;
د. عبد الواسع هزبر المخلافي
د. عبد الواسع هزبر المخلافي

جمعية معاذ العلمية العلم الشرعي وصناعة العلماء 2 1051

2017-01-23 01:56:24

في الجلسة الافتتاحية لملتقى جمعية معاذ العلمية (العلم الشرعي في محافظة تعز.. الواقع والطموح) سأل المشائخ العلماء عن بعض تلامذتهم الذين كانوا يعدونهم ويُحَضِّرونهم في الحلقات صبحاً وعشياَ لكثرتهم، فكان الجواب الشافي الكافي المقنع بأن بعضهم قد انتشروا في ربوع الجمهورية اليمنية في حضرها وريفها، شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، وأنهم قد تبؤوا مراكز شرعية عليا وأصبح لهم مدارس وتلاميذ وأتباع، وهم يبلغون رسالات ربهم ويخشونه ولا يخشون أحدا غيره كما تعلموا منكم، وهم الآن علماء صاعدون فاعلون، وأن بعض هؤلاء العلماء يرابطون حاليا في ثغور الجهاد والمقاومة والدفاع عن الدين والإنسان والأرض والعرض في البقاع اليمنية المشتعلة، يقفون صفاً واحداً ضد البغاة الغزاة المنقلبين على الشرعية، المعتدين على الشرع والشريعة والعلماء، المفجِّرين محاضن العلم الشرعي ودوُرِ العبادة والقرآن والسنة، المفسدين في الأرض، أبناؤكم العلماء يتقدمون الصفوف في الجيش الوطني والمقاومة الشعبية قتالا مباشرا، ودعما لوجستيا، وتوجيها معنويا، وهم في مقدمات المعارك، وجبهات تعز خير شاهد فضلا عن الجبهات الأخرى خارج تعز؟!
وليس ذلك فحسب بل قد أصبح من هؤلاء العلماء التلاميذ شهداء في المعارك والحرب الدائرة، فهم أحياء عند ربهم يرزقون بإذنه تعالى، ومنهم الجرحى الذين يتماثلون للشفاء، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، هنالك اطمأن المشائخ العلماء على جهودهم وبذورهم وزروعهم الإطمئنان الكامل، حيث أصابت بذورهم أرضاً خصبة وغيثاً جم فأمسكت وأنبتت ونمت وربت، حتى أصبح الزرع يؤتي أكله بإذن ربه في كل حين كما يجب وينبغي! فكان في الجواب والمداخلات عظة، وفي الكلام والتوضيحات عبرة، وفي الحديث تدقيق ورؤية ونظرة، وفي المشاركات تأثر وتفكير وثبات فكرة، وفي طرح المشائخ العلماء الكبار للخلائف قدوة، وفي مشاركات العلماء الحضور على تقدم عمرهم قدوة وأسوة، وفي الذود عن القرآن وسنة أبي القاسم هدى وأصل للسير عليه وسنة.  
هو ملتقى معاذ للعلم الشرعي وعلماؤه زمنه قصير لكن ما حققه كثير، مدته قليلة لكن أحماله ثقيلة، جلساته قصيرة لكن مسائلها ومهماتها عسيرة، زمنه يقاس بالساعات لكن ميزانه وآثاره بالسنوات، حلقاته صغرى لكن نتائجه كبرى، وأهميته عظمى. بدأت الورشة المعنونة بـ (العلم الشرعي في محافظة تعز.. الواقع والطموح) في الساعة التاسعة صباحا وانتهت الساعة الثالثة والنصف عصرا، تحت مظلة جمعية معاذ العلمية لخدمة القرآن الكريم والسنة النبوية - إدارة العلوم الشرعية وطاقمها الإداري المؤهل الفاعل الفذ. 
كانت الجلسة الافتتاحية قمة في الأثر والتأثير، غاية في الوقع والإيقاع، عظيمة في الكلمات والمعاني والمغازي، اكتسبت هيبة ورهبة، هيبة المتحدث ورهبة المتكلم، كلمات خالدات عبَّرت عن طول التجربة وامتدادها، وعن عمق الخبرة وسعة الأفق وخبرة أغوار الماضي ومراجعة الرصيد التربوي والدعوي والنتاج العلمي الآني، كلمات حارة، وعبارات ساخنة، ومقاصد ناضجة بأساليب مؤثرة وعابرة للأشخاص والهيئات والزمان والمكان، تأتي بالماضي وتطرحه في الحاضر، وتعالج به المستقبل، كلمات الافتتاحية كأنها كانت مواعظ ختامية وكلمات مودع، أو كأننا في دور تسليم وتسلم واستلام وتحمل أمانة القول الثقيل، وهو كذلك كما استشعر الحاضرون، لذلك رافق الاستماع صمت وخشوع ودموع خفية خافية وجلود مقشعرّة وعقول مستشعرة للحدث؟! 
حيث كانت كلمات تاريخية واعظة زاجرة تجمع بين الألم والأمل للأستاذ: عبد الحافظ الفقيه ضيف الملتقى، طاف بنا بين أهمية العلم والعلماء في القرآن والسنة والواقع والطموح، ثم رحلة العلماء الاختيارية والقهرية بين عدن وتعز وضرب لنا المثل بالشيخ العالم/ محمد بن سالم البيحاني- رحمة الله عليه- وذكرنا بإحدى قصائده التي حكت جهوده في العلم والتعليم وتربية الأجيال، وعن الأذى الذي لاقاه وعاناه وقاساه، وحجم الظلم والاستبداد الذي تحمله في سبيل الله من جهة السلطات الحاكمة آنذاك والتي توجها الأعداء بتأميم مؤسسته العلمية في حياته مدرسته المشهورة، ومطاردته ولجوئه إلى محاضن تعز العلمية، وإغلاقها بعد مماته وتفريغها من محتواها ومضمونها في عهد الزعيم المخلوع بعد الوحدة. 
ثم كانت كلمة جامعة للشيخ العالم الجليل عبد الرحمن قحطان حفظه الله- التي أعجز عن التعليق عليها وهو يستعرض حياته العلمية وطلبة العلم الشرعي الذين كانوا يختلفون إليه ويتابعونه، ويذكرهم بالأسماء والأوصاف رجالا ونساء، ويتساءل عن جهوده ومدى فاعليتها في الواقع؟ ويسأل عن جهودهم وأداء دورهم اليوم وأهميته وحجمه ومستواه؟ بأسلوبه القوي المعتاد، وقد أشرنا لذلك آنفا، ثم كانت كلمة مدير جمعية معاذ العلمية الدكتور/ عبد الحميد التي تحدث فيها عن أهمية الملتقى وأهدافه ومقاصده وطموحات الجمعية في جوانب العلم الشرعي وتكوين العلماء ومواصلة الجهود، وعن تحريك عجلة العلم وبناء علماء خلائف، وعن برنامج الملتقى، وأجاد وأفاد واتصف كلامه بالحرقة ثم بالأمل المعقود على المستهدفين.
 كانت مفتتح الافتتاحية تلاوة قرآنية للشيخ الحافظ القارئ عبد الرحمن المخلافي وجلت منها القلوب وذرفت من العيون، وتوقفت لها الألسن وأذعنت لها الأسماع، جمع صاحبها بين اختيار الآيات ذات العلاقة، والصوت الجميل النادر المتميز، والتأثير على القلوب وتلابيب المشاعر وأحاسيس الوجدان، تلاوة عطرة في تجويد وتحسين وجدة وإبداع. 
أستاذ مشارك- كلية الآداب- جامعة تعز 
◀يتبع3

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

علي أحمد العِمراني

2024-05-18 23:21:11

"3-5" حقائق عن اليمن

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد