;
رفيق العربي
رفيق العربي

ثـورة 26 سبتمبر تـحـت المـجـهر 1355

2020-09-27 08:41:05



اليوم وفي ذكرى سبتمبر وقد حل في مهرجان الأضواء سوف تحاول هذه السطور مرافقة سبتمبر الجنين إلى سبتمبر الوليد ( الثورة ) وما تم من محاولات ودسائس لإجهاضه.. معتمداً التركيز على فتح الصفحات المغلقة في تأريخ ثورة 26 سبتمبر اوردها كما وجدتها من مصدرها.. وأرجو من القارئ الكريم أن يعذرني إذا ابتعدتُ عن إيراد التفاصيل للأحداث التي أعتدنا قراءتها في العديد من الصحف كلما حلت المناسبة، حيث سأضطر للوقوف على تلك الأحداث المثيرة التي رافقت وأعقبت الثورة ولم تأخذ نصيبها في النشر ومحاولة لوضع تلك القضايا تحت المجهر وقراءة ما بين السطور. ثورة 48م
قُتل الإمام يحي في 17 فبراير 1948م بعد 44 عـــاما من الحكم بعد مبايعته عام 1904م، وفي اليوم التالي أعلن عبد الله الوزير نفسه إماما لتدخل قوات الإمام صنعاء في 12 مـارس من نفس السنة، حيث لم تستمر احداث ثورة 48م سوى (20) يوما، وانتهت بالقبض على (عبدالله بن احمد الوزير) وعلى كثير من الأحرار وقادة تلك الثورة وانصارها وانتهى الانقلاب.
في تلك الفترة تلقى الشعب موت الأمام يحيى كأعنف مفاجأة، حيث أطبق عليه الذهول نتيجة عنف المفاجأة، فقد كان الكثير لا يتوقع مقتل الإمام، حيث وتقاليد تلك الفترة كانت تقضي بتنازل الملوك لا قتلهم، ولم يعهد اليمن الإغتيال السياسي لهذا فشلت الثورة.
أما الجانب الآخر في هذه الثورة وسبب عدم استمرارها تمثل في اشمئزاز الكثير من ابناء الشعب من اسم ( الدستور ) وذلك تحت تأثير أولياء (الإمام يحيى) الذين نجحوا في تفسير اسم الدستور وفي تصويرة في أشنع الصور، وتقبل الشعب هذا التشويه لعدم معرفته اياه، فرأى الناس بفعل التضليل ان ( الدستورية ) مرادفة للقتل وخروج عن موروثات الشعب.

جمهورية الثورة
يقول المؤرخون أن تلك الأحداث قد أدت إلى تأجيج حركة الخمسينات وأول فجر الستينات وذلك في تعز والحديدة وحاشد وخولان..
فكادت حركة (55) في تعز ان تعصف بحكم (الإمام أحمد) تلاها محاولة اغتياله في الحديدة في 1961م
أما عـام 1962م فقد اتسم بتزايد الإحتمالات التغييرية، حتى لاحت الثورة واقعاً يقينياً وذلك لتزايد عواملها من جهتين:
من خوف السلطة ومن توافر امكانيات الثورة شعبياً... فقد تلاحقت الإشاعات بأن القصر الإمامي قد اتفق مع الإدارة الأمريكية على بناء قاعدة عسكرية امريكية في الجند، وقد صاحبت هذه الإشاعة خصوميه علنية بين أعمدة السلطة من قرابة الإمام ومن المتقربين إليه بالإخلاص، وبرهن على هذه الخصومة السلطوية فرار (احمد السياغي نائب الإمام على إب) إلى عدن وتوجس ( الحـجـري )وزير المواصلات و ( عبدالرحمن السياغي ) وزير الداخلية و( محمد عبدالله عاموه ) وزير المعارف من سوء المصير.
فبدأت هنا الحاشية بمعاداة المخلصين، وذلك بسبب الرعب من الثورة التي حجبت التبصير، حيث تقول الوثائق أن أخبار القاعدة الأمريكية بالجند كانت أكبر المحرضات على قيام الثورة والتي بدأت تمتلك امكانياتها، فقد تخرجت في تلك الفترة كوكبة من العسكريين الذين انهوا دراستهم في الكلية الحربية بمصر، وكانوا مشبعين بروح الثورة والوعي الوطني.
وبدأ التخطيط بتصور البديل عن ( الملكية ) ويرسم الكيفية التي يتشكل بها نظام الثورة.
فرددت الروايات عن جلسات الضباط بأنه سيتم اكتساح قصر الإمام احمد بتعز وقصر الأمير البدر في لحظة واحدة، وأن الثوار سيحتفظون برجال العهد الملكي مؤقتاً للاستفادة من خبراتهم.
في 19 سبتمبر 1962 مات الإمام احمد في تعز فتسبب هذا في إلغاء فكرة اكتساح قصر ( تعز ) من جملة التخطيط لعدم الحاجة إليه .
قام الضباط الأحرار بتكليف (حسين السكري) أحد الضباط واحد حراسة القصر على أن يقوم بقتل البدر ليلة 26 سبتمبر وبعد القتل تتحرك الدبابات لاقتحام القصر، فأخفقت مهمة السكري لأن أحد الجنود ثنى مسدس السكري إلى حلقه، وبعد تأكد الضباط الأحرار من فشل السكري تحركت الدبابات إلى قصر البشائر واستمرت في قصفه 16 ساعة.
وعندما اقتحمت الدبابات القصر بعد 16 ساعة من القصف لم تجد جثة البدر، وفي 29 سبتمبر اذاع راديو صنعاء تشكيل مجلس السيادة من:
السلال، عبدالله جزيلان، علي عبدالمغني، عبدالسلام صبرة، احمد المنصور، وبسبب ورود انباء عن إعلان (الحسن بن يحيى حميد الدين) نفسه إماما نظرا لغموض مصير (البدر)، وعقبت هذه الإجراءات عدة نكسات من اللحظات الأولى للثورة، فقد استشهد ( المحبشي ) و ( الشراعي ) واستشهد ( علي عبدالمغني ) أهم أعضاء مجلس السيادة ومؤسس تنظيم الضباط الأحرار.

اختلافات!!
وعندما تبرجت الثورة لشمس سبتمبر 62م تبدى الثوار على مستوى عظيم من المسؤولية العظيمة، فشكلوا قيادة ثورية من انقى العناصر المعروفة قي الداخل والخارج، وانتقل الثوار من المنافي والسجود إلى قمة السلطة.
وهنا تكاتفت عدة ظواهر: اعتبر البعض نهاية الإمام بداية لهم لكونهم أطول صراعا للعهد الإمامي، ورأى البعض نهاية العهد المتوكلي وميلاد اليمن الجمهوري الذي صنعوه، وحاول البعض أن تولد الجمهورية حاملة هويتها الخاصة.
فنشب الاختلاف في أكثر من مكان حتى وصلت الاختلافات إلى شبه صراع، إلا أن أنفاس الشعب كانت أقوى من كل العواصف، واختار الثوار خير من يعرفون من المثقفين والسياسيين كوزراء، غير أن هؤلاء الوزراء تصوروا الثورة إنهاء للإمامة بدون شعور بتجاوز تأثيراتها، فحاول كل وزير أن يحمي مقعده الوزاري بإرضاء مجموعة من موظفيه ومن غيرهم.

تصعيد خطير
اشارت الكثير من الكتابات التي ارخت احداث الثورة إلا أن سنة 65م أقدمت تحمل بين طياتها انباء غير مشجعة، فقد زادت المقاومة الملكية وحققت نجاحا كبيرا على مستوى الميدان ومن ابرز ذلك دخولهم مأرب.
وفي ابريل 1965م بات واضحا أكثر من أي وقت مضى وجود انقسام حاد بين صفوف السياسيين والقادة والمشايخ الجمهوريين الذين انقسموا إلى تيارين رئيسيين هما:
التيار الثوري الجمهوري، الذي تلتف حوله غالبية الجماهير وتزعم ذلك التيار المشير السلال رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء الفريق حسن العمري.
أما التيار الجمهوري الثاني فكان من أبرز رموزه الأستاذ / أحمد النعمان والقاضي عبدالرحمن الأرياني والأستاذ محسن العيني.
وفي اواسط ابريل كان الموقف ينذر بتصعيد خطير بين التيارين، حيث طلب التيار الثاني بتشكيل حكومة برئاسة النعمان، وهددوا بالزحف على صنعاء إن لم يوافق السلال على تشكيل حكومة للنعمان وبالتالي إقالة حكومة العمري.
وقد استجاب السلال لذلك رغبة في احتواء الخلاف، وحرصا على وحدة الصف الجمهوري.
وفي الـ23 من نوفمبر عام 1965م عقد مؤتمر حرض، وتم تشكيل الوفد الجمهوري من 24 عضوا برئاسة القاضي عبدالرحمن الأرياني، كما ترأس وفد الملكيين احمد محمد الشامي، حيث استمر المؤتمر عدة أيام وسط تأييد الشعب اليمني للنظام الجمهوري.
وتشير الروايات أنه قبل انتهاء المؤتمر بعشرة أيام حاول الملكيون إغراء الجمهوريين بالذهب الأحمر لكسب تأييدهم والتخلص من تمسكهم بالنظام الجمهوري، لينتهي المؤتمر بفشل في الـ 5 من ديسمبر باختلاف وجهتي نظر الجمهوريين والملكيين.

إنقلاب ضد السلال
في مذكرات للفريق المصري/ عبدالمحسن مرتجى، تحدث عن ذكرياته في حرب اليمن فذكر أن القاهرة قررت في أواخر يونيو 1966م عمل إنقلاب ضد السلال وإقصائه وإحلال الفريق حسن العمري مكانه. .. وقد تم وضع الخطة التي اسموها ( الكودي الفارس ) حيث بنيت على اساس إقلاع السلال من القاهرة التي كان موجودا فيها، وقبل دخوله المجال الجوي اليمني يعلن إغلاق مطاري الحديدة وصنعاء مع وضع الدبابات والمدرعات على الممرات الجوية وتعلن بعد ذلك إذاعة صنعاء بعد إقلاع طائرة السلال بساعة من القاهرة نبأ تنحي الرئيس اليمني عن الحكم وتستمر إذاعة النبأ كل 15 دقيقة، ويتم الاتصال بالسلال واخطاره بالإنقلاب وهو في الجو وتبلغ الطائرة أنه يمكنها أن تهبط في مطار الحديدة وتزود بالوقود تحت ضمان القوات المصرية.
وتم طلب اجراء تحفظي على الطيار لضرورة عودة السلال إلى القاهرة وضمان عودة بسلامة.
وضعت الخطة وتوقيتها، وحددت أن يكون الإخطار عن تنفيذها بعد ستة أيام حتى يبين للقيادة اليمنية حقيقة الموقف وتبليغ الفريق حسن العمري بالاستعداد لتولي المسؤولية.
وفي يوم 10 أغسطس 1966م اتصل المشير عامر بالفريق عبدالمحسن مرتجى وبلغه بأن السلال سيسافر إلى اليمن بعد يومين ولابد من عمل كل الترتيبات اللازمة لاستقباله هناك وتتحمل القيادة مسؤولية سلامته حيث أن تلك الأوامر كانت من جمال عبدالناصر.
ويقول مرتجى في مذكراته: وصل السلال في 12 أغسطس 1966م واستقبلته القوات العربية وامتنع عن استقباله معظم زعماء اليمن.
 بعد ذلك اجتمع المجلس بالقصر الجمهوري برئاسة السلال وبحضور كافة الحكومة ورئاسة الوزراء وأعضاء القيادة والأركان والقائد العربي في اليمن والسفير المصري في اليمن احمد شكري الذي اقام في تلك الليلة حفلة عشاء للسلال والعمري حيث بعدها بدأ الحديث المشير السلال الذي تطور إلى أن قال السلال للعمري بأنه عمل من نفسه أكبر من جمال عبدالناصر مما أثار الفريق العمري وتطور الأمر إلى التهديد بالمسدسات، غادر بعدها العمري إلى منزله.
ومن هنا نستطيع القول أن الثورة كانت تقتاسي حروب المؤامرات إلى جانب توق المعارضين إلى جمهورية أفضل، حتى أصبح السلال وهو قائد الثورة مستهدفا من قبل زملائه، فتذكر الكتابات أنت في عام 1966م تكتل بعض الضباط إلى جانب نائب رئيس الجمهورية حسن العمري، وكادت تشتبك قوة الرئيس والنائب، رغم كل المؤامرات التي كانت تشن هجومها من عدة جهات وبعد أن خمس سنوات من رئاسة ( عبدالله السلال ) للجمهورية الأولى، بدأت تتقوى حركة 5 نوفمبر 1967م وارادت أن تنهج الاعتدال وتتجنب الدموية كليا حتى دفاعيا، فدبر رجالها ( للسلال ) زيارة لمصر والعراق فأحس (السلال) أن تلك الزيارة إبعاد له فقال لمودعيه: ( أهم من رئاسة الجمهورية، الحفاظ على الجمهورية ).

هوامش:
اليمن الجمهوري - البردوني
قضايا يمنية - البردوني
يوم ولد اليمن مجده - عبدالغني مطهر
أسرار نكسة حزيران - محمد الزرقة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد