;
راغدة درغام
راغدة درغام

إنجاز معركة حلب هدية بوتين إلى ترامب 1000

2016-12-26 02:43:20

استبعاد روسيا وإيران وتركيا الولايات المتحدة من لقاء موسكو يأتي استطراداً لاستبعادها نفسها من ساحة الحرب السورية وتلبية لرغبات إدارة أوباما بالاستبعاد. يأتي هذا اللقاء الثلاثي أيضاً استعداداً لمرحلة دونالد ترامب وتهيئة لأرضية التعامل معه انطلاقاً من التربة السورية.

أميركا الغائبة طوعاً عن سورية تبدو مهمشة وهزيلة وهي تكتفي بابتسامة وزير الخارجية الضعيف جون كيري ومصافحته نظيره القدير سيرغي لافروف. إدارة أوباما تغادر واشنطن، وحلب تطاردها، فلقد ساهم الرئيس الأميركي المغادر في مأساة سورية الإنسانية عبر امتناعه عن الانخراط، نائياً بالولايات المتحدة عمداً عن سورية، وموفّراً الأرضية لروسيا لتعيد بناء نفوذها في الشرق الأوسط، مكافئاً راديكالية إيران ومباركاً تدخلها العسكري في سورية حتى قبل إبطال قرارات مجلس الأمن التي حظرت عليها أي وجود عسكري خارج حدودها. وللتذكير، إبطال هذه القرارات جاء جزءاً من رزمة التفاهمات مع طهران على الصفقة النووية التي أدت إلى هوس باراك أوباما بإنجازها حتى على حساب القيم الأميركية الأساسية. باراك أوباما يغادر البيت الأبيض بعد أسابيع قليلة يتأبط ملفّين لهما عنوان الخط الأحمر الذي تراجع الرئيس الأميركي عنه، هما إنذاره في شأن استخدام دمشق السلاح الكيماوي وإعلانه أن على الرئيس السوري بشار الأسد أن يرحل.

فلاديمير بوتين أراد أن يقدّم إلى دونالد ترامب هدية ثمينة مصنوعة في سورية غلّفها بعنوان القضاء على «داعش» و «جبهة النصرة» وكل من له علاقة بهذا الإرهاب. بوتين قدّم إلى ترامب إنجاز معركة حلب كي لا يرثها الرئيس الجديد في مطلع عهده وكي يريحه منها. بوتين قرر أن صديقه المحبب إليه ترامب لا يستسيغ التعقيدات وإنما يفضل لعبة ذكية عند إبرام الصفقات، لذلك أراد بوتين استكمال «تنظيف» حلب قبل دخول دونالد ترامب البيت الأبيض.

تأتي الانتصارات الروسية العسكرية في سورية وسط عداء متنامٍ ضد روسيا الجديدة العائدة إلى الشرق الأوسط. فلاديمير بوتين –مهما نفى ومهما غلّف مع تركيا ومصر– يبقى الرئيس الروسي الذي عقد صفقة تحالف استراتيجي مع إيران، بالذات في سورية. فعل ذلك وهو يصيح أنه ضد الإسلام الراديكالي وضد صعود الإسلام إلى السلطة، فتبيّن أنه كان يقصد السُنَّة وليس الشيعة، الذين أتوا بأول جمهورية تفرض الدين على الدولة عبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأنه ضد الإسلام الراديكالي السُنِّي إنما مع الإسلام الراديكالي الشيعي. هكذا، أعاد فلاديمير بوتين روسيا إلى الشرق الأوسط عبر الباب المذهبي ليساهم جذرياً في تأجيج الصراع السنّي– الشيعي كما سبق أن فعلت إدارات أميركية عدة. لم تأتِ العودة الروسية إلى المنطقة العربية وسط ترحيب وتقدير واحترام لدورها في سورية، وإنما العكس. هذا استثمار روسي محوط بعلامة استفهام كبيرة، لا سيما أن شبح الانتقام سيلازم روسيا.

أي علاقة ستبرز بين موسكو وطهران بعد حلب؟ ستبقى أسس العلاقة التحالفية الاستراتيجية ثابتة بالتأكيد. إنما سيكون هناك تفاوت في المواقف المبدئية ستضطر روسيا وإيران إلى معالجته، حمايةً للعلاقة التحالفية من الاهتزاز. فروسيا راغبة في إنهاء دورها العسكري المباشر والحيوي في حرب سورية، بينما إيران عازمة على توسيع أدوارها العسكرية في الحرب السورية. روسيا تريد تقوية الجيش النظامي في سورية بصفته ركناً أساسياً للنظام والدولة، أما إيران فإنها تريد تطبيق نموذج «الحرس الثوري» في سورية، كما في العراق، إضعافاً للجيش النظامي في وجه القوات غير النظامية. هذه اختلافات جذرية وليست تجميلية. إنما هذا لا يعني أن التحالف بين روسيا وإيران أصبح هشاً، فعندما يتحوّل قاسم سليماني مزهوّاً بالانتصار في حلب في خضم الإحراج الروسي لن يكون الجنرالات الروس راضين أبداً. لكن صنّاع القرار في روسيا لن يحتجوا علناً، لأنهم يدركون أن إيران عقدت العزم على تحرير الأراضي السورية والعراقية من «داعش» كي تسترجع مشروع «الهلال الفارسي»، ذلك أن تنفيذ هذا المشروع أولوية استراتيجية إيرانية يتم بمعونة روسية وأميركية.

روسيا حصلت على الكثير من تركيا في صفقة بوتين وأردوغان، بما في ذلك ربما تخلي أردوغان عن مشروعه الأكبر، وهو إنماء «الإخوان المسلمين» في الشرق الأوسط وآسيا، فالثلاثي الضامن أشار في بياناته وتصريحاته إلى سورية «العلمانية»، المرفوضة تقليدياً من جانب تركيا، وهذا لافت. تحدث الثلاثي عن وحدة أراضي سورية في الوقت الذي تعمل إيران، ميدانياً، على جغرافية النفوذ والتواصل مع «حزب الله» في لبنان، بينما تركيا تعارض قيام كيان كردي في سورية، لا سيما أن قيام الدولة الكردية المستقلة في العراق بات حتمياً،

عن الحياة

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبد الملك المقرمي

2024-05-05 23:08:01

معاداة للإنسانية !

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد