;

الحوثيون ينهون الحقبة الزيدية في اليمن 1635

2007-02-24 20:40:48

حسن الأشموري

يكن من المتوقع لا في المدى القريب أو في قادم الأيام من تاريخ اليمن بكل تغيراته التفكيرية والاعتقادية والمذهبية وأنماط الحكم التي تعاقبت وستتعاقب في اليمن أن تلج الحقبة الزيدية مرحلة الانحسار في لحظات سيتذكرها التاريخ حتما بتمرد الحوثيين، بعد أن استنفدت الزيدية الحاكمة سابقا حضورها السلطوي وعمرها الزمني الافتراضي ليس تشبها بالآلات الميكانيكية، فالمذاهب لا تقارن بتلك ولكن المذاهب كالدول أيضا كما قال ابن خلدون تلد وتشب ويشتد عودها وتشيخ وتختفي، وكل ذلك يمر عبر مراحل من الصراع ، وفي هذا التدافع وضع الحوثيون الزيدية في قائمة عدم الصلاحية للمدنية السياسية للعموم الوطني.والزيدية لحقت هنا بعد أن طرأ عليها متغير المليشيات الحوثية التي ولدت منها، بمسار تاريخي مغاير لما أراد مؤسسوها ، وهي هنا تتجه- أي الزيدية- وبسرعة إلى ما انتهت إليه الحقبة الصليحية التي نشأت على مذهب ديني وانتهت بذات المذهب لأخطاء اعتقاديه وهوس من حكم بعد أروى بنت أحمد، ويقاس على ذلك الاباضية التي اختفت من حضرموت بعد أن كان حضورها طاغيا هناك، رغم أن المذهب الاباضي في جانبه السياسي منفتح ومتطور مقارنة بالمذاهب الأخرى المنغلقة كالزيدية لولا أن الاباضية القديمة نشأت على الدماء.وبحمل المليشيات الحوثية مذهبا مغايرا كما يشاع وان أعلنوا عكس ذلك وبتمنطقهم بالسلاح على الناس تهديدا وترويعا وسفكا للدماء قبل أن يواجهوا به السلطات يكون قد لزم الزيدية متغير متحول خطير وضعها أمام نهاية تاريخية حتمية لمذهب عقدي عظيم حيوي ونشط كونه ، سماه السنة جميعا مذهب شيعة السنة وهو هنا شيعة لاشتراط المذهب أن تكون الإمامة في شريحة واحدة فقط من كل المكون البشري للأمة المسلمة، وهو أمر لا يستسيغه أحد اليوم ولا يلقى قبولا لانفتاح البشرية على مصالح حقوق الناس جميعا وحقهم في أن يطمحوا في الحكم إذا ما تملكهم الرشاد والتقى والصلاح والعلم وقوة الإرادة، فليس هناك ما يميز أي قرشي عن أي يمني من سواد القوم أو صومالي من عامة الناس في أن يحكم ، إذ لا معطى إلهي في الحكم لأحد وهذا أيضا سبب آخر في تراجع الزيدية وانحسارها.والحوثيون الذي تسببوا في سمعة سيئة لهم ولأتباعهم وللزيدية أخافوا في السنتين الأخيرتين من تبقى من المعتقدين بالزيدية، وحملتهم على التفكير بجدية حول جدوى مقولات حكام وأئمة الحق في مسك زمام الأمور مقارنة بغيرهم من عامة الناس، كما أنهم تسببوا سواء قصدوا تلك الحروب أم لم يرغبوا في وقوعها ، تسببوا وإلى الأبد في آلاف الإعاقات البدنية في يمنيين آخرين وزرعوا اليتم لأطفال كثر بقتل معيليهم فضلا عن مناصريهم هم في العمليات الثلاث التي خاضوها في صعدة، هؤلاء الحوثيون حملوا الناس وقد استقبلت قراهم قتلى وجرحى هذه الحروب بأعدادهم الكبيرة ومعظمهم من المحسوبين على المذهب الزيدي لحدوث المعارك في مناطقهم ، حملوهم على التبرؤ من الزيدية ، والحوثيون الذين دخلوا في تلك الحروب أوقعوا أنفسهم وغيرهم أمام عاصفه كبيرة من الكراهية وقليل من الحب وربما هذا الحب في الضالع وفي أعماق بعض الأسر في تعز والحديدة وصنعاء وربما حب مغلف بالتقية في أوساط غالبية الأحزاب السياسية وخصوصا في الحزبين الاشتراكي والإصلاح .ولا أحد ينكر والحالة هذه أن من تبقى من المتعاطفين مع الزيدية لفكرها الفلسفي يتوجسون اليوم خيفة من المذهب بعد أن سكت قادة المذهب ومراجعه وظهور حملة السلاح على حساب مراجع العقل، ولعل مرد ذلك أن من يسمون بالعلماء الأعلام وهي مرجعيات المذهب ركنت إلى أن هؤلاء يقومون بخدمتها على المدى الطويل في مقارعة مغتصبي الحكم ، فالحوثية ولدت زيدية لكنها ترعرعت في فضاءات غير زيدية حسب قول من تركهم بعد حرب مران ، والحقيقة أن لا مستقبل لهؤلاء جميعا وقد تملكت الناس كراهية الفعل والفاعل في صعدة ، وهي كراهية يلمسها الناس جميعا وبالأخص في المناطق التي حملت المذهب الزيدي منذ قدومه لليمن، بل إن الكراهية والتوجس انتقل إلى مرحلة التوصيف بوصف الحوثيين بالإيرانيين والفرس والصفويين وما إلى ذلك رغم أنهم عرب أقحاح ويمنيون أصلا ، وذاك تطور خطير لتداعيات هذه المشكلة.ودفعت هذه التداعيات إلى أن من يطلق عليهم الزيود في بلاد القبائل لم يعودوا يحفلون بالمذهب الذي اهتزت مكانته، و التي كانت تربعت في مراحل زمنية غابرة على مراتب القداسة والقدسية وأضحت الزيدية الآن توصيفاً سياسياً اجتماعياً لقبائل الشمال دون معنى حقيقي لوجودها ولمدلولها في واقع التعبد والالتزام ، وترفض غالبية القبائل اليوم وصفها بالزيدية، بل إنها أصبحت شتيمة لدى البعض، وبنظرة إلى من لحق بركب الحوثية وأتباعها نكتشف كم أنهم ليسوا كثراً ، كما أن من تبع الحوثية تبعها بفعل المال لا بفعل المعتقد.الكراهية تنمو وتتخذ ملامح وصوراً، نحو هؤلاء بفعل الحرب التي أتت من انحرافات سماها بالأوهام الداهية يحيى الشامي محافظ صعدة في استعراضه للجهود التي بذلت مع الحوثيين، والشامي زيدي قح لايشك في ولائه للزيدية مطلقا ، الحوثيون ارتكبوا جريرة كبرى على الزيدية الشيعية، إذ أن توقيت تمردهم الجديد على السلطات الدستورية، وضعهم والمذهب في مهلكة الكراهية ، إذ حملوا السلاح مجددا للمرة الثالثة والساحة تغلي بالرعب ممن يطلق عليها بمليشيات الموت وفرق الإعدام الشيعة (العراق مثالا) وبتصرفات الحوثيين تلك شدت الانتباه لمقارنة الزيدية مجددا ببقية أخواتها في مذاهب الشيعة في ظل الخوف "المستحدث والمصطنع للجميع" من تصرفات تحسب على الشيعة ، وفتحوا بكل ذلك بنفس الوقت الباب واسعا بالخوف من الزيدية القديمة والجدية التي قيل إن الحوثيين زاوجوها بالاثني عشرية .

الزيدية اليوم في فارقة تاريخية لم يعد بالإمكان لها أن تتحسس طريقها، فقبائل الشمال تشيح بوجهها عنها ، وربما يشيحون هذا الوجه لأن من قتل منهم من أجلها وعلى مدى تاريخها في اليمن كان كبيرا، وربما تركوها في ظل رغبتهم في وحدة مذهبية واحدة لليمن ليتحد الفعل السياسي وخوفا من المثل العراقي، وقد يكونون رحلوا عنها لأنهم جميعا يريدون أن يكونوا حكاما ويرفضون أن تكون الإمامة خاصة بفئة، أو أنهم رحلوا عنها لأن أجدادهم وهم حملة الإسلام وجنده رغبوا العودة إلى مذهبهم السني الذي تركوه مع قدوم الإمام الزيدي من جبال الرس بالمملكة العربية السعودية، أو قد يكونون تركوه للحفاظ على صفاء العبادة والتعبد بعيدا عن خرافات علقت بالتشيع.ويبقى الأهم في هذه المقاربة أن الجميع في اليمن اللحظة يعون أن الزيدية لم تعد زيدية الامام العظيم زيد بن علي رضي الله عنه ، ويبقى الواضح للعيان أن الحوثيين الذين جروا خلفهم وبحلم رومانسي ثوري وبمتطلبات الأحقية في الحكم دون سواهم ، هم من أنهى مذهب أجدادهم وآبائهم وكانوا هم من أنهى حقبة العصر الزيدي في عقول وأفئدة الناس في بلاد القبائل.<


 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد