;
السيد مصطفى أبو الخير
السيد مصطفى أبو الخير

حكم محكمة الأمور المستعجلة بشأن حماس رؤية قانونية سياسية 1412

2014-03-09 17:34:13



استمراراً لمؤامرة التصعيد ضد حماس التي تشنها حالياً سلطات الانقلاب في مصر والتي بدأت مع بداية حكم الدكتور محمد مرسى ولازالت أصدرت محكمة الأمور المستعجلة حكماً  ( بحظر أنشطة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية / حماس في مصر مؤقتاً والتحفظ على مقراتها أو أي من ممتلكاتها بالقاهرة والمحافظات) بناء على دعوى من محام استناداً على أن (حماس نشأت كحركة مقاومة إسلامية في فلسطين، غير أنها تحولت لمنظمة إرهابية بعدما اعتنقت فكر جماعة الإخوان المسلمين وتأسيساً على أن الحكومة المصرية قد أصدرت منتصف ديسمبر الماضي، قراراً باعتبار جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية) فقد أجلت المحكمة النطق بالحكم ثلاث مرات لذلك وجب عليها أن تصدر حكمها في الجلسة الأخيرة لأنها ملزمة بإصدار حكمها اليوم لأن القانون المصري لا يسمح لهيئة المحكمة بمد أجل النطق بالحكم إلا ثلاث مرات فقط .
وقد قال المدعى شارحا دعواه ( أنه من المعروف للجميع أن حركة حماس نشأت كحركة مقاومة إسلامية في فلسطين، ولكنها تركت كل ذلك وأصبحت منظمة إرهابية، وأدرجتها العديد من الدول ضمن المنظمات الإرهابية"؛ مشيراً إلى أنه: "من المعلوم ارتباطها بعلاقات وطيدة بالإخوان الإرهابيين، وترجع نشأة العلاقة إلى انتساب حماس إلى الجذور الإخوانية في فلسطين، وفي بيانها رقم 6 الصادر في 11 شباط/ فبراير 1988، أكدت أن حركة المقاومة الإسلامية تعتبر الساعد القوي لجماعة الإخوان).
وقد أثار الحكم ردود فعل غاضبة إلا من بعض مؤيدي الانقلاب العسكري ورجال الحكم السابق الفاسد ومن جانبها أدانت حركة حماس حكم محكمة الأمور المستعجلة بحظر نشاطها والتحفظ على مقراتها في مصر وقال المتحدث باسم الحركة أن (الحكم يستهدف القضية الفلسطينية أن الحكم يضر بصورة مصر ودورها تجاه القضية الفلسطينية ويعكس موقفاً مناهضاً للمقاومة الفلسطينية، على حد تعبيره) وسوف نبين في هذا المقال بطلان الحكم مع إيضاح الأسباب التي دفعت المحكمة لإصدار هذا الحكم.
بداية من الناحية القانونية يتبين أن الحكم صادر من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة صادر من محكمة غير مختصة لأن محكمة الأمور المستعجلة تقضي في الأمور المستعجلة وهى منع خطر حال يستحيل تداركه بعد التنفيذ وهذا غير متوافر في حالة حركة حماس إذن حالة الاستعجال والضرورة غير متوافرة كما أن هذه المحكمة تحكم من ظاهر الأوراق ولا تنظر في موضوع الدعوى والحكم باعتبار حركة حماس جماعة إرهابية يتطلب النظر في موضوع الدعوى ولا يمكن الحكم عليها من ظاهر الأوراق.
واعتقد أن هذا الحكم صدر في محاولة من سلطات الانقلاب لتسول أدلة إدانة وقرائن في القضيتين المتهم فيهما الرئيس الشرعي ومرافقيه قضية الهروب من سجن وادى النطرون والتخابر مع حماس حيث يصور هذا الحكم لسلطات الانقلاب أن هذا الحكم يمكن أن يثبت ارتكاب حماس جرائم إرهابية في مصر مما يؤكد عزمهم بالاتهام الباطل للرئيس ومرافقيه بالتجسس والقيام بأعمال إرهابية في مصر بالتعاون مع حركة حماس خاصة وأن أوراق القضيتين تخلو من أي دليل أو قرينة للاتهام فهم يتحايلون لصناعة أدلة.
كما أن الدعوى مرفوعة من غير ذي صفة وغير مختص فليس من حق رافع الدعوى رفعها لأن حق رفعها محصور في الأجهزة السيادية التي تسطيع الحكم على أفعال وتصرفات وتحركات حركة حماس في مصر أن وجدت فضلاً عن ضرورة وجود تقارير من الأجهزة السيادية تؤكد بالأدلة القاطعة على ارتكاب حركة حماس على الأراضي المصرية ما يهدد أمنها قومها وسيادتها وارتكاب ما يعد أعمالاً إرهابية طبقاً للاتفاقيات الدولة التي تناولت تعريف الإرهاب وتحديد الأفعال التي تعد كذلك ومنها الاتفاقية العربية الخاصة بالإرهاب وهناك اتفاقيات وشروط لوصف أي منظمة بالإرهاب منها الاتفاقية الدولية لمكافحة الإرهاب عام 2001 وهناك إدارة خاصة بتصنيف المنظمات الإرهابية بالأمم المتحدة وفقاً للاتفاقيات الدولية.
 كما أن مصر موقعة على اتفاقية دولية في هذا الصدد مع 17 دولة عربية.
كما أن هذا الحكم يخالف المبادئ العامة والقواعد الآمرة في النظرية العامة للدساتير أي مخالفة القانون الدستوري والدستور المصري السابق لعام 1971م في المادة (151) وفى دستور عام 2012م المادة (154) والتي نصتا على مبدأ مستقر في القانون الدستور باعتبار المعاهدات الدولية بعد التصديق عليها قانون وطني تلتزم به الدولة بكافة مؤسساتها ومنها القضاء والمحاكم بكافة درجاتها وقد وقعت مصر على العديد من مواثيق وإعلانات واتفاقيات حقوق الإنسان التي تنص على أن حق المقاومة لأى عدوان ثابت ومن الحقوق الطبيعية للأشخاص والدول.
طبقاً للقانون الإنساني الدولي تعتبر حركة حماس حركة تحرر وطني ومن الحركات التي تتمتع بحق استخدام القوة المسلحة لصد العدوان وتحرير أرضها من قوات الاحتلال ويؤكد ذلك أن العدو الصهيوني تبادل معها الأسرى كما طالب أكثر من مرة بالمفاوضات وقد كانت مفاوضات إطلاق الأسرى تتم تحت أشراف المخابرات الحربية المصرية حتى في عهد النظام السابق ويؤكد ذلك أيضاً أن قوات الاحتلال الإسرائيلية عقدت مع حركة حماس هدنة لمدة ستة أشهر وطبقاً لاتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م والبروتوكولين الإضافيين لعام 1977م تعتبر حركة حماس حركة تحرر وطني، فضلاً عن أن حركة حماس قد فازت بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي عام 2006م فهي منتخبة من قبل أغلبية الشعب الفلسطيني وحال تطبيق هذا الحكم الباطل عليها يكون كل من انتخب حماس إرهابي وشريك في جرائمها الإرهابية وهذا يناقض العقل والمنطق ومن قبل القانون الوطني والدولي.
وقد اعتبرت الأمم المتحدة في العديد من قراراتها كافة حركات المقاومة الفلسطينية ومنها حماس حركات تحرر وطني منها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (3379/xxx) وأصدرت أيضاً القرار رقم (2105/xx) بضرورة تقديم المساعدات والدعم المادي والمعنوي لحركات التحرر الوطني ومنذ مطلع سبعينات القرن الماضي صدرت عدة قرارات تؤكد على حق حركات التحرر الوطني باستخدام جميع الوسائل الضرورية من أجل الاستقلال منها القرار رقم (2621/xxv ) والقرار رقم (3163/xxv111) وحقها في الكفاح المسلح في القرار رقم (3070/xxv111).
وترتيباً على ما سبق تعتبر حركة حماس حركة تحرر وطني وليست حركة إرهابية ويعتبر القانون الدولي هو صاحب الاختصاص الأصيل في إصباغ التكييف القانوني على حركة حماس طبقاً لمدونة المسئولية الدولية الصادرة عن لجنة القانون الدولي بالأمم المتحدة التي نصت في مادتها الثالثة على ( إن وصف فعل تقوم به دولة على أنه فعل غير مشروع أمر يحكمه القانون الدولي، وأن مثل هذا الوصف سوف لا يتأثر بأنه فعل غير مشروع في القانون الوطني) مفاد هذه المادة أن القانون الدولي هو المرجع والأساس في تحديد مشروعية وعدم مشروعية الأفعال الدولية من عدمه ولا دخل ولا تأثير للقانون الوطني في التكييف القانوني للفعل أو التصرف الدولي وتطبيقاً لهذه المادة يحكم القانون الواجب التطبيق على أفعال حركة حماس هو القانون الدولي وليس القانون المصري و حركة حماس في القانون الدولي هي مشروعة وتعتبر حركة تحرر وطني لذلك لا يترتب على هذا الحكم أي آثار قانونية ومازالت حركة حماس حركة تحرر وطني ويؤكد ذلك نص المادة (32) من ذات المدونة التي نصت على ( إن مسئولية الدولة ( عن الفعل غير المشروع ) لا تستطيع الاعتماد على قانونها الوطني لإخلالها بالالتزام بموجب هذا الفصل (الالتزامات.....).
ويخالف حكم المحكمة مبدا حق تقرير المصير وحق الدفاع الشرعي فضلاً عن مخالفة هذا الحكم للإعلان حقوق وواجبات الدول رقم (375/4) لعام 1949م الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وقد على نص على ضرورة مساعدة حركات التحرر الوطني من جميع دول العالم بكافة أنواع المساعدات ومنها المساعدات العسكرية ولا يعد ذلك مخالفة لمبدا حظر استخدام القوة الوارد في المادة الثانية الفقرة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة.
ويخالف حكم المحكمة ميثاق الأمم المتحدة ومواثيق المنظمات الدولية الإقليمية ومنها ميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الاتحاد الإفريقي وميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الدول الأمريكية وجميعاً نصوا على حق تقرير المصير وحق الدفاع الشرعي وكلاهما من المبادئ العامة والقواعد الآمرة في القانون الدولي العام التي لا يجوز مخالفتها ولا حتى الاتفاق على مخالفتها من قبل الأطراف ويقع أي اتفاق باطل بطلانا مطلقاً أي منعدماً يقف عنده ولا يترتب عليه أي آثار قانونية لذلك هذا الحكم هو والعدم سواء.
ومن الناحية السياسية يؤكد هذا الحكم أن القضاء في مصر لازال مصراً على أن يكون أهم وأخطر آليات الثورة المضادة تستخدمه سلطات الانقلاب كآلية لتأديب الخصوم والتنكيل بهم وهذا الحكم ليس أول الأحكام في ذلك وليس أخرها لذلك فقد القضاء في مصر أي مصداقية أو احترام بعد أن قام بدور خطيراً جداً مؤثر للغاية في الانقلاب العسكري الذى يعتبر سطو مسلح على إرادة الشعب المصري مخالفة بأبجديات القانون الدستوري فضلاً عن كونه جرائم جنائية يجب معاقبة كل المشاركين في الانقلاب طبقاً لقانون العقوبات المصري.
ويعتبر هذا الحكم رسالة قوية للكيان الصهيوني ومحاولة لاسترضاء هذا الكيان حتى يظل على دعمه لقادة الانقلاب ومساعدتهم في الإفلات من الحصار الدولي الذى فرضه المجتمع الدولي على مصر بعد الانقلاب على الشرعية وخطف الرئيس المنتخب لأنهم يدركون تماماً أنه يمتلك تأثير قوى على الرأي العام العالمي حيث يسيطر يهود على أكبر وأهم وأشهر وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي فلم يعترف بالانقلاب سوى أربع دول عربية وهى الداعمة مالياً لهم ومعهم الكيان الصهيوني كما أن منظمة الاتحاد الأفريقي جمدت عضوية مصر منذ الانقلاب الذى حدث في 3/7/2013م فهي لم تعترف حتى تاريخه بهم كممثلين للشعب المصري فالغرض الرئيس من هذا الحكم سياسي أكثر منه قانوني.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد الجماعي

2024-05-06 23:20:44

"فسيلة" الزنداني؟

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد