القبيـــــــــــــــلة !!
عبد الفتاح البتول

القبيلة والقبائل في التصور الإسلامي والخطاب القرآني وسيلة للتعاون والتعايش بين الناس يقول عز وجل في محكم كتابه «يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائلا لتعارفوا ان اكرمكم عند الله الله اتقاكم» سورة الحجرات-13- في هذه الآية يذكرنا الله عز وجل انه خلقنا من ذكر وانثى وهما آدم وحواء فجميع البشر والناس بالنسبة للنسب والشرف متساوون فالأب آدم والام حواء عليهما السلام ثم بعد هذا الخلق المتساوي والنسب الواحد جعلنا شعوباً وقبائلاً وعشائر واسراً وافخاذاً وبطوناً وكل هذا لتحقيق وحصول-التعارف والتآلف الذي يولد التعايش والتداخل والتزاوج بعيداً عن التفاخر والتكبر والاستعلاء والتعصب والاية واضحة ودقيقة فقد تم التأكيد على -التعارف- ونفس الوقت التأكيد على ان اكرمكم عند الله اتقاكم فالتفاضل عند الله يكون بالتقوى فالناس يختلفون ويتمايزون بالتقوى والايمان اما النسب فانهم متساوون فالافضل لقبيلة على اخرى ولا اسرة ولا سلالة والانتماء لهذه القبيلة أو تلك ولهذه السلالة أو تلك يكون بهدف التعارف والتعريف بالشخص فيقال فلان بن فلان من قبيلة كذا واسرة كذا كما يقال من منطقة كذا قرية كذا وهكذا فلا يتحول الانتماء القبلي والأسري مصدراً للتميز وباباً للتفاخر وعقداً للولاء والبراء فهذا يدخل في نطاق التعصب والعصبية بمثابة التفرق والتشتت وبالتالي التصارع والتقاتل لذلك فقد حارب الاسلام العصبية بكل اشكالها وانواعها، الاسلام لم يأت ليهدم كل ما كان عليه الناس من عادات واعراف وتقاليد وانما ليهذبها ويحسن من ايجابياتها ويحارب سلبياتها فالرسول صلى الله عليه وسلم كما ورد في الحديث انما بعث ليتمم مكارم الاخلاق فما هو محمود فهو موجود ومطلوب، وما كان مذموماً فهو مرفوض ليس عيباً ان يحفظ الانسان نسبه وحسبه ولكن الخطأ والعيب ان يتخذ الانسان من نسبه السلالي وحسبه وانتمائه القبلي وسيلة للتفاخر والمفاضلة والعصبية القبلية من بقايا الجاهلية الاولى والتميز أو التكتل والاصطفاف على اساس قبلي غير مقبول اسلامياً ووطنياً ودستورياً وانسانياً لانه نوع من انواع الطبقية والعنصرية فاذا كنا نرفض ونستنكر الطبقية السلالية والعنصرية الأسرية فكذلك الطبقية القبلية فالقبيلة كما قلنا في البداية للتعارف والإخاء والصلة والاتصال والمودة والمحبة اما الفوارق الاجتماعية والعوازل المصطنعة بين قبيلي وغير قبيلي فهذا يتنافى مع تعاليم الاسلام والمساواة والعدل والتكريم الذي هو هبة للإنسان اي إنسان «ولقد كرمنا بني آدم» فهذا تكريم عام لمطلق الانسان مؤمن وكافر عربي واعجمي قبيلي وغير قبيلي، لست ضد القبلية ولا القبيلة وانما ضد التعصب القبلي والتمايز الطبقي لقد خلقنا الله عز وجل متساوين في اصل الخلقة والتكوين وكلنا قبائل فلا احد بدون قبيلة حتى ابليس والشياطين لهم قبيلة يقول الله عن الشيطان «انه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم» فالقبيلة بهذا المفهوم هي الجماعة وكل من ينتمني لأب وجد واحد فهؤلاء يمثلون قبيلة اي جماعة ومجموعة ترتبط بروابط الدم لهذا الشخص فحاشد وبكيل وخولان وذو محمد وذو حسين والكثيري والعبدلي كلها اسماء لأشخاص ينتمي اليهم قبائل وجماعة تتفرع وتتوزع حسب السنون والقرون فالنسب والانتماء الطبيعي يكون في اربعة اجيال وثلاث جدود كما ورد في الحديث الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم وكل حسب ونسب ينتهي بعد اربع طبقات فالمرؤ يعرف والده وجده وفي بعض الاحيان والد جده، أربعة اجيال ولا يمكن ان تجتمع خمسة اجيال وكلما تفرعت الاجيال وتوزع الاحفاد قلت وتلاشت القرابة والقربى إلى قرابة بعيدة وهكذا تتولد اجيال وراء اجيال وألقاب واحساب وانساب بهدف التعارف والتآلف والاخاء وتسير شؤون الحياة وإلا فالناس كلهم لآدم وآدم من تراب فلا فضل لاحد على احد إلا بالتقوى والعمل الصالح فكلنا من قبيلة آدم هذه القبيلة الكبيرة والعريضة والثابتة والدائمة.

في الخميس 09 أغسطس-آب 2007 06:27:23 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=55420