بعد الانتهاء من الجلسة الافتتاحية لملتقى جمعية معاذ العلمية للعلماء ( العلم الشرعي في محافظة.. الواقع والطموح) قسّم القائمون على الأمر الحاضرون على أربعة محاور بأربع مجموعات عُلمَائية مستهدفة من واقع الحاضرين بأربع جلسات متزامنة في الفترة الصباحية، تخصصت لدراسة واقع هذه المحاور الأربعة، ومثلها مكررة في الفترة المسائية بعد الظهر، تخصصت لدواسة الطموح. والمحاور الأربعة هي:

١- العلماء ودورهم (الواقع – الطموح).

٢- العلم الشرعي في البيئة الاجتماعية (الواقع- الطموح).

٣- محاضن العلم الشرعي (الواقع- الطموح).

٤- إمكانات العلم الشرعي (الواقع- الطموح). 

وكان قد أعقب مناقشة المحور الأول (الواقع) قراءة نتائج مناقشته بحضور الجميع، ثم التعقيب عليها والإضافات، وقد أعقب مناقشة المحور الثاني (الطموح) قراءة نتائج مناقشة المحور الثاني، ثم التعقيب عليها والإضافات، ثم كانت التوصيات والمقترحات قد كتبت ورفعت من واقع الجلسات إلى إدارة الملتقى كما هو محدد في البرنامج المعد بإتقان وهكذا، تولى رئاسة الجلسات العملية الدكتور الفاضل/ نصر مطهر وألقى عليها ظلال لفتاته العلمية، ولطائفه المنهجية، وأخلاقياته وسلوكياته الموضوعية عظيمة الفائدة. 

كانت إدارة الملتقى عند مستوى المسؤولية الإدارية والتنظيمية والخدمية في الجلسات النظرية والعملية، سار كل ذلك يتنظيم بارع، وبسلاسة ويسر، وتسلسل وبمنطقية، وبعلمية منهجية وموضوعية، واتسم الطرح بين أهل الملتقى بالتشخيص الدقيق، والتحليل العلمي الأصيل، وكانت الصياغة الأولية للمخرجات والمقترحات والتوصيات في جانبي الواقع والطموح للمحاور الأربعة تكشف عن الواقع ومشكلاته، وتنطلق من البيئة في الزمان والمكان والحال، وتنشد الطموح بتوازن وتكامل، وتراعي الإمكانات والظروف والأحوال والملابسات، وترقب المخاوف والتهديدات وتحسب لها حسابها بدقة وموضوعية وإنصاف. 

ومن جهة أخرى جاءت تلك المسودات الأولية والصياغات المدروسة خلال اليوم الواحد لتجمع بين التجديد والتحسين والجدة والإبداع منضبطة في ضوء الأصول الشرعية والقواعد الضابطة وموجبات الشرع الثابتة، بعيدة عن تحريف الغالي، وتأويل الجاهل، وانتحال المبطل، وتطاول المتعالم، تنبذ الإرهاب ومحاضنه، وتكره التطرف وجماعاته، ترد البدع الضالة والمبتدعين أياً كانوا، ترفض الفصل بين القرآن والسنة في التشريع أو تجاوز أحد المصدرين، تستهجن العصبية والغلو والتنطع في الدين والإفراط والتفريط بالإسلام، تندد بالخرافات والأساطير والأحلام والأهواء الطائفية لفرق الجهل والضلال والطائفية الدينية البغيضة القديمة منها والتي ظهرت اليوم بثوبها الجديد. 

علماء يعتمدون طريق أهل السنة والجماعة والحق والحقائق والدليل من الكتاب والحديث والإجماع والعقل الصحيح الصريح، طريقاً واحداً وحيداً لعرض الإسلام على الآخرين وهدايتهم. هكذا هم في الملتقى علماء مسلمون خير أمة أخرجت للناس، عدل وقسط، وسطية واعتدال، يختارون العلم الصحيح علم الكتاب والسنة، وتوزن العالم ذو العقل الصريح المنضبط، وتراعي الحال والمقام والمقال وفقه الواقع والتنزيل عليه وفهمه والواجب فيه. 

كان هناك بين العلماء في الملتقى مناقشات شيقة، وحوارات جذابة، وكلمات عذبة، وجمل مصونة، وتعبيرات لذيذة، وأخلاق حميدة، وسلوكيات دانية، وقطوف ناضجة يانعة، مداخلات ونقاشات وردود محترمة، ورؤى ذاتية مقدرة، وآراء اجتهادية، وتصويبات شخصية هي في القمة من الجمال، وفي الغاية من الدقة والمنتهى من الذوق المستلذ والحلاوة والطراوة والغداقة . 

 هناك في الملتقى علمت أن العلم الشرعي بخير ما دام أن هناك مؤسسات علمية في محافظة تعز تتبناه وترعاه وتصنع علماءه، أمثال (جمعية معاذ العلمية لخدمة القرآن الكريم والسنة النبوية )، هناك علمت علم يقين أن العلماء يورثون العلم والعلماء الخلائف من الرجال والنساء من بعدهم، وأنهم لا يورثون دراهم ولا دنانير ولا ريالات ولا مكاسب ولا مناصب ولا عقارات كالأنبياء في القدوة والأسوة، فالعلماء في الأصل والأساس هم ورثة الأنبياء، هناك عرفت أمثر وأكثر أن تعز هي بحق وحقيقة مدينة الثقافة والعلم والأخلاق، وأن تعز هي الحاضنة للعلم والعلماء والثقافة والوسطية والاعتدال، وأن العلماء العاملين المعتبرين في هذه المدينة هم المحاضن المعتبرة لكتاب الله وسنة رسوله وتراث الأمة وفكرها الإسلامي الأصيل، ويحفظون للإنسان الدين والعقل والنفس والعرض والمال والوطن والأخلاق، فهنيئا لجمعية معاذ العلمية هذا التبني للعلم الشرعي ولعلمائه، وهذا الإعداد والإمداد والاستمداد المتميزة، وهنيئا لمحافظة تعز هذه الكوكبة من العلماء، وهذه المؤسسة الرائدة، وهذه الإدارة الناجحة،، 

أستاذ مشارك- كلية الآداب- جامعة تعز