صالح المقبلي
انتظر الناس طويلاً حتى سمعوا من الاميركيين على استحياء اصواتا تعترف بخطأ اقدام الولايات المتحدة على غزو العراق، الاعترافات بجسامة الخطأ جاء كنتيجة لهول الكارثة التي وجدوا انفسهم في مواجهتها على ارض العراق، المعروفة اصطلاحاً «بالمستنقع العراقي» الذي ادخلت اميركا نفسها فيه استناداً على حسابات خاطئة.
هذه الاعترافات بحجم الخطأ الاميركي لا تمثل اكثر من رأس جبل الجليد، وهو ما يعني ان الفترة القادمة ستشهد تطوراً سريعاً في هذا الاعترافات كماً ونوعاً، بما يتناسب مع حجم الورطة الاميركية في العراق وطبيعتها الغير محدودة التأثير وبما يحقق نوعاً من الاستنجاد بالآخرين تطلب الاقرار بالخطأ والاعتراف بالذنب لتوفير قشة يعتقد الفريق الاميركي انه قد يتعلق بها «وله عذره في ذلك».
ان الاميركيين وهم يتحدثون عن العراق كاكبر اخطائهم لا يتحدثون عن حقيقة ما ترسخ في اذهانهم بأنهم قد ارتكبوا آخر الاخطاء في تاريخهم، وان العراق التي تبتلعهم كبحر «فرعون» هي آخر محطات حضارتهم الباغية تماماً كما كانت آخر محطات الغزاة من قبلهم !!.
ان الاميركيين وهم يتحدثون عن اكبر اخطائهم ليهربوا بذلك عن مواجهة انفسهم بما آل اليه مصير امبراطوريتهم التي ستكون محظوظة جداً لو انها ابقت على شيء منها ولو في حدود ما تبقى اليوم من الامبراطورية المغولية التي مرت من نفس المستنقع الذي تمر فيه اميركا في هذه اللحظة، لكن مع خطأ اصغر وانحطاط اقل.
إلا ان من المهم في الامر هو انه في الوضع الطبيعي يكون الحديث عن اكبر اخطاء اميركا مسألة يعيشها العراقيون، ويفترض ان يكونوا مصدر اي حديث عنها وهو ما ينطبق على الاميركيين نظرياً وليس عملياً عندما يكون الحديث عن آخر الاخطاء «أو النهايات» وذلك مالم نشهد منه شيئاً في ظل حجم صدمة العراقيين امام الخطأ الكبير لاميركا نحوهم وحجم صدمة الاميركيين امام نهاية جرهم اليها «خطأ كبير» لا مجال لتكراره ناهيك عن اصلاحه.
وفي حال كهذه فان الأرجح بأن تسارع الحديث المتوقع مستقبلاً سيستمر من الاميركيين في نفس التوجه المرتبط «باكبر واعظم» إلا انه من المرجح ان العراقيين قد يحققون «مسألة آخر خطأ لاميركا» حتى قبل أن نسمع منهم اي حديث نظري عنه !!. <
