لن يقبل البعض ممن خسروا الكثير أمام المد الثوري الشعبي الجارف الذي شهدته المنطقة مؤخراً والذي كان الإسلاميون (الإخوان المسلمون تحديداً) في الواجهة منه.. لن يقبل هذا البعض بأقل مما يتعرض له الإخوان المسلمون في مصر اليوم.. هي معركة مصير لشعوب هذه المنطقة التي الإخوان من مكوناتها وأصحاب المبادرة الحقيقية أوائل القرن الماضي في مسيرة استعادة الحقوق والنهوض بالأمة والانتصار لضعف الإنسانية من عسف طغاتها..
زاد اللغط مؤخراً حول هذه الحركة وثار الجدل حولها مما يبعث على طمأنينة حقيقية لدى المتابع من صدق ما يتبناه أصحابها ونبل ما يسعون لأجله, ذلك أن مما يحفز على التفاؤل هو أن معظم من ارتضوا اليوم في المعسكر المناوئ لحركة الإخوان المسلمين هم ممن بصقتهم الشعوب مؤخرا بثورات الربيع العربي أو ممن لا يختلف اثنان على عمالتهم وتبعيتهم المطلقة للغرب الإمبريالي أو حتى ممن يشهد التاريخ بتآمرهم ضد الأمة عبر القرون وإن تلبسوا أكثر مراحلهم بلبوس الخير والإحسان, بل والإسلام نفسه.
كنت وأصدقائي ممن أثق بإنصافهم نتابع من ساحات الثورة التي بدأت عندنا باكراً وباكراً جداً ربما مع بداية وعينا واحترافنا الكتابة, كنا نراقب أداء الجميع ونندهش فعلاً مما يقدمه الإخوان سواء في الأداء السياسي أو الإنتاج الفكري أو حتى النشاط الخيري والدعوي.. غير أن الربيع العربي كان المفرق الذي عنده اختلف الركب إلى فريقين لا ثالث لهما, فسقطت كل الأقنعة الباقية عمن خدعنا بهم طيلة عقود.. وليست أحداث رابعة العدوية عن المتابعين ببعيد.
 في هذه العجالة ربما يجدر التنويه إلى ما كنا انتهجتاه أنا وأصحابي هؤلاء كلما غام الأفق واشتد القتام وتاهت الأقدام, فلا يدري أحدنا من يصدق.
باختصار كلما كانت الرؤية تغييب بفعل الزيف والتزييف من آلات المرتزقة الإعلامية وأسطول الكذب والتضليل الصحافي والثقافي من عبيد الطواغيت وخدام العروش وسدنة المعابد الكهنوتية.. كنا نبقي لأنفسنا بصيصاً من ضوء يتجه دائماً صوب القبلة الأولى للبشر.. كنا نراهن على حماس وحملة القضية الفلسطينية الحقيقيين.. كنا نراهن على الحقد الصهيوني بوجه من يصوب.. كأن التاريخ يعيد نفسه فلا يكون سوى غريم واحد وأصحاب قضية واحدة.. كنا نستضيء تماماً بمؤشرنا البدائي ذاك.. ليقيننا أنه مهما احلولكت الدروب وغابت ملامح الطريق فإن أصحاب الحق أدرى بسبيلهم, وأن الحق أسطع حتى من ضوء الصبح في يوم عيد.