;
سميرة زهرة
سميرة زهرة

الضحية بين العدالة الانتقالية و المصالحة الوطنية 948

2015-01-02 16:07:17


ظهرت العدالة الانتقالية كمصطلح سياسي وقانوني لمعالجة آثار انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث أثناء وبعد الحروب والصراعات السياسية المسلحة وغير المسلحة بما يُفضي إلى الإنصاف واﻻعتراف بحقوق الضحايا وتشجيع الثقة المدنية، وتقوية سيادة القانون والديمقراطية، وضمان عدم التكرار.

وكانت النشأة الأولى للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، في عهد نبينا الكريم محمد (عليه الصلاة والسلام) أثناء المرحلة الانتقالية الممتدة من بعد فتح مكة إلى حين وفاته، وهي ما تتبناه اليوم منظمة الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان.

فالعدالة الانتقالية ماهي إلا جزء من العدالة السماوية، وطي لصفحات الماضي، بكل آلامه وأوجاعه، والانتقال إلى يمن جديد.

و تشير العدالة الانتقالية إلى مجموعة التدابير القضائية وغير القضائية التي يجب أن تقوم بها الدولة، من أجل معالجة ما ورثته من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وتتضمَّن هذه التدابير الملاحقات القضائية، ولجان الحقيقة، وبرامج جبر الضرر وأشكال متنوِّعة من إصلاح المؤسسات.

المصالحة الوطنية هي عملية الوفاق السياسي، والاجتماعي المبني على آليات العدالة الانتقالية الشاملة، للانتقال من حالة الصراعات السياسية، الى حالة السلم وتعزيز الديمقراطية.

فالعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية وجهان لعملة واحدة وﻻ يمكن الحديث عن المصالحة وطنية بدون عدالة انتقالية.

فإن العدالة الانتقالية تهدف بشكل أساسي، الى تحقيق المصالحة الوطنية، فبعد الإرث الكبير من انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، فإن تحقيق العدالة الانتقالية هو السبيل الوحيد الذي يضمن تحقيق العدالة والإنصاف للضحايا وفي الوقت نفسه يفتح الطريق لتحقيق المصالحة الوطنية، التي بدونها ستكون اليمن عُرضةً لمزيدٍ من الاحتراب وإراقة الدماء والتي سيقف وراءها الانتقام بكل تأكيد.

وإن ما يحدث اليوم هو مسلسل لإيقاف عمل العدالة الانتقالية ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقد بدأت احداثه من وسط اروقة مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وﻻ يخفى على أحد ما مرَّ به تقرير فريق العدالة الانتقالية من صعوبات وعراقيل لمحاولة إغلاق باب هذا الفريق وإفشاله ،بل وإفشال مؤتمر الحوار بأكمله، انتهاءً باتفاقية السلم والشراكة، مؤتمر بروكسل.

وإن ما نسمعه عن عدالة تصالحية ،إنما هي عدالة مشوهة في عقول بعض البشر، ﻻ وجود لها في القوانين السماوية ، وﻻ الأعراف الاجتماعية.

وإن ما حدث من دائرة صراعات على إثر انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، فيحقُّ للضحايا أن يروا معاقبة المرتكبين ومعرفة الحقيقة, ولأنَّ الانتهاكات المنتظمة لحقوق الإنسان لا تؤثِّر على الضحايا المباشرين وحسب، بل على المجتمع ككلّ، فمن واجب الدولة أن تضمن ــ بالإضافة إلى الإيفاء بهذه الموجبات ــ عدم تكرار تلك الانتهاكات، وبذلك واجب خاص يقضي بإصلاح المؤسّسات التي إما كان لها يد في هذه الانتهاكات أو كانت عاجزة عن تفاديها.

تهدف العدالة الانتقالية بشكل أساسي إلى تحقيق المصالحة الوطنيّة، فبعد الإرث الكبير من انتهاكات حقوق الإنسان، تنحو اليمن إلى فقدان الثقة في حكم القانون، وفي آليات العدالة التقليديّة، ويظهر ذلك جلياً في ما نشاهده اليوم من حروب ونزاعات أهلية، وطائفيه حيث يتشكَّل لدى البعض الدافع القوي للرغبة في الانتقام، وهو ما يُدخل اليمن في دوَّامة لا نهائيَّة من العنف والعنف المتبادل. كما تهدف العدالة الانتقالية إلى إصلاح مؤسسات الدولة، وعلى رأسها مؤسسة الجيش والأمن، وكافة المؤسسات المتورطة في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان، أو التي لم تمنع ارتكابها. وبهذا تكون قد منعت، و إلى حد كبير، تكرار هذه الانتهاكات في المستقبل.

وعلى الأرجح أنَّ تاريخاً اليمني حافلٌ بالانتهاكات الجسيمة التي إن لم تُعالَج فسيؤدي ذلك إلى انقسامات اجتماعية وسيولِّد غياب الثقة بين المجموعات وفي مؤسِّسات الدولة، فضلاً عن عرقلة الأمن والأهداف الإنمائية أو إبطاء تحقيقهما. كما أنَّه سيطرح تساؤلاتٍ بشأن الالتزام بسيادة القانون وقد يؤول في نهاية المطاف إلى حلقة مفرغة من العنف في أشكال شتَّى.

*

عضو مؤتمر الحوار الوطني

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد