;

صفوية إيران.. بين قمة الموقف الإعلامي وحضيض الواقع التآمري 796

2007-08-14 07:37:18

بقلم الباحث/ عزيز عبده يحيى

@ a_z_20020.com

تتميز الآلة الإعلامية الإيرانية بقدرتها الفائقة على التجاوب السريع مع مجمل الأحداث والقضايا التي تحدث في العالمين العربي والإسلامي بين الحين والآخر وغالباً ما يكون الموقف الإيراني المعلن إعلامياً هو اقرب المواقف ملامسة لقلوب ومشاعر الجماهير العريضة من ابناء الشارع العربي والإسلامي فيما يتعلق بهذه القضية أو تلك لكننا مع الأسف وفي كل مرة نكتشف ان ما دار أو يدور على أرض الواقع يتنافى تماماً مع تلك التصريحات المعلنة وانها لم تكن سوى اساليب تكتيكية الغرض منها تخدير وتضليل الرأي العام وكسب المزيد من ثقة الشعوب الإسلامية لحشدها في مناصرة إيران وتعزيز موقعها الريادي الذي تتطلع للوصول إليه بين دول العالم والمنطقة على وجه الخصوص.

ولكي لا يظن البعض ان ما نقوله انما يندرج ضمن سيناريو الأجواء المتوترة السائدة هذه الأيام بين الحكومة اليمنية وإيران على خلفية احداث صعدة، حتى لا يظن هذا فإننا سنسوق العديد من الأدلة والبراهين الواقعية التي تثبت حقيقة ذلك التصور الذي ذهبنا إليه في مقدمتنا السالفة.

أولاً: على المستوى المذهبي والعقائدي:

فمن الملاحظ في هذا الجانب ان الزعماء السياسيين والقيادات الفكرية الإيرانية تظهر حرصها الدائم على الدعوة لوحدة الصف الإسلامي والابتعاد عن كل ما من شأنه ان يؤدي إلى تفريق كلمة الأمة وتمزيقها سياسياً ومذهبياً وعرقياً ولأجل تحقيق هذا الهدف الذي تزعم إيران انها تسعى إليه فاننا نراها تتبنى اقامة المؤتمرات والندوات الحوارية التي تكرس لمناقشة اسباب الخلافات المذهبية والفكرية الموجودة في اوساط المجتمعات الإسلامية وبحث السبل التي يمكن ان تساهم في حل تلك الخلافات من خلال نشر منهج الاعتدال والوسطية وفقه الائتلاف للوصول إلى ارضيه مشتركة يلتقي عليها الجميع وهذه هي دعوة التقريب بين المذاهب الإسلامية كما يسمونها.

وفي الحقيقة شعارات براقة يكاد الكل ان يجمع عليها لكن وآه من لكن هذه التي يعذرني الاخوة القراء لأنني سوف اكررها مراراً في بحثي هذا لكن ما هي النتائج التي اثمرت عنها تلك المؤتمرات والندوات المنعقدة لأجل هذا الغرض؟ ان الجواب يأتينا على لسان العديد من العلماء والمفكرين والدعاة الذين كان لهم حظ المشاركة في تلك المؤتمرات والندوات فهم يأكدون جميعاً بعد مشاركتهم في كل مؤتمر على عدم امكانية تحقيق أي نتائج ايجابية في إطار قضية التقارب المزعومة والتي هي محور النقاش لعدة أسباب منها ان علماء ومفكري المذهب الرافضي الاثنا عشري ليس لديهم أي استعداد للتخلي عن أي كلية أو حتى اي جزئية من جزئيات المذهب في الوقت الذي يطلب من المذاهب الأخرى ان تقدم مثل تلك التنازلات هذا بالإضافة إلى عدم وجود ما يمكن ان يطلق عليه ميثاق الشرف الذي يفرض على الجميع الالتزام بما اتفق عليه خاصة وان لدى الطرف الآخر وهم علماء المذهب الرافضي الاثنا عشري من المسوغات ما يجيز لهم عدم الوفاء بما التزموا به حيث وهم يؤمنون بمبدأ التقية والذي هو احد المرتكزات الرئىسية التي يقوم عليها المذهب وخلاصة هذا المبدأ انه يجيز لمعتنقه ان يظهر من الأقوال أو الافعال عكس ما يبطنه اذا كانت المصلحة تدعو إلى ذلك، ومن هنا فإنه لا يمكن الوثوق بجدية وصدق معتنق هذا المعتقد بحال من الأحوال لا فيما قاله أو فيما التزم به وهو الأمر الذي يأتي على القاعدة التي يقوم عليها أي حوار من أساسها.

