;
د.علي عرجاش
د.علي عرجاش

مرة أخرى: حجور/ كشر 933

2019-01-19 03:33:38

تتوالى الأحداث في حجور/ مديرية كشر منذ نوفمبر 2011، حينما جاء إلى حدها الغربي مجموعة صبية قادمين من محافظة صعدة يقودهم يوسف المداني. وأتذكر يومها أني اتصلت بالشيخ/ حسين محمد الجماعي- عضو مجلس النواب السابق- عن مديرية مستبأ، وسألته: ما الذي يجري في منطقة "أبو دوار"؟ حيث كان لحظتها في المكان ذاته، لم يجبني لكنه أحالني على ابنه عبد الرحمن، فرد علي بأن يوسف المداني أتى ليستقر في مزرعة تتبعه وإخوانه، فسألته: هل جاء بأدوات فلاحة؟ أم أدوات حرب؟ فكان الرد: من هذا وذاك... قلت مجيئه ليس خيرا، وسيجلب للمنطقة مشكلات ودمارا يتحمل هو ومن شجعه على المجيء كل ما سيحدث، وفي مقدمتهم أنت أخي عبد الرحمن... تسارعت الأحداث وحدث ما حدث من حرب استمرت لما يقارب خمسة أشهر، حصدت أرواح مئات من أبناء المديرية الطيبين، وأضعافهم ممن قدموا إليها، وقدموا لها الموت. تم ذلك في ظل جهود ذاتية للأهالي وهم يدافعون عن بيوتهم ومزارعهم وسوقهم الذي دمرته المليشيا، ودمرت معه موردا اقتصاديا مهما لم نشعر أن من صنعوا تلك الكارثة يتحسرون عليه، كما زرعت الألغام في الطرقات والبيوت ودورات المياه؛ بل إنهم زرعوها في الجثث، وتحول مشروع المنطقة الاستراتيجي المهم (معهد التدريب المهني الذي بني على نفقة الشقيقة المملكة العربية السعودية) تحول إلى قلعة عسكرية لأولئك الغلمان المتعطشين للدماء، ويبحثون عن أماكن يؤذون أبناءها بصراخهم وعنفهم هنا وهناك. كما أن تلك الحرب الظالمة تسببت في مآسي يندى لها جبين الإنسانية؛ حيث مئات الضحايا الأبرياء ممن عانوا إعاقات كاملة أو جزئية، ومئات الأيتام والأرامل. ولذلك ظل أبناء المديرية وما يزالون في عناء حتى اللحظة نتيجة هجمة برابرة العصر، ودعاة الموت، وكانت ضريبة دفعها أبناء المديرية في حرب لا يريدونها، حيث لا يوجد مبرر لكل العنف الذي مارسته المليشيا ضدهم؛ ذلك العنف الذي حشر أبناء المنطقة في زاوية ضيقة، وكان لا بد لهم أن يدافعوا عن أنفسهم. اليوم وبعد أن وصل الجيش الوطني إلى مثلث عاهم الذي يبعد ما يقارب 38 كم من عاهم؛ تتجه الأنظار نحو مديرية كشر التي لم تسيطر عليها المليشيا حتى الآن، ولغرض السيطرة فقد حشدت المليشيا جيشا ومعدات ترابط على أطراف المديرية من كل الاتجاهات استعدادا لدخولها... وهنا نود أن نشير إلى أن الحرب لا أحد يريدها من أبناء المديرية، وأنهم يتوقون للسلام؛ حيث يكفيهم أوجاع ما مضى من السنين سواء ما كان منها مباشرا على رؤوسهم منذ نهاية 2011، أو الوضع العام الذي تعيشه اليمن نتيجة انقلاب المليشيا على السلطة عام 2014. لكن أبناء المديرية لن يسلموا رقابهم لبرابرة العصر، ودعاة الموت، وسيدافعون عن أنفسهم، وسيظل القلق على حياة الأطفال والنساء وكبار السن وكل فرد، سيظل ذلك القلق في ازدياد. ومما سبق يمكن أن نوجه ما يلي: أولا: إلى أبناء المديرية وهم رجال بحق- يوضعون على الرأس- وبهم ومواقفهم نفاخر ونعتز؛ نقول لهم: لا تجعلوا الحرب خياركم، ولا تندفعوا أو تدفعوا نحوها، لكنها إن فرضت عليكم فأنتم أهل للدفاع عن أنفسكم وحياتكم وممتلكاتكم، وثقوا أن الظالم سيغلب، وأن ما يجري قد يتسبب في تغيير معادلة الصراع على مستوى اليمن. كما أن عليكم ابتداء أن تتعاونوا في حل ما تعانيه المديرية من مشكلات تعلمونها جيدا، ولا داعي لطرحها هنا، وهي التي تتعلل بها المليشيا اليوم للدخول إلى المديرية، كما تعللت عام 2014 بالقضاء على ما أسمتها حكومة الفساد، وعلى الزيادة في أسعار المشتقات النفطية، ودخلت على إثرها صنعاء، وكان ما كان بعد سقوط صنعاء حتى الآن. ثانيا: أخاطب من ارتضوا- من أبناء المديرية وما جاورها- أن يكونوا جزءا من مشروع الموت؛ فأقول: عليكم أن تدفعوا باتجاه عدم اقتحام المديرية فليس فيها مطارات ولا موانئ ولا بنوك، ولا هي على الحدود، كما أن أبناءها يحبون أن يعيشوا مثل كل البشر، وأن يعلموا أبناءهم، ويجدوا المشفى والطريق والماء، والكهرباء ومقومات الحياة فشاركوا في أن تسقوها الحياة لا الموت، واعلموا أن مشاركتكم في حدث كهذا لا ولن يكون خيرا قط، وستتحملون نتائجه وأوزاره لآماد بعيدة، وستكونون في الواجهة، وحين ينتهي كابوس المليشيا الذي جثم على اليمن ستجدون أنفسكم أمام ضمائركم ربما، وربما أمام إخوانكم من الموجوعين، وذوي الآهات... فهل يمكن لكم أن تكونوا استثناء يفضل السلام وترك العنف والدماء على عكس كل المليشيا في مناطق أخرى؟ ثالثا: على أبناء المنطقة أن يسجلوا الأحداث ويقيدوها ويوثقوا مجرياتها خدمة للتأريخ الذي لن يرحم كل فاعل شر... رابعا: إلى قيادات المليشيا على مستوى اليمن أقول: ليس جديدا ما تعملونه، ولم يكن طارئا بالنسبة لي، وكل ما حدث كنا نتوقعه، وقد طرحته عبر العديد من الوسائل؛ لكن أخاطب من ما يزال له عقل يفكر به: نعلم أنكم تكذبون كما تتنفسون، وأن الأحداث أكدت لنا ذلك، وأنكم لستم أهلا للتعايش ولا السلام، وأن مشاريعكم علمت من لم يكن يفهم طبيعة مشروعكم حقيقتكم، كما أن سطوتكم على معظم سكان اليمن قد عرفت من تأخر في الفهم عن حقيقة مأساويتكم ماضيا وحاضرا ومستقبلا، ولن يكون أبناء حجور استثناء، بل على العكس كانوا متقدمين في فهمهم لكم، وقد سبقوا علي الصراري وأروى عثمان، والنويرة والشايف، والشجاع والمذابي وغيرهم وغيرهم...، فلا يغرنكم تمنطق بعض أبناء المديرية معكم فإنهم لن يرضوا بظلم أهليهم وأحبتهم، وستجدونهم في الموقف المضاد في الوقت المناسب... خامساً: لكل الإعلاميين والحقوقيين والكتاب والمنظرين: حجور جزء من اليمن لا يتحدث عن مأساتها الكثير، ولا بواكي لها ولا نائحات، تتحمل المآسي والأوجاع في صمت مطبق ومستغرب من قبل الكثير منكم فانتصروا لجراحها، وقدروا معاناة أبنائها، وابحثوا عن حقيقة ما جرى ويجري فيها... سادسا: إلى المجتمع الدولي وإلى منظمة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والمبعوث الأممي مارتن جريفث: هذه منطقة أبناؤها يعانون الأمرين، وهم محاصرون من قبل المليشيا التي تستعد لاقتحام مناطقهم...وأبناؤها من بني البشر، ولهم حقوق إنسانية فنناشدكم التدخل لدى المليشيا التي (دللتموها) وارتقيتم في تعاملكم معها إلى ما يشبه التعامل مع قوة مدنية وهي جماعة عنف طائفية مسلحة، وتتعاملون معها كسلطة أمر واقع وهي مليشيا تسببت في تدمير بلد عريق كان سعيدا إلى عام 284 حينما أتى مؤسس فكر هذه الجماعة يحيى الرسي، وتحول إلى يمن حروب ومجازر ومقابر جماعية في سبيل الاقتتال على الولاية بين أحفاد يحيى الرسي وبعضهم، وبينهم وأبناء اليمن، وما لم تفهم يا جريفث طبيعة الصراع الذي تشهده اليمن فلن تحل مشكلة؛ بل ستزيدها تعقيدا... وعليه نناشدكم أن أوقفوا جنون هذه المليشيا الذي تخطط لتنفيذه في حق المدنيين في كشر... سابعا: إلى الشرعية التي هي قدر ومصير اليمن ورافعته الوحيدة للخروج نحو مستقبل آمن أقول: حجور/ كشر جزء أصيل من اليمن سكانه يتجاوزون المائة ألف نسمة، وهم يعشقون اليمن، ويقبلون ترابه، ويتوقون لاستعادة الدولة، ويهيمون حبا في الجمهورية وقيمها والثورة ومبادئها، والديقراطية وآلياتها، وبالمناسبة أتذكر أن أبناء المديرية في أوج هجمة المليشيا عليهم في 20 من فبراير 2012، كانوا يتناوبون بين حماية مساكنهم وحدودهم من المليشيا، وبين الذهاب لصناديق الاقتراع لينتخبوا فخامة الرئيس/ عبد ربه منصور هادي... وهم يتوقون لاستعادة الدولة، كما يتوقون للأمن والاستقرار والتعايش فعليكم- أي الشرعية- أن تهتموا بهذه المديرية، وتضعوا لها وزنا في مفاوضاتكم وقراراتكم. أخيراً أكرر أننا ندعو للسلم والتعايش والحب والخير والبناء والتمدن، وسنظل كذلك ما حيينا رغم أن المليشيا أوصلت اليمنيين إلى قناعة أنها أداة عنف، ولن تعيش سوى لمشروعها المعتمد على العنف وله.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد