;
خاطر مقبل الفيصلي
خاطر مقبل الفيصلي

أزمة قدرة الدولة على التدخل 1204

2013-11-06 11:26:27


إن ما حدث في الماضي من حروب عبثية وهمجية قام بها النظام السابق في بعض المحافظات سواء في الجنوب أو الشمال أو المناطق الأخرى، ومن إقصاء وتهميش واستئثار واحتكار للسلطة والثروة، وفساد بمختلف أنواعه، كل ذلك من وجهة نظري خلًف إرثاً وتركة ثقيلة للسلطة القائمة والحاكمة حالياً، ووًلد صعوبات وتحديات كثيرة منها أزمة سياسية، وأزمة أمنية، وأزمة اقتصادية، والتي تحدث بها رئيس الجمهورية الحالي/ عبدربه منصور هادي في أكثر من مناسبة بوجودها، وبأن اليمن تعاني منها..

وكمحلل سياسي أعتقد بأن هذه الأزمات تراكمت وتجمعت واستعصت على الحكومة الحالية في الحد منها والقضاء عليها، مما ولًد أزمة لدى هذه الحكومة الحالية هي (أزمة القدرة على التدخل)، والتي تحدث عنها الإستاد الدكتور/ محمد عبدالملك المتوكل- أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء في كتابه (التنمية السياسية), قائلاً: "تشير هذه الأزمة إلى مدى التطور الذي حققه المركز السياسي والإداري والقضائي في مجتمع معين في إثبات وجوده واكتساب القبول له في اطراف هذا المجتمع، وقدرة الحكومة على التدخل يتضمن قدرة الحكومة على مد نفوذها في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها، ومما يجدر ملاحظته أن مفهوم قدرة الحكومة على التدخل وفرض هيبتها ونفوذها قد لا يقتصر على الأطراف والمجتمعات المحلية البعيدة عن مركز الحكومة، وإنما يمتد في مفهومه إلى قدرة الحكومة على تحقيق مهامها وقبول المواطنين لتطبيق قوانينها ولوائحها وسياساتها على ساحة المجتمع السياسي كلها".

وبما أننا اليوم في مرحلة انتقالية استثنائية يمرُ بها اليمن، والحوار المنبثق عن اتفاقية المبادرة الخليجية والذي لا يزال قائماً، والأزمة السياسية الحالية بين المتحاورين والمتمثلة في عدم قدرة اتفاق نخب السياسة في الحوار على بلورة وصياغة دستور جديد، أو بالمعنى الأصح اختلافهم على قواعد الدستور الأساسية المتمثلة في شكل الدولة، وقانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، وبعض القضايا الأخرى مثل القضية الجنوبية وقضية صعدة، وعلى ضوء هذه المعطيات يمكن أن نفترض من الواقع الذي نعايشه حالياً أنه كلما زادت حدة الخلاف بين المتحاورين والتأخر في حسم هذه القضايا زادت حدة التوتر والفوضى الأمنية، وذلك يرتبط بما يسمى الأزمة الأمنية التي تعاني منها اليمن حالياً، حيث كثرت الاغتيالات، والاختطافات، وتفجير أنابيب النفط والكهرباء، وازدياد السرقات والتقطعات في الطرقات، واستغلال العناصر المتشددة من تنظيم القاعدة الأزمة الأمنية الموجودة التي أحدثت بدورها فراغاً أمنياً في بعض المناطق المترامية والبعيدة عن مركز الحكومة والدولة اليمنية، والمظاهرات المستمرة للحراك الجنوبي في العديد من المحافظات الجنوبية وما تشهده من فوضى أمنية وانفلات أمني.

وما حدث في دماج حالياً من مواجهات مسلحة، ومنذر بحدوث مواجهات وحروب في مناطق أخرى، إنَما يدل على تأخر اللجنة الرئاسية في إيقاف الحرب وعلى عدم قدرة الحكومة على التدخل وإنهاء الاقتتال، وردع الظالم ونصر ة المظلوم، حيث وأن كل طرف يدعي أن الآخر هو سبب الحرب، وما توقفت الحرب بين الطرفين إلا بعد ضحايا بالعشرات وجرحى بالمئات بسبب الاقتتال الدائر هناك.