كما ان هناك من الشواهد الواقعية ما بين زيف تلك الدعوات التي ينادون بها وذلك حينما ننظر إلى الطريقة التي تتعامل بها الحكومة الايرانية الاثنا عشرية مع اتباع المذاهب الأخرى في داخل إيران وخاصة مع أهل السنة منهم إذ تتحدث الكثير من المنظمات الإنسانية والمواقع الاخبارية الإلكترونية عن المعاناة التي يعيشها أهل السنة هناك مستدلين على اقوالهم بالتالي:

1- عدم وجود اي شخصية تمثل أهل السنة في الحكومة الإيرانية، لا وزير ولا سفير ولا محافظ كبير في إيران كلها- وربما وجد وزير واحد تقريباً يدعي انه من السنة بينما جميع مواقفه لا تدل على ذلك- مع العلم ان ثلث سكان ايران هم من أهل السنة وينتمون إلى عدة عرقيات كالعرب والأكراد والبلوش والتركمان وبعض الفرس.

2- لا يوجد مسجد واحد لأهل السنة في العاصمة طهران أو غيرها من المدن الكبرى بل ان السلطات الإيرانية قد قامت لغيرهم ببناء الكنائس والمعابد الخاصة بهم حيث يوجد على سبيل المثال للنصارى اربعين كنيسة في طهران وحدها كما لا يوجد اي مقبرة لأهل السنة في طهران ولم يسووا في ذلك مع بقية الطوائف الأخرى كالبهائية مثلاً والتي يمتلك اتباعها مقبرة خاصة يقبر فيها من مات من افراد الطائفة.

3- اعطى دستور الثورة في البداية بعض الحريات الدينية والتعليم والقضاء للسنة طبقاً لمذهبهم في المناطق السنية ثم تراجع الجهاز القضائي عن تطبيق فقرات الدستور المتعلقة بهذا الخصوص.

4- في اعقاب الثورة اعتمدت سياسة السجن والتعذيب والإعدام لكل من يطالب بالحقوق من علماءومثقفي السنة كما نفي العديد منهم إلى خارج البلد، وما المعاناة والسجون التي تعرض لها الشيخ احمد مفتي زاده والتي رواها الأستاذ يوسف الذي في برنامج شاهد على العصر من قناة «الجزيرة» إلا نموذج واحد فقط لما حدث في تلك الفترة.

تلك هي حقيقة اولئك المنادين بالدعوة إلى الحوار والتقريب بين المذاهب وهذا هو ما فعلوه ويفعلوه مع ابناء جلدتهم من اتباع المذاهب الأخرى فكيف يمكن الوثوق بهم إلى تصديق دعاواهم الباطلة بعد ذلك.

ثانياً: على المستوى السياسي والعسكري:

بكل تأكيد اننا لا يمكن ان نستوعب في هذا البحث القصير كل ما يحويه تاريخ القوم من تناقضات ومغالطات وتآمرات ضد الإسلام والمسلمين وإلا فهناك الكثير والكثير وحسبنا من ذلك قول الإمام ابن تيمية وهو يتحدث عن روافض الشيعة حيث يقول وهم دائماً مع كل عدو للمسلمين فهم مع النصارى ضد المسلمين، ومن اعظم المصائب عندهم فتح المسلمين للسواحل إلى ان يقول ثم ان التتار ما دخلوا بلاد المسلمين وقتلوا خليفة بغداد وغيره من ملوك المسلمين إلا بمعاونتهم ومؤازتهم» «1».

كان ذلك ما حدث منهم قديماً وها هو التاريخ يعيد نفسه من جديد ويسطر العديد من الشواهد التي تدل على سيرهم اليوم على نفس نهج اسلافهم بالأمس ومن ابرز تلك الشواهد:

أ- موقفهم من الغزو الأميركي لأفغانستان حيث ما فتأت الآلة الإعلامية الإيرانية تردد قبيل ذلك الغزو بأن إيران لن تقدم أي دعم أو مساندة للقوات الاميركية اذا ما شنت الحرب على حكومة طالبان الافغانية وانها مهما اختلفت مع تلك الحكومة فكرياً ومذهبياً إلا ان الاخوة الاسلامية بالنسبة لايران فوق كل اعتبار جاء ذلك في معرض رد احد القادة الإيرانيين على سؤال لمذيع قناة «الجزيرة» الاخبارية حول هذا الموضوع واذكر انني حينما سمعت هذا الرد استبشرت خيرا وقلت علينا ان لا نستعجل في الحكم حتى نرى ما الذي سيحدث مستقبلاً.

وقد رأينا ما الذي حدث بعد ذلك وكيف ان الأمور جرت على عكس ما كانت تعلنه القيادة الإيرانية قبيل بدء الحرب ولعل من ابرز ما حدث ويتذكره الجميع ذلك الخبر الذي بثته العديد من القنوات الإخبارية عن تسليم ايران للعديد من مقاتلي حركة طالبان إلى ايدي القوات الاميركية بعد اسرهم على الحدود الايرانية مع افغانستان هذا ما علم اما ما لم يعلم فهو تجنيد العديد من ابناء القبائل الايرانية المحادة لافغانستان وارسالهم للقتال ضد حركة طالبان وضربها من الخلف وحسبنا هنا ان نذكر ما قاله نائب الرئيس الايراني الأسبق علي الأبطحي حيث انه اعترف في ختام اعمال مؤتمر «الخليج وتحديات المستقبل» الذي نظمه مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بإمارة ابو ظبي في 2004/1/15م بأن بلاده «قدمت الكثير من العون للأميركيين في حربهم ضد افغانستان والعراق» مؤكداً انه لو لا التعاون الايراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة وبهذا تكون الشهادة على الخيانة الايرانية جاءت من اهلها ولم تأت من اي طرف آخر.

ب- موقف إيران من الغزو الأميركي للعراق:

فقد لوحظ في الفترة التي اعقبت غزو العراق للكويت كيف ان ايران طورت ضمن مبدأ التقية السياسية علاقتها مع العراق في شتى المجالات ووصلت إلى درجة ان الشهيد صدام حسين وثق بها واطمأن لمواقفها وامن لديها احسن ما عند القوات الجوية العراقية من معدات وطائرات حربية بل ان ثقته بإيران وعلاقته معها وصلت إلى مستوى فاقت فيه جميع العلاقات مع الدول الأخرى.

لكن ما الذي حدث بعد ذلك؟ فبعد ان نال التخريب والتدمير كل مفاصل البنى التحتية في القطر العراقي الشقيق من جراء القصف الجوي الأميركي والذي استمر شهراً ونصف الشهر تقريباً قامت إيران بتجنيد مجاميع من الايرانيين والعراقيين من اصول ايرانية وذلك ضمن ما يسمى بفيلق بدر وهو الجناح العسكري للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق والذي كان يرأسه محمد باقر الحكيم ويرأسه حالياً اخوة عبدالعزيز الحكيم وكانت ايران قد انشأت هذا الفيلق ودربته ما يقرب من ربع قرن ثم قامت بدفع كتائب الفيلق إلى داخل الأراضي العراقية فأعملوا قتلاً وتخريباً وسرقة وحرقاً للمؤسسات الحكومية وللأرشيف الحكومي وكل ما وقع امامهم ولم تصل إليه القنابل والصواريخ الأميركية واحدثوا دماراً هائلاً وفوضى عمت المحافظات الجنوبية في حوادث لم يسبق ان شهد تاريخ العراق مثلها إلا أيام الغزو التتري بقيادة هولاكو.

وها نحن إلى اليوم ما زلنا نشاهد آثار التدخل الإيراني في العراق ومساهمته المباشرة في استمرار دوامة العنف والقتل الطائفي الذي تشهده المدن والمحافظات العراقية.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

علي أحمد العِمراني

2024-05-08 00:25:19

"1-5" حقائق عن اليمن!

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد