بقلم/ سيف محمد أحمد
«42» شهيداً من افراد القوات المسلحة سقطوا خلال احداث التمرد الجديدة بمحافظة صعدة إلى جانبهم «81» جريحاً- هذا ما اعلنه رئيس جهاز الامن القومي في لقاء مع اطياف المعارضة تحت قبة مجلس الشورى والذي خصص لمناقشة تقرير الجهات الامنية عن مستجدات الاحداث في صعدة.
وهنا وبعيداً عن ما اورده هذا التقرير عن مجريات الاحداث التي ادت إلى سقوط «42» شهيداً من ابناء القوات المسلحة وجدت نفسي وانا اتلقى هذا الخبر في رسالة موبايل بدهشة أفزعتني وجعلتني أعتصر ألماً وأحترق قهراً على سقوط هؤلاء وبهذا الكم الهائل وهذا العدد من الشهداء حينها ظننت أنه سيكون أشبه بسقوط الصاعقة على جميع اطياف التكتلات السياسية خاصة احزاب اللقاء المشترك، وتبادر إلى ذهني ان احزاب اللقاء المشترك قد اعلنت في اوساط قياداتها حالة من الطوارئ لعقد اجتماعات استثنائية، وانها في هذه الاجتماعات وبأي حال من الأحوال ومهما كان موقفها السياسي تجاه سياسة الدولة إلا أنها تعتبر الأحداث الجارية تمرداً يجب ان تقف بمسؤوليتها الوطنية تجاه سقوط «42» شهيداً من ابناء القوات المسلحة وجرح «81» آخرين، وان تطرح وبقوة استنكارها ودهشتها وصدمتها وحزنها العميق على اولئك الشهداء، وقلت في نفسي ان احزاب اللقاء المشترك حتى وان كانت غير راغبة في تأييد الحكومة في استخدام القوة ضد المتمردين.. فانها ستتعامل مع فاجعة مثل هذه وأمام هذا العدد من شهداء الواجب الوطني من ابناء القوات المسلحة، وانها ستذهب إلى مساءلة الحكومة واجهزتها الامنية: لماذا سمحت بسقوط هذا العدد من الشهداء؟ ولماذ لم تحرص على اخذ كل الاحتياطات العسكرية والامنية الكفيلة لحماية جنود القوات المسلحة والامن؟ كما انها ستتهم الحكومة بالتقصير والتبرير والاهمال المتعمد بسبب عدم القبض على مرتكبي هذه الجريمة وتقديمهم للعدالة، كما انه وفي اسوأ الاحوال التي تجعل موقف اللقاء المشترك سلبياً تجاه احداث التمرد المسلح ايضاً- وهو ما تبادر في خاطري على أسوأ احتمال أن ما ستقدم عليه احزاب اللقاء المشترك وهو ان تعزي اسر الشهداء وتدعو الحكومة إلى رعاية ابنائهم وتحملها مسؤولية الحفاظ على سلامة ابناء القوات المسلحة، وان تتحمل مسؤوليتها الدستورية في حماية الوطن وابنائه من منتسبي القوات المسلحة والمواطنين وفق ما نص عليه الدستور، وانهم سيشكلون لجنة من قيادات احزاب اللقاء المشترك لمتابعة مجرى الاحداث وانها سترفض على لسان هذه اللجنة سياسة الحكومة في التعامل مع احداث التمرد المسلح بمحافظة صعدة- لكنها في نفس الوقت لن تكون اقل حباً وحرصاً على قواتنا المسلحة وعلى رفع معنويات منتسبيها من رئيسة مجلس النواب الاميركي نانسي بيلوسي التي رفضت سياسة بوش في العراق وخطته الجديدة وذهبت مفاجئة للعالم بزيارتها للعراق التقت فيها بقيادة الجيش الاميركي المحتل لتطمئن على احوال أفراده ولترفع من عزيمته ومعنوياته.
نعم.. راودتني نفسي وبقوة ان احزاب اللقاء المشترك والتي يقبع تحت قبتها جواهر القيم القومية والاسلامية فكراً ومنهجاً برؤيتها الثورية المناوئة لكل اشكال الاستعمار والاستبداد في الوطن العربي والعالم الاسلامي -خاصة بعد ان تأكد لي انها كانت تسعى إلى ان تكون السباقة في دعوة حركتي فتح وحماس إلى وقف الاقتتال الداخلي وعدم سفك الدم الفلسطيني، وأنها كانت تنوي دعوتها للحوار الاخوي لاحتواء الازمة برعاية المشترك في صنعاء إلا أن دعوة المملكة العربية السعودية سبقت دعوة احزاب اللقاء المشترك بدقائق- هذا الوازع القومي والغيرة الاسلامية والقيم الانسانية التي طغت على احزاب اللقاء المشترك كقضية جعلتها في دائرة الاهتمام بالكارثة الأوسع في العالم العربي، وبذلك تكون احزاب اللقاء المشترك افضل حالاً من الاحزاب السياسية في العراق التي سارعت إلى الاحتجاج على نتائج مباراة العراق مع السعودية رامية وراءها مئات القتلى والجرحى يسقطون في شوارع بغداد يومياً.
هي اذاً مسؤوليات وطنية تتحملها القوى الزاعمة انها وطنية مثقلة بالهم السياسي الوطني والثقافي القومي والعقائدي الاسلامي، لكن لا ينال شرف ممارستها وتأدية رسالتها إلا من رحم الله- وهداه إلى سواء السبيل.. أومن هان الوطن ودماء حماته عليه- هانت عليه نفسه.
نعم.. اجد نفسي وانا اكتب هذه الاسطر في درجة عالية من الاحباط والشعور بالانهزام المفرط تجاه التحديات التي تواجه وطنننا وامتنا العربية، واوشكت على التيقن بأننا احزاباً سياسية ومثقفين ومنظمات جماهيرية ونخباً سياسية وقيادات حزبية- نحن المتمردون على الوطن وسيادته الحقيقيون، واننا نحن من نقتل ابناءنا من افراد القوات المسلحة، ونحن الفعلة الحقيقيون تتقدمنا احزاب اللقاء المشترك، واننا جناة في انتهاك سيادة الوطن ونعرض سفينته للخطر- كل هذا تتحمل مسؤوليته احزاب اللقاء المشترك، ونحن معها لانها فرطت في مسؤولياتها الوطنية في الدفاع عن الوطن وسيادته وحقن دماء ابنائه- ونحن معها- لانها صامتة مطفئة للأنوار لتشاهد احداثاً تسفك بوطن وكأنها تشاهد برنامجاً درامياً.. احزاب تمردت عن واجبها ومسؤوليتها- نحن معها- ليجد نفسه الوطن ضحية تمرد مسلح طائفي مقيت، وتمرد سياسي وقيمي وفكري تخلى عن تحمل مسؤولياته تجاه الوطن..
نعم.. قد اكون بما ذهبت إليه قد اثرت ألماً لدى بعض القيادات في احزاب اللقاء المشترك، لكن حين اذكر ألم اسر الشهداء على فقدان ابنائها وعلى ألم الجرحى من ابناء القوات المسلحة، دون ان تجد من يواسيها ويمسح دمعة الايتام من المعارضة، يهون علينا ألم هذه الاحزاب وان كانت مجتمعة، ولعلي بهذه الاسطر قد اكون ايقظت غفلة لدى اوساط احزاب اللقاء المشترك ظلت اسيرة لوهم طوال السنوات الماضية- وهي ان الوطن ليس مسؤولية الجميع وانما مسؤولية الحزب الحاكم- وان قضايا بحجم الوطن مواضع هزلية -يتم التعاطي معها كأنها «متش» كرة قدم- وانما هي قضايا وطنية تستوجب شرف خوض نزالها لدى جل أبنائه وبمختلف تكويناتهم السياسية والاجتماعية، وليرحم الله شهداء الواجب من ابناء القوات المسلحة ويشفي جرحى هذه المؤسسة، ويحمي الله الوطن من تمرد اعدائه وخذلان أبنائه.
