ربما ليس هناك من لا يعرف هذه الصورة واسم وقصة هذا البطل.
هذا الرجل رافق شباب اليمن منذ 2011م في ساحات الثورة السلمية ضد نظام صالح، تعرفه معظم شوارع وأحياء صنعاء كبائع للعطور.. لم تتمكن القنوات والعدسات من تجاوزه وهو الحاضر النشط خلال المظاهرات والفعاليات الاحتجاجية السلمية. لحيته البيضاء وجاكته الأحمر لا تزال تجذب الانتباه، عصاه الشهيرة يتوكأ عليها ويلوح بها أمام العدسات وفي وجه قوات وبلاطجة صالح.
صادفته اليوم في أحد أحياء مدينة مأرب، لم يحتمل مفارقة رفاقه الذين لم تكتمل أهداف ثورتهم السلمية فحملوا السلاح لمواصلة الكفاح.. لم تمنعه شيخوخته ولم يُعجزه كبر سنه وقساوة ظروفه من مشاركة رفاقه في استعادة وتحرير الوطن.. صلابته وصبره قهرتا الظروف القاهرة لم تنكسر أمام غدر الزمن وغدراء المكان.
حامل الطيب، يتواجد حاليا في مأرب، يوزع الطيب على الجميع، ترك أسرته وجاء مع غيره من خيرة رجال اليمن الأحرار حاملا خيزرانه وقضيته النبيلة.. يطوف المدينة مشيا على قدميه يعرض بضاعته القليلة في سوق يرتفع فيها الطلب غالبا على السلع الأساسية، إما أن تبتاع منه أو تشتم منه رائحة طيبة أو ابتسامة طيبة صادقة يوزعها على الجميع.. يعتمد على هذه التجارة لضمان توفير الحد الأدنى من الدخل له وأسرته.
مثل رفاقه من النازحين إلى المدينة لم يسلم الرجل من نوازل الدهر وقلة مصادر الرزق..
لم يجد هذا الوالد مأوى يسكن فيه فلجأ مضطرا إلى زاوية أحد الجوامع ينام ويتعبّد فيه ليلا ويستمر في عمله (الشاق) نهارا. لكنه يبدو راضيا بالعائد القليل والحياة العزوبية، يكفيه أنه على مقربة من رفاقه ويتمتع بالحرية والأمن والعيش الحلال.
ينصرنا الشيوخ مثلما لم يخذلنا الشباب.. بمثل هؤلاء ننتصر، ومن سهامهم الصادقة التي لا تخطئ أبواب السماء يأتي النصر.
هذا العملاق البطل يشتهر بـ (العم يوسف الريمي).. وهذه الصورة التقطتها عدسة الزميل سليمان النواب أثناء صلاة عيد الأضحى الماضي في إحدى ساحات مدينة مأرب.
