;
مأرب الورد
مأرب الورد

الإصلاح في خدمة الشعب وبناء الدولة 1265

2014-09-14 14:18:01


شاءت الصدفة أن يكون عام ميلاد تأسيس الإصلاح هو نفسه عام ميلاد الوحدة الوطنية مع الفارق أن الأول ولد للحياة السياسية في 13 سبتمبر بينما سبقته الوحدة إلى النور في 22 مايو.

مثلما للإنسان تواريخ مناسبات كثيرة لميلاده ولزواجه ولتخرجه من الجامعة وغيرها من اللحظات التي يحتفي فيها دوريا في مواعيدها, فإني اعتبر تاريخ تأسيس الإصلاح لحظة ميلادي السياسي وإن كان انضمامي له جاء بعد ذلك بسنوات لصغر سني آنذاك.

إن مرور أربعة وعشرين عاماً من عمر الإصلاح شهدت تحولات ومنعطفات وأحداث على مستوى الحزب والوطن تستحق التوقف عندها مليئاً بالقراءة العميقة والمراجعة والتأمل لاستخلاص الدروس من الأخطاء وتقويم الأداء في الفترة القادمة.

في هذه المناسبة لن نقول إن الإصلاح حزب ملائكي ومثالي لم يرتكب اخطاءً, ولن نحتكر لأنفسنا حق امتلاك المشروع الوطني دون غيرنا أو نتباهى بأننا الوحيدون الذين خدموا الوطن وانحازوا للشعب متجاوزين شركاءنا في العمل السياسي والوطني.

نقول بتواضع وفخر في الوقت ذاته, إننا سعينا منذ اليوم الأول لخدمة بلدنا وشعبنا وما زلنا وسنظل على هذا الدرب ولن نحيد عنه أبداً مهما كانت التحديات والصعوبات ولاشك أن هذه المسيرة قد صاحبتها أخطاء لعل أبرزها ربما ما وقع بعد مشاركتنا في حكومة الوفاق الوطني التي تشكلت بموجب التسوية السياسية.

لقد سعى الإصلاح بقدر استطاعته لإعلاء مبدأ سيادة الشعب وإعادة الاعتبار له وذلك من خلال العمل على تجذير التجربة الديمقراطية رغم كل العقبات التي كانت تقف في طريقه ولا تخفى على أحد, لكنه- رغم ذلك- لم يستسلم لها وينحاز للخيار السلبي في العملية الديمقراطية بمقاطعة الانتخابات بمختلف محطاتها رغم معرفته أنها لم تكن تُجرى على قدر معقول من النزاهة والشفافية, على أمل تحسينها مع مرور الوقت.

قدم الإصلاح نفسه- عبر برنامجه السياسي للشعب في انتخابات -93 وهو مستعد لقبول أي نتيجة يقررها مالك السلطة ومصدرها من أجل أن يكون الشعب أولاً وأخيراً هو صاحب الحق في منح ثقته وصوته لهذا الحزب أو ذاك لتمثيله وإدارة شئونه لفترة زمنية محددة ثم يقرر بعدها التجديد له أو تغييره حتى تترسخ عملية التداول السلمي للسلطة ونطوي صفحة حسم خلافتنا وصراعتنا بالعنف والقوة.

وحرص الإصلاح أيضاً ومن أول اختبار حقيقي لمعرفة موقفه من الشراكة والإقصاء, أن يؤكد لشعبه ولشركاء العمل السياسي أن لديه استعداد للتنازل عن حقه الديمقراطي لصالح خصومه السياسيين من أجل طمأنتهم وترسيخ ثقافة الشراكة وإعلاء المصلحة العليا على ما سواها.

ولذلك تنازل عن ترتيبه الثاني في الانتخابات البرلمانية الأولى عام 93 لصالح الحزب الاشتراكي دون أن يتمسك بهذا المكسب الذي ناله ديمقراطياً طالما كان التنازل عنه سيعزز الوحدة الوطنية ويوثق عراها.

ولم يتغيّر الحال كثيراً عندما خسر الإصلاح في ثاني انتخابات عام 97 والتي استفرد فيها المؤتمر بالسلطة ويساوم على خيار الشعب بقبول عرض الحزب الفائز بالمشاركة في الحكومة ويتنكر لموقفه الثابت بتغليب مغانم السلطة على احترام إرادة الشعب, وبالتالي فقد سجّل موقفاً متفرداً بكونه الحزب الذي وصل السلطة عبر الانتخابات وخرج منها من بوابة الانتخابات.

وبعد خروجه إلى صف المعارضة خاصة بعد الانتخابات المحلية عام 2001, وضع الإصلاح نصب عينيه توسيع دائرة الاصطفاف ضد النظام حينها والعمل على تأسيس تحالف سياسي عريض يحمل مشروعاً وطنياً يعبّر عن اليمنيين إلى أن تحقق ذلك بتأسيس اللقاء المشترك بفضل جهود من الشهيد جارالله عمر وآخرين من الأحزاب الأخرى.

وكان هذا التحالف بمثابة اختبار جديد للإصلاح في قبوله بالشراكة الوطنية ومدى استعداده للعمل مع أحزاب ذات خلفية فكرية وسياسية مختلفة وهو ما نجح فيه إلى حد كبير بشهادة شركائه وواقعياً ببقاء تحالف المشترك وهذا ما تجلى في تنازل الإصلاح عن قراره السياسي لصالح شركائه ضمن هذا التحالف واعتبار نفسه مثل غيره من الأحزاب الأخرى حتى لو كانت أقل شعبية وحجماً منه.

إن أحد الأدلة على مدى قبول الإصلاح بالشراكة والتنازل عن حقه لصالح شركاء النضال هو عدد الحقائب الوزارية التي حصل عليها في حكومة الوفاق والتي لا تتناسب وحجمه وثقله السياسي وتاريخه الوطني وهو ما تكرر في أكثر من مناسبة ومنها منحه تمثيلاً ضعيفاً في مؤتمر الحوار(50 عضواً),مقارنة مع غيره وهناك شواهد أخرى تدل جميعها على تقبله لمكاسبه السياسية مهما كانت صغيرة من أجل المصلحة الوطنية.

إن الشراكة السياسية خيار استراتيجي للإصلاح لا تراجع عنه وهذا ما تؤكده تصريحات قياداته في أكثر من مناسبه وهذا الأمر ينطبق على الشراكة في العمل السياسي ضمن تحالف المشترك وتوسيع إطاره أو الشراكة في أي حكومة قادمة حتى بعد المرحلة الانتقالية.

هذا الخيار ينطلق من قناعة راسخة مفادها أن البلاد بحاجة لجهود كل أبناءها ومخلصيها من أجل إخراجها مما تعانيه بسبب الأزمات المختلفة وبناء دولة مدنية حديثة وترسيخ تجربة ديمقراطية حقيقية عبر شراكة واسعة وبدون ذلك لا يمكن لأي حزب أو جهة أن تتولى إدارة البلاد بمفردها والتجربة السابقة خير مثال.

لا يمكن أن تستقر اليمن سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً وهناك تهميش أو إقصاء لأي مكون أو فئة أياً كان وزنها أو حجمها ذلك أن الشعور بالحرمان والإقصاء كفيل بلجوء كل من يحمله إلى الحرب واستخدام العنف ظناً منه أن هذا هو الطريق الوحيد لتحقيق أهدافه ومطالبه وهذا ما تجلى في الماضي ولا يزال قائماً لليوم.

من هنا كان موقف الإصلاح واضحاً من البداية, حيث استشعر خطورة الإقصاء الذي طاله مثل غيره وقدم نفسه نموذجاً لترسيخ الشراكة الوطنية من أجل تشجيع الآخرين على القبول بها وتعزيزها وطمأنة الجهات التي تشعر بالتهميش بأن مكانها موجود في حال تخلت عن العنف واللجوء إليه لتحقيق أهدافها ومطالبها.

العنف مرفوض عند الإصلاح فكرة ومنهجاً وسلوكاً تحت أي ذريعة كانت, وهو مرفوض حتى لتحقيق المطالب لقناعته أن طريق التغيير لابد أن يكون مدنياً حضارياً لتجنيب البلاد فاتورة الانزلاق إلى العنف وهذا ما دفعه لإعلان النضال السلمي خياراً استراتيجياً في مؤتمره العام الثالث في 2003 ثم عززه في مؤتمره العام الرابع عام 2007 وكل هذا من أجل تعزيز ثقافة النضال السلمي في تحقيق المطالب وتعزيز القناعة بالعمل الديمقراطي ورفض العنف بمختلف أشكاله.

واليوم وبعد كل تجارب اليمنيين مع الصراعات, فإن أكبر ما يحتاجوه هو تعزيز النضال السلمي المكفول دستوراً والعمل على إرساء قواعد العملية الديمقراطية وضمان التداول السلمي للسلطة لغلق الباب نهائياً وإلى الأبد أمام العودة لماضي الصراعات والحروب.

ما يميز التجربة الديمقراطية بغض النظر عن مساوئها أنها قادرة على تصحيح نفسها ومعالجة الأخطاء بمزيد من التجربة من خلال الانتخابات المختلفة.

قضية اليمنيين اليوم والغد والأمس هي بناء الدولة الوطنية الضامنة للحقوق والحريات وتحقيق التنمية الشاملة وقبل ذلك الضامنة للعمل الديمقراطي وهذه مسئولية الإصلاح وكل القوى الوطنية ولا بديل غير هذا للانتقال إلى الاستقرار والتنمية في ظل الصراع على السلطة بأدوات غير سلمية ووجود أطماع لجهات خارجية في اليمن.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد