منافقون على خط النار
د. فضل بن عبدالله مراد*

لقد ذكر الله تعالى عدداً من المواقف النفاقية التي ينبغي علينا الحذر منها ويتعيّن كذلك كشفها وما تقوم به من زعزعة وإقلاق وإشاعة وسأجمل صفات هذه الطائفة في.

1- خرَّاجون ولاَّجون:

وهؤلاء هم أصحاب الوجوه المتعددة الذين يقلّبون وجوههم وألسنتهم على حسب مصالحهم وقد وصفهم الله في سورة النساء قائلاً: "ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة اركسوا فيها"، هؤلاء هم المرضى من أهل النفاق العقائدي والمصلحي مع هؤلاء ومع هؤلاء لا يحددون موقفاً ولا يقفون مع صدق.

بل يريدون الآن من الطرفين فيشتغلون مع الفريقين، ويتجملون لهؤلاء وهؤلاء، ومن هؤلاء طائفة هم موالون لأهل الفتنة لذلك "كلما ردوا إلى الفتنة -يعني موطنها- أركسوا فيها ورجعوا إليها وصاروا مع أهلها".

فإذا وجدوا الطرف الآخر زعموا أنهم معه فهؤلاء بيّن الله كيفية التعامل معهم، فقال:

أ - فإن لم يعتزلوكم.

ب - ويلقوا إليكم السلم.

ت - ويكفوا أيديهم.

فهذه ثلاثة شروط، الأول: إعلان اعتزال الفتنة والكف عن التعرض لكم بوجه ما، الثاني: إلقاء السلم والصلح والاستسلام له والدخول مع الجماعة العامة فيه، الثالث: ويكفُّوا أيديهم أي يلقوا أسلحتهم ويكفُّوا عن القتال فهذه الشروط الثلاثة لابد منها.

أيها الأخوة إن أصحاب المصالح والوجوه المنافقة المختفية تحت أقنعة الكذب والغدر تسبب خسائر للوطن والمواطن، إنها تزهق الأرواح وتطيل أمد الحرب وتتاجر بالنار ولا ضمائر تنهاهم ولا إيمان يكفهم ويردعهم، ومن هؤلاء الذين علمتهم السلطة في عدة حروب وعلمهم متنفذون وعرفهم شخصيات وطنية، فهؤلاء عند معرفتهم يجب البلاغ عنهم لكف أذاهم عن أهل الإسلام وإلا فالساكت ملعون كما جاء في الحديث.

2- من يؤون الفتنة.

قال صلى الله عليه وسلم "لعن الله من آوى محدثاً" الحديث أخرجه مسلم وغيره عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-.

وهذا يدل على حرمة وإيواء المجرمين والقتَلَة والتستر عليهم، ومن فعل ذلك فقد استحق غضب الله ولعنته، أيها الأخوة إن المجتمع لا يصلح بالتستر على القبائح والمجرمين لأن هذا هو تعاون على الإثم والعدوان وحرب لله ورسوله ومعاندة للشريعة الغراء.

فلابد من التعاون المتكامل مع الجماعة لدرء الشر والفتنة، ونزع فتيل الخيانة والغدر.

3- من ألقى سلاحه واستسلم.

يقول الله تعالى: "فإن اعتزلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً"، هكذا يبّين الله الأمر بوضوح وجلاء أن من اعتزل وألقى سلاح الفتنة ودخل في جماعة السلم فليس لنا عليه من سبيل.

وهذه الآية تشجيع لمن كان محارباً للجماعة أن يرجع إليها ويلقي السلم ويكف يده وسيجد الجماعة أخوة له لأن الجماعة لا تقاتل إلا من فتن وقاتل وسفك الدماء.

أما من سالم فهذه مرافق الحياة كلها مهيأة لاستقباله ومن هنا أنادي كل من زلت قدمه أن يرجع ويلقي السلم، أناديه أن يرجع إلى الجماعة لأنه على خطأ وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم-.

قائلاً: "أن من خرج على جماعة المسلمين يضرب برهم وفاجرهم ولا يتحاشى عن مؤمنهم فليس مني ولست منه، ومن خرج وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عميّة يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فًقتل فقتلته جاهلية" صحيح قولوا لي بالله عليكم هل اليمن بأسره هم الجامعة أم من خرج عليهم؟ هل القوات المسلحة التي جاءت من كافة مناطق اليمن هل تدعو لعصبة أو تنصر مناطقية أو سلالة أو مذهباً، أم أنها تدافع عن الوطن وتحافظ على أمن الجماعة واستقرارها؟ ولذلك أنادي الجميع أن يكونوا يداً واحدة مع الوطن والأمن وأنادي الشباب أن يلقوا السلم ويرجعوا إلى كنف الجماعة، وأنادي كافة الأحزاب والتنظيمات أن تتناسى الآن مؤقتاً خلافاتنا السياسية لنكون يداً واحدة مع الوطن إن كنا نحبه.

فإذا ولت الفتنة كنا يداً واحدة وقوة ضاربة مدنية، سلمية ضد كل مفسد في الأرض وكل طاغية أثيم حتى ننتصر بعزل ومحاسبة كل مفسد شوه جمال الأرض الطيبة.


*أستاذ مقاصد الشريعة وأصول الفقه وقواعده بجامعة الإيمان

في الإثنين 16 يونيو-حزيران 2008 02:14:05 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=56105