وكما أشرنا في حديثنا أن الأزمة السياسية المستمرة زادت من الأزمة الأمنية وهاتين بدورهما تأثران على الاقتصاد في البلد مسببة أزمة اقتصادية، حيث وكلها مجتمعة ولدًت أزمة قدرة الحكومة على التدخل، ويمكن القول أن الأزمة الاقتصادية تتمثل في العجز في الموازنة العامة للدولة، والقدرة على سداد الديون الخارجية لها، وهناك نحو 10 ملايين يمني تحت خط الفقر منهم مليون طفل يعانون سوء التغذية حسب تقرير إحدى المنظمات الدولية، و(6) مليون عاطل عن العمل منهم 600 ألف خريج جامعي بدون عمل، وعدم قدرة الحكومة على استيعاب المعونات والمنح الخارجية وتوظيفها التوظيف الأمثل، وردع تلاعب مافيا التجار ورجال الأعمال بالأسعار، وعدم توفير المشتقات النفطية من بترول وديزل وغاز، والحد من ارتفاع نسبة البطالة والفقر وغيرها.

وهنا أوجه حديثي إلى وزيري الدفاع والداخلية بشكل خاص، والحكومة بشكل عام، صرًحوا لنا عبر وسائل الإعلام عن كل أو بعض هذه الأسئلة المتمثلة بأدوات الاستفهام (كم، متى، هل)، لأننا كشعب يمني من حقنا أن نعرف كم عدد ضحايا الاغتيالات التي راح ضحيتها العشرات من الجنود والضباط والمواطنين؟!، كم ضحايا التفجيرات التي حدثت خلال المرحلة الانتقالية التي لا زالت مستمرة حتى يومنا هذا؟!، كم عدد تفجيرات النفط والكهرباء وخسائرها؟!، هل ارتفعت نسبة البطالة والفقر أم انخفضت؟!، متى سيتوفر الأمن ونشعر به ونلمسه على أرض الواقع ولو بشكل نسبي؟! هل سيفضي مؤتمر الحوار إلى حلول ومعالجات ناجحة لكي نطمئن على وحدة واستقرار وأمن يمنا الحبيب؟!، متى سنرى فاسد واحد يتحاكم؟!، متى ستنتهي أزمات المشتقات النفطية؟!..

وبصراحة لقد مللنا وتعبنا ونحن ننتظر تصريحاً أو تقريراً من منظمة أو صحيفة أو قناة فضائية سواء كانت بريطانية أو صينية أو أميركية أو غربية أخرى لتفيدنا بمعلومات بما يجري في اليمن، والمعيب من حكومتنا أننا لم نسمع منها تقريراً أو تصريحاً واحداً بما يجري في البلد.. أليس من حقنا كشعب أن نعرف ماذا يجري في البلد؟!، أليس الشعب مالك السلطة ومصدرها؟!، أليست الديمقراطية هي حكم الشعب نفسه بنفسه؟!.

ومن خلال تلك الأسئلة والأحداث والأزمات ننبهكم وننوه بأن أزمة القدرة على التدخل قد تتطور وتتحول إلى أزمة خطيرة هي أزمة الشرعية التي تعني الكفاءة والفاعلية في إدارة المجتمع (تحقيق أهداف المجتمع، وتلبية طموحاته، وتوفير احتياجاته)، وفي المقابل من المجتمع (الناس) الولاء والتأييد والطاعة، صحيح أن الفترة الانتقالية قليلة والمتمثلة بتبقي عدة أشهر، لكنني أوجه هذا الكلام أيضاً إلى الحكومة التي ستليها، لأنها في اعتقادي ستواجه بعض أو كل ما تواجهه الحكومة الحالية.

ونحن نعرف أن السياسة هي فن الممكن (سياسة التمكين) في إدارة دفة الحكم وإصلاح أمور الناس في دينهم ودنياهم، وكذلك السياسة تعني (وزن عواقب التصرفات), بمعنى قبل أن تقدم وتقوم باتخاذ قرار أو سياسة معينة لاسيما صانعي القرار عليهم أن يحسبوا لها ألف حساب لما يتخذوه ويتصرفوا فيه من قرارات وأفعال بالخصوص عندما يكونوا صانعي قرار في الدولة، ومعرفة مدى إمكانية نجاح هذا التصرف أو القرار من عدمه، وحجم المخاطر التي ستنجم عن هذا القرار أو التصرف، أي أن هذه السياسة يجب أن تكون ضمن خطة (استراتيجية) سواء كانت سياسية أو عسكرية أو اقتصادية أو أمنية أو غيرها يمكن أن تضر البلد، فالعديد من الدول الكبرى والنامية تتبع سياسة وزن عواقب التصرفات، لذلك نجد سياساتها وقراراتها على الصعيد الداخلي والخارجي ناجحة.

وفي وقتنا الحاضر الدولة لا تمتلك استراتيجية وخطة واضحة لمعالجات ذلك الإرث الثقيل، حيث من المعروف أن الواقع الموجود حالياً في اليمن يتسم بوجود مراكز قوى أغلبها يتحاور فيما يعرف بالحوار الوطني، ومراكز القوى هذه لها صلة بشكل أو بآخر بالاستقرار والأمن في البلد، حيث والحكومة الحالية تريد التدخل وتحشد الإمكانيات لفتح عدة جبهات في البلد في وقت واحد ضد مخربي ومفجري النفط والكهرباء، وضد القاعدة في بعض المحافظات، والتدخل في محافظة صعدة ضد الطرف الرافض للحل السلمي أو الذي سيكون المعتدي مستقبلاً، وهذا خطأ لأن الدولة لا تستطيع مواجهة كل ذلك في آن واحد، وعليها فقط في هذه المرحلة الاستثنائية الضرب بيد من حديد ضد مخربي ومفجري النفط والكهرباء وضد تنظيم القاعدة لأن المصالح العامة، والخدمات الأساسية، والأمن والاستقرار هي هم المواطن بالدرجة الأساسية التي ستشعره بالرضاء والولاء للدولة وتكسبها (الشرعية)..

وفي اعتقادي أيضاً يجب على الدولة في هذه المرحلة الصعبة توفير مناخ سياسي مستقر من خلال ضمان عدم تكرار ما حدث في صعدة من خلال حلول ترضي الطرفين تعمل على وأد الفتنة وترسيخ مبدأ التعايش والتسامح المذهبي، والتسريع بحل القضايا العالقة في مؤتمر الحوار الوطني التي سيتمخض عنها ولادة دستور جديد، وفتح باب التجنيد للشباب المتعلم في الجيش والأمن والمخابرات بدلاً من استقطابهم وتجنيدهم من قبل الجماعات الأخرى, لاسيما تنظيم القاعدة الإرهابي المتشدد، وتطوير نوعية وفعالية التدريب والتسليح وبحكم ظرف المرحلة الحالية والإمكانيات المتاحة، وحملة أمنية واسعة شبيهة لحالة الطوارئ لفترة محددة كافية لترسيخ الأمن والاستقرار، فأغلب الدول تلجأ إلى ذلك عندما تواجه نفس الظروف والتحديات.

وأخيراً وليس أخراً نستطيع القول أن حل هذه الأزمات تمثل عملية مترابطة، فالاستقرار السياسي سيؤدي بشكل تلقائي إلى استقرار أمني وبالتالي استقرار اقتصادي، ويمكن أن نطلق على تلك الحلول والمعالجات من وجهة نظري سياسة فن الممكن (التمكين) وسياسة (وزن عواقب التصرفات) في الوقت الراهن.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبد الملك المقرمي

2024-05-05 23:08:01

معاداة للإنسانية !

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد