;
عبد الله باذيب
عبد الله باذيب

الطائفية وليدة الإمامة وسلاح الاستعمار 1082

2014-04-15 09:44:55


من المشاكل التي تواجه الثورة اليمنية مشكلة الطائفية.. وهي مشكلة قائمة فعلا وذات جذور. وليس من المصلحة إنكارها أو التستر عليها أو اعتبارها مجرد أكذوبة استعمارية رجعية, بل يجب الاعتراف بوجودها ومواجهتها ورسم الحلول لها.

ولم يكن غريباً أن تبرز هذه المشكلة بعد الثورة وأن تتخذ في بعض الأحيان شكلا حاداً, فقد سقط الحكم الذي كان يشكل العدو المشترك لكل الطوائف وكل فئات الشعب ولكن بقيت الكثير من الأنظمة والأساليب التي اعتمدها الحكم السابق والتي تحمل جذورا وتثير الاحتكاك والنزاع الطائفي. بقيت هذه الأنظمة والأساليب في انتظار الإلغاء والتصفية النهائية.

بينما بقي أصحاب الامتيازات الطبقية والطامحون إلى السلطة يغذون الطائفية ويتشبثون بها خوفاً على امتيازاتهم وتحقيقاً لمطامحهم الخاصة.. ويعملون على حجب الصراع الطبقي وتسكينه وإخفائه تحت ستار الصراع الطائفي. والاهم من ذلك ظل الاستعمار ينظر إلى الطائفية كسلاح له ضد النظام الجمهوري الثوري وكأخطر وآخر سلاح يلجأ إليه عند فشل العدوان المسلح. وقد رأينا كيف عمد الاستعمار إلى استغلال الروح الطائفية بعد أن فشلت المحاولات لإعادة الملكية والقضاء على الجمهورية بحد السلاح.

وأن أزمة تعز التي حدثت في العام الماضي والتي كادت أن تؤدي إلى اشتباكات دموية بين أبناء الطائفتين وإلى إعلان انفصال بعض الأجزاء عن الجمهورية. هذه الأزمة تدلنا على مدى ما يمكن أن تفعله الطائفية باليمن ومدى استخدامها من جانب الاستعمار.

لقد قلنا أن مشكلة الطائفية مشكلة قائمة بالفعل في المجتمع اليمني, ونحن نعني بذلك أن أنظمة وأساليب الحكم السابق قضت بوجود نوع من التمييز الطائفي.. فكانت رئاسة الدولة والمناصب فيها للهاشميين. وكان الجنود والخراصون جباة الضرائب وأغلب الموظفين ورجال الإدارة من أبناء طائفة معينة الزيدية وهي سياسة مقصودة لإيهام هذه الطائفة بأن الحكم القائم هو حكمها ولصالحها. ولإثارة الكراهية والحقد بين الطائفتين الكبيرتين في اليمن ومنع التحامهما وتعاونهما لضرب الحكم الإمامي.

 وإلى جانب هذا التمييز الطائفي, كان حكام المناطق والمشايخ والعمال والتجار الكبار المحتكرون لقوت الشعب وكل أصحاب الامتيازات الطبقية والأسر الإقطاعية يتكونون من أناس ينتمون إلى مختلف الطوائف وليس إلى طائفة واحدة بذاتها.. ولم يكن التمييز الطائفي في الواقع سوى نتيجة للتمييز الطبقي وخادم له.

فالحكم الإمامي أوجد التمايز الطائفي لكي يستمر على رأس دولة إقطاعية وطبقية إقطاعية وأسرة إقطاعية حاكمة تستثمر جهود جميع أبناء الشعب وجماهير مختلف الطوائف وتمتص دماءها.

ومهمة الثورة اليوم هي القضاء على كل تمييز طائفي أو طبقي فكيف السبيل إلى ذلك؟ إن الحل الذي يراه البعض لمشكلة الطائفية هو السعي لإيجاد توازن طائفي في اليمن.. بمعنى توزيع واقتسام الوزارات والمناصب الرئيسية في الحكومة والجيش بين أبناء الطائفتين الزيدية والشافعية.

 إننا نعتقد أن هذا التوازن الذي ينشده البعض لا يحل المشكلة بل يخل بالتوازن الاجتماعي ويكرس الطائفية ويعمقها ويعطيها شكلا شرعياً قانونياً ودستورياً. ويبقى عليها كمصدر للتوتر وسلاح للاستعمار والرجعية, وليس المطلوب إيجاد توازن طائفي بل اقتلاع الطائفية من جذورها في اليمن والقضاء على آثارها المدمرة في حياة الشعب.

لقد كانت الطائفية دائماً وأبداً سلاح الاستعمار والرجعية لإضعاف الشعب وتقسيم صفوفه وتمزيق وحدته لإبقائه رهن التخلف والاستعباد. وكما لجأ الحكم الامامي إلى تكريس الطائفية لفرض سيطرته وإطالة أجله, فإن الاستعمار وأعوانه يلجأون اليوم إلى تحريكها وإثارتها واستغلالها أسوأ استغلال يساعدهم في ذلك المسلك الطائفي لبعض الأشخاص من الطائفتين الذي يستخدمون الطائفية لتحقيق رغباتهم الأنانية الخاصة في التحكم والتسلط والاستغلال.

وتكمن الجذور الاقتصادية والاجتماعية للطائفية في صلب الهيكل الاقتصادي والاجتماعي الإقطاعي الذي ارتكز عليه نظام الحكم الامامي المباد, ولا يمكن القضاء عليها إلا بإجراء تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة في بنية المجتمع اليمني تقضي على كل شكل من أشكال الاستثمار الإقطاعي الذي ارتكز عليه نظام الحكم الامامي المباد. وتعطي الأرض لفلاحيها وتحول المجتمع اليمني الإقطاعي المتخلف إلى مجتمع عصري حديث وتضع اليمن على عتبة التحول الاشتراكي. وتنقل السلطة فعلا إلى أيدي الشعب من خلال مجالسه المحلية المنتخبة على مستوى كل قضاء ولواء وعلى مستوى القطر كله.

وإن أية محاولة أخرى لحل المشكلة الطائفية بعيداً عن التفكير في القضاء على الأقطاع وفي إجراء إصلاح زراعي ووضع خطة مدروسة للتصنيع والتنمية الاقتصادية ورفع مستوى المعيشة وتفير الخدمات الاجتماعية للشعب, وإتباع طريق التطور اللا رأسمالي كما أن أي محاولة لحل مشكلة الطائفية بعيداً عن التفكير في إشاعة الديمقراطية وإقامة نظام لتمثيل الشعب يعتمد على المجالس المحلية المنتخبة من قبل الشعب وعلى أساس الصوت الواحد لكل فرد.

نقول إن أية محاولة أخرى لحل المشكلة الطائفية تنطلق من مواقع الطائفية نفسها, إنما هي محاولة محكوم عليها بالفشل, ومعناها استمرار هذا القرح الوبيل في جسم المجتمع اليمني والذي اسمه الطائفية.

***********

نشر في صحيفة الأمل العدد 1 6 يونيو 1965 م

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبد الملك المقرمي

2024-05-05 23:08:01

معاداة للإنسانية !

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد