لست مع من يصرون على محاولة نكران الواقع المؤلم وتبني موقف النعامة التي تصر على دفن رأسها في الرمال بينما جسدها مكشوف.. فتهديد المسلحين المحسوبين على تنظيم القاعدة لليمنيين وللمصالح اليمنية أولاً قائم منذ سنوات عديدة.. قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية التي تعرضت لها الولايات المتحدة في عام 2001م. وقبل الهجمات التي استهدفت سفارات أميركا ومصالحها في أنحاء متفرقة من العالم.. وقبل التفجيرات التي استهدف المدنيين في لندن ومدريد وبالي وأماكن مختلفة في أنحاء المعمورة..
ومحاولات القضاء على هذا التهديد المخيف وإن حققت بعض النجاح في مراحل ما ، كما حدث في لودر وزنجبار وجعار في محافظة أبين وفي بعض مناطق اليمن، لم تؤت ثمارها المرجوة بعد، كما قد يزعم البعض، وإلا ما كانت الولايات المتحدة لتقرر أن تقوم بنفسها – طبعاً بالتنسيق مع الحكومة اليمنية - بملاحقة من تعتقد أنهم يشكلون خطراً على مصالحها والقضاء عليهم ، من خلال غارات الطائرات بدون طيار والتي نتابع أخبارها من حين لآخر..
وما تابعناه خلال الأيام الأخيرة من تحذيرات أميركية ثم إجراءات أميركية وأوروبية متعلقة ببعثاتها الدبلوماسية والقنصلية في اليمن، ليست سوى مؤشرات إضافية على استمرار هذا التهديد الذي يستهدف اليمن واليمنيين أولاً قبل المصالح الأميركية والأوروبية.
ولذلك فلابد من الاعتراف بواقع أن حجم تهديد القاعدة لليمن ولليمنيين وللمصالح اليمنية أكبر بكثير من تهديد المصالح الأميركية أو الغربية في المنطقة..
كما لابد من الاعتراف بأن الخسائر البشرية أو المادية التي تكبدها وما يزال يتكبدها اليمن وأبنائه والاقتصاد اليمني والسياحة اليمنية أكبر بكثير مما يعتقد البعض..
كما لابد من الاعتراف أن حجم تهديد القاعدة أكبر بكثير من قدرتنا على مواجهته منفردين و بدون تعاون الأشقاء والأصدقاء ممن يهمهم أمن واستقرار اليمن واليمنيين !!
وإذا كانت الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية قد قررت مؤخراً إغلاق سفاراتها وقنصلياتها لدى اليمن وإخلاء دبلوماسييها من العاصمة صنعاء، حتى تطمئن قلوبهم ، فماذا يمكن لحكومة اليمن أن تفعله لطمأنة قلوب اليمنيين، ووضع حد لقلقهم المتواصل منذ أن ظهر عليهم تهديد القاعدة قبل استهداف المدمرة الأميركية "يو إس إس كول" خلال عام 2000م، وما سبقه من عمليات إرهابية ذهب ضحيتها أبرياء لا ناقة لهم ولا جمل في معركة التنظيم ضد الولايات المتحدة وحلفائها؟؟
المطلوب استراتيجية يمنية واضحة المعالم للقضاء على هذا التهديد والتخلص منه نهائياً، ليس فقط بقوة السلاح وهجمات الطائرات بدون طيار وبعمليات أمنية وعسكرية متواصلة ، بل بخطة تنموية شاملة تحشد من خلالها إمكانيات وجهود كل اليمنيين لقطع الطريق على من يعتقدون أنهم يحاربون أميركا والغرب من خلال إلحاق الأذى باليمن وبمصالح اليمنيين..
وما لم تتوفر مثل هذه الاستراتيجية سيبقى تهديد القاعدة قائماً إلى ما لانهاية ليس فقط لمصالح الولايات المتحدة وأصدقاء اليمن في المنطقة بل لليمن واليمنيين وللمصالح اليمنية ولن يهدأ لنا بال !!
وكل عام وأنتم بخير
