هيئة مكافحة الفساد.. والمهام المنتظرة
كتبه/ عبد الوارث النجري

لا يختلف اثنان بأن المهام الموكلة أمام هيئة مكافحة الفساد واعضائها في غاية الصعوبة والتعقيد، خاصة بعد ان احبطت الجهات الرقابية الأخرى وعجزت عن تحقيق جزء كبير من دورها خلال السنوات الماضية وفي مقدمة تلك الجهات الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة رغم انه مرتبط مباشرة برئاسة الجمهورية لكن المتتبع لنشاط الجهاز وفروعه في المحافظات يجده قد انحصر في عمليات الفحص واعداد التقارير ومع ان معظم تقارير الجهاز السنوية كانت هامة إلا اننا نجدها تظل حبيسة الادراج بعد ان يجف حبرها، وما يصل منها إلى نيابة الأموال العامة يجمد مرة أخرى حتى وان فتحت النيابة التحقيق فيها إلا انه سرعان ما تتدخل اياد خفيه لإغلاق ملفاتها إلى ما لا نهاية.

لذا صار الجميع يطرح السؤال التالي ما هو الجديد الذي ستقدمه هيئة مكافحة الفساد لاستئصال ذلك الاخطبوط وتجفيف منابعه في مختلف الجهات الحكومية والقطاع المختلط وتقديم الفاسدين إلى القضاءلينالوا جزاءهم العادل؟!.

سمعنا بأن الهيئة سيتلخص نشاطها في جمع الوثائق والاستدلالات من عدة جهات ومنها المواطنين ومن ثم تقوم الهيئة بفحص تلك الوثائق والاستدلالات ومراجعتها، وفي حال صحتها يتم احالتها والأشخاص الضالعين فيها إلى القضاء، لكن لا نعلم ما اذا كان القانون قد اعطى الهيئة - واقصد هنا قانون مكافحة الفساد- الحق في متابعة سير القضية التي سيتم رفعها في النيابة والمحاكم؟! هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لا ندري هل سينحصر نشاط الهيئة في العاصمة صنعاء ام انه سيشمل كافة المرافق الحكومية والمختلطة في مختلف محافظات الجمهورية ومديرياتها؟! وفي حال ذلك فإن هناك العديد من الاسئلة بحاجة اليوم إلى اجابة واضحة ودقيقة من قبل الهيئة نفسها والسلطة التشريعة والقضائية وحتى رئاسة الجمهورية ومنها هل سيكون للهيئة فروع في المحافظات؟ وكيف سيتم اختيار العاملين فيها؟! ومن الذي سيتحمل مسؤولية اختيار العاملين بفروع الهيئة في المحافظات؟! وهذا سؤال هام وملح يستوجب الاجابة عليه قبل ان تشرع الهيئة في اداء مهامها حتى لا يكن للوساطة والرشوة والمحسوبية والحزبية دور وتأثير في اختيار العاملين بفروع الهيئة في بقية المحافظات ايضاً لا نعلم هل يحق للهيئة جمع وفحص اي وثائق أو استدلالات للعديد من المخالفات المالية والإدارية التي تمت خلال السنوات الماضية؟! حتى يتم محاسبة فاسديها ومرتكبيها ام ان قانون الهيئة يجب ما قبله؟! خاصة وان هناك مشروع قانون الذمة المالية بانتظار النور والخروج من تحت قبة البرلمان لذا فإن كل هذه التفاصيل بحاجة اليوم إلى توضيح حتى يكتب للهيئة ونشاطها واعضائها النجاح، وهذا ما نرجوه وما نتمناه بكل صراحة هو ان تكون الهيئة العامة لمكافحة الفساد قد أعطيت الحق-قانوناً- في متابعة كافة القضايا التي تكتشفها داخل ازقة النيابات والمحاكم، حتى تثمر جهود الجميع في محاربة ذلك الاخطبوط الذي يستهدف اقتصاد الوطن وامنه واستقراره وحياة ابنائه اما في حال توقف مسؤولية هيئة مكافحة الفساد ونشاطها بعد الرفع إلى الجهات القضائية فإن وجود الهيئة وعدمه سواء لاننا جميعاً ندرك بأن الايادي الخفية ستتدخل مرة أخرى لتجميد تلك القضايا واغلاق ملفات الفاسدين ويكفينا المبررات الواهية التي يطرحها اصحاب المصالح الشخصية مثل قول «تداخل الاختصاصات» أو قول «القضاء مستقل» وغيرها ولاصحاب مثل تلك الاقاويل نقول لهم دعوا هذه الهيئة وشأنها ويجب علينا جميعاً التعاون معها في تلك المهام الصعبة التي اوكلت إلى اعضائها ابتداءً من جمع الاستدلالات والوثائق وانتهاء بانزال اشد العقوبات بالفاسدين والمخالفين فهل انتم معنا ..نأمل ذلك.

عندما يكثر الطباخون

حالياً توجد في كل وزارة أو مؤسسة حكومية إدارة تسمى إدارة الرقابة والتفتيش إلى جانب إدارة الشؤون القانونية بالإضافة إلى العديد من الجهات الرقابية حسب القوانين مثل المجالس المحلية وكذا مجلس النواب وأيضاً الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وأخيراً الهيئة العامة لمكافحة الفساد ولكن عند صدور القرار الجمهوري الخاص بالهيئة العليا للمناقصات والمزايدات تضمن القرار ايضاً تشكيل هيئة رقابية خاصة بانشاء الهيئة العليا للمناقصات والمزايدات ولكني اخشى ان ينطبق على كل تلك الجهات الرقابية المثل القائل:

اذا زاد عدد الطباخين..فسدت المرقة.

في السبت 18 أغسطس-آب 2007 03:12:07 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=55433