرهقتنا الرياح.. تلك الزهور والورود التي زرعتها على تربت الراحلة جدتي الغالية ذبلت يا والدي وذبل معها ما زرع على ضريحك الغالي.
وطننا الحبيب يا أبتي هو الآخر تغير، شباب الثورة ورفاق النضال غادروا الساحات، ومع هذا لم تكتمل الأهداف التي ثرنا من أجلها، صالح غادر القصر واختار الشعب هادي رئيساً ومع هذا لا زال صالح يحشر أنفه في شؤون بلادنا وينتقم من الشعب بتخريب الكهرباء وتفجير النفط وتفخيخ مؤتمر الحوار وتلغيم مستقبلنا بأطماعه وتشويهه من خلال زعامته للمؤتمر الشعبي المغتصب.
أﺑﻲ: أخبرك بأن القدس محتلة وفلسطين ما تزال مغتصبة وعلى بضع كيلو مترات من أرضها توجد حكومتان إحداها في قطاع غزة لحماس والأخرى في الضفة لمحمود عباس، لم يعد الناس يذكرون فلسطين كما في السابق، حتى التبرع لأهلها أضحى محرجاً للكثير من أهل الخير.. أذكر حكايتك عن معاناة إخواننا وملامح وجهك الحزين وأنت تروي لي القصة وانا في السابعة من عمري لا زلت أتذكر يا أبتي أحلام العودة ووعود السلام وسلام الهزيمة.
مئات ألف شهيد كما تقول الإحصاءات يا أبتي هم ضحايا غرور بشار الأسد المتمسك بالحكم في سوريا، يخوض الرجل حرباً دامية ليثبت للعالم أنه مجرم ويتحدى شعبة المسكين الثائر ويستقوي عليهم بدبابات الجيش وأسلحة القوات المسلحة التي لم يعرف احد أين ذهبت أكذوبة الممانعة التي تشدق بها النظام صباح مساء.. إيران يا أبتي تشارك بكلتا يديها في الحرب تدافع عن نصيريها خوفاً على حربة المقدسة المؤجلة لتحرير القدس، المعارضة السورية وجيشها الحر تتسول في كل حدب وصوب عن بعض سلاح يكفيهم شرور الأسد.. واكتملت معاناتهم بتدخل حزب الله في الحرب على السوريين، وجُرت لبنان إلا معركة الصفويين ضد المتحررين، وحكايتهم مستمرة.
أﺑﻲ: استذكر كيف عمت الفرحة المستشفى واحتشد المرضى ومرافقيهم أمام شاشات التلفاز يصفقون ويهنون بعضهم، أتذكر سبب فرحهم يا أبي.. أعلم أنك لا تذكر ذلك فأنت يا والدي كنت تصارع المرض في غيبوبة وكانت الأجهزة متصلة بجسمك، نعم يا أبي محمد مرسي فاز في الانتخابات وترأس مصر عاماً كامل وللأسف انقلب عليه الجيش قبل أيام ووضعوه في السجن هو ومن عمل معه.. دماء المصريين يا أبي تنزف، في الأمس سقط ثلاثة وثمانون شهيداً أمام الحرس الجمهوري وهم يطالبون برئيسهم المنتخب، وكما يقول المحللون فمصر تتجه إلى الخراب مالم يعد للجيش رشده ويخلع قياداته العميلة.

ماذا أحدثك يا أبتي عن جراحات أمتنا، عن اﻟﻌﺮوﺑﺔ عن الإﺳﻼم واﻟﻤﺒﺎدىء، كلها دماء تنزف من رحم أمتنا.. الربيع لم يعد ربيعاً للحرية.. اضحى خريفاً تتساقط فيه جثث الشهداء كأوراق الشجر في كل ارض من ربوع الوطن العربي.
رﺣﻠﺖ يا أبي وربيعنا العربي تساوره الشكوك، ولكن رغم الألم والصعوبات ها نحن نعيد صياغة العالم من جديد، ومهما ﻋﻠﺖ أﺻﻮات اﻟﺤﺰن ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺮﺣﻰ والشهداء، سنظل نتنفس أحلامنا مع كل صرخة ألم نزداد قوة وإصرار.. أبتي اصبحنا نحن الشباب قصة القرن وحكاية الأمم.
في الختام أعاهدك يا أبتي أن لا تعرف عيناي الدموع وان لا انهزم من الوقع، ولكن تباً لتلك اللحظات المؤلمة.. تباً لهذه الثواني التي لم أعثر على بسمتك, تباً يا أبى لمن حاول أن ينساك فلن أنساك يا أبى.. فإلى رﺣﻤﺔ ﷲ، ولنا لقاء في جنان الخلد.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبد الملك المقرمي

2024-05-05 23:08:01

معاداة للإنسانية !

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد