كابوس الغلاء.. ليل إلى متى؟
سعيد محمد سالمين

ما برح الناس يعانون من الغلاء الفاحش الذي عكر صفو حياتهم المعيشية، والذي أخذ يمتد صاخباً هادراً كموج البحر الهائج. فكل شيء يزداد سعره مهما صغر شأنه في نفقات المعيشة، سواء في المواد الغذائية والأساسية أو في الدواء أو في العلاج الصحي أو في اللحوم ومشتقاتها أو في فواتير الماء والكهرباء والهاتف أو في الأسماك بأنواعها المختلفة، بالرغم من اشتهار سواحلنا بالثروة السمكية وحتى الروتي "الرغيف" أصبح حجمه يتصاغر كحجم أصابع اليد حتى فقد قيمته الغذائية.

وقد تعود المشكلة في أساسها إلى الأخذ بأساليب وآليات اقتصاد السوق الحر في ظل عولمة الاقتصاد، والذي -كما يقال- يقوم على معايير المنافسة الشريفة في تفاوت الأسعار للمواد المستوردة وليس إخضاعها لقانون العرض والطلب بين محتكري التجارة الحرة من جهة، وبين المستهلكين من جهة أخرى، بطريقة تصاعدية، احتكارية، جشعة وإلى أبعد حدود الجشع الأناني في جني الأرباح الخيالية المتفاقمة التي لا تعرف رحمة ولا شفقة إنسانية بحياة الناس المعيشية وخاصة ذوي الدخل المحدود، حيث أن قانون التجارة الحرة المصادق عليه من قبل مجلس النواب الموقر، لا يضع قيوداً على تجار الاستيراد المحتكرين للسلع الأساسية ومعلبات الألبان وحليب الأطفال، في ضوء حرية النشاط الاقتصادي والأسواق المفتوحة، بل يرفع يد الحكومة من التدخل القانوني ومحاسبة المتسببين والمتلاعبين بارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية المستودرة من الخارج دون رقيب أو حسيب.

وقد قادتني الذاكرة إلى مضمون مسرحية "الجنينة" للكاتب الأميركي "ادوارد البي" والتي تعبر عن الواقع المعيشي الأليم، فتقول: إن زوجين يعانيان من قساوة العيش، يرزحان تحت وطأة وضغط الاحتياجات الضرورية الملحة للعيش، وتحقيقاً لحياة معقولة في ظل نظام يرتفع فيه كل شيء، ينزلقان إلى العهر والجريمة.

ترى ألا يمكن أن يسبب مثل هذا النظام الاقتصادي المتعولم كوارث اجتماعية خطيرة إذا ما ظل الحال هكذا يتفاقم يوماً بعد يوم ولا نجد تدخلاً حكومياً رادعاً لأمثال هؤلاء التجار المحتكرين للتجارة الحرة، بحثاً عن أرباح خيالية من هذا الغلاء الذي لا يحده حد معقول، ولا يتقيد بأي منافسة شريفة بين هذا التاجر أو ذاك في تفاوت الأسعار، بحيث يصبح المواطن اليمني ذو الدخل المحدود عاجزاً عن الحصول على أبسط ضرورات حياته اليومية حتى تصبح أقل احتياجات العيش مطلباً عسير المنال، وعندها يبدأ الانهيار الأخلاقي والاجتماعي؟!

خلاصة القول: إن لقمة العيش تعني الكرامة، وعلينا تخطي صعوبات العيش وارتفاع تكاليف المعيشة بالبحث عن كل وسيلة شريفة ممكنة لتساعدنا على عدم الانزلاق في المحظور.. وأن يتقي التجار الله في الناس، وأن يرحموا أبناء المجتمع اليمني عموماً الذي يتضورون جوعاً نتيجة هذا الغلاء غير المسبوق في تاريخ الشعب اليمني، فيما ينتصحون بالحق، وبضمائر حية من وحي القيم الإسلامية العظيمة؟!

في الأحد 15 يونيو-حزيران 2008 02:46:37 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=56097