لكي نكون أصدقاء
محمد أمين الداهية

تعتبر الصداقة من أخطر العلاقات الإنسانية بين البشر وكما يقول المثل "عدو يجاهرك بالعداء خير من صديق زائف" لأن العدو سنأمن شره ونتقيه أما الصديق الزائف فإننا معرضون للأذى منه في أي وقت دون أن نشعر والصديق دائماً يعبر عن شخصية صديقه وأفكاره فالمرء يعرف بأقرانه، يجب أن نحرص على أنفسنا وأن نعرف شخصيتنا ومدى قبول المجتمع لنا وذلك من خلال ما نراه ونلمسه في شخصية أصدقاءنا وتصرفاتهم، إننا بحاجة إلى أصدقاء وبحاجة لأن نشعر بأننا محبوبون ومقبولون وأن هنالك من يحتاجون إلينا ويقدرونا ولهذا فعندما ندخل في علاقة مع شخص ما ونجد أن هذا الشخص يقوم بتلبية احتياجاتنا للحب وللشعور بالقيمة فإن هذا الشخص يصبح وبصورة غير مباشرة ذا مكانة وسلطة خاصة في حياتنا، فإننا عندما نشعر بطريقة أننا محبوبون من خلال علاقة معينة فإننا عادة نحرص على أن لا نفقد هذا الشعور،بل نحتفظ به ونحمي هذه الصداقة، ولكن هناك مشكلة تكمن في أننا أحياناً قد نتغاضى عن بعض مبادئنا أو أخلاقياتنا لكي نحتفظ بصداقة ما.

إن الاحتياج للحب والقبول يورطنا أحياناً في علاقة لا نرضى عنها لمجرد الاحتفاظ بصداقة أحد مهما كان، لهذا يجب أن نتعامل مع أصدقاءنا المقربين والحميمين بحيث لا تفسد علاقتنا أو عشرتنا بهم أخلاقنا الحسنة، الصديق المخلص هو الذي يقول الصدق دائماً بشأن أخطاء صديقه بصورة مملوءة بالحب والتقدير دون أن يفقد صداقته ودون أن يتخلى عن مبادئه، فيجب أن نظل متمسكين بصدقنا وأمانتنا لأخلاقنا ومبادئنا حتى لو هدد صدقنا بكسر هذه العلاقة، لأن الصديق المجامل والذي لا يكون مرآة نظيفة لصديقه فهذا النوع لا يقدر الصداقة ولا يحافظ عليها ويعتبر صديقاً مخادعاً، ولكي نحظى بأصدقاء أو صديق مميز يجب أن نسعى إلى أن نحيط أنفسنا دائماً بأناس خيرين، يشتركون دائماً في الأفكار السامية، ويتكلمون بكلمات نقية، فالكلمات تعبر عن ما في القلب، ويجب أيضاً أن نتحلى بالحكمة في اختيار الأصدقاء، فالصداقة التي نجد فيها نمو فكرياً ونفسياً ومنفعة متبادلة بيننا وبين الطرف الآخر يجب أن نستمر فيها ونحافظ عليها، أما إذا كان صديقنا يؤثر فينا سلباً فمن الواجب والمفروض علينا ترك هذه الصداقة في أسرع وقت ممكن وإذا أردنا أصدقاءً مخلصين علينا أن نكون نحن أوفياءً ومخلصين، وأهم ما في هذه الحياة هو أن نحب وأن نحِب ولا يمكن أن نكون كذلك إلا إذا شعرنا ببعضنا وأحيينا مودة الصداقة فيما بيننا لأن مشاعر الصداقة أمر ضروري لتحقيق التواصل الجيد بيننا والآخرين ومن مشاعر الصداقة أننا ننصت ونصغي إلى أصدقائنا وأن نهتم بأمرهم وأن نجعل أجمل أوقاتنا عندما نكون بصحبتهم، وقبل كل شيء والمهم من هذا كله يجب أن تكون صداقتنا وحبنا لبعضنا لله وفي الله بعيداً عن الاستغلال والمصالح الشخصية والمآرب النفسية التي لا تعود على صاحبها إلا بالخزي والنقص والندامة.

إن الصديق الحقيقي هو الذي يُحب بلا شروط وهو الذي تلمس منه حرصاً كبيراً في تعامله معك واحترام وتقدير أفكارك ومشاعرك، أعزائي يجب أن لا ندع الاحتياج للحب يورطنا في صداقة لا نرضى عنها، وإن كنا نفتقد إلى الحب والسعادة، فلنعمل على إسعاد غيرنا وأن نرى الحب والسعادة في عيونهم، عندها لابد أن نجد من يحبنا ويهتم بأمرنا ويعمل على أن يرى الحب والسعادة في عيوننا، فالحب لا يولد كبيراً ولكنه كحبة الخردل يبدأ صغيراً ثم يكبر حتى يصير شجرة عظيمة مثمرة وظليلة.

في الثلاثاء 17 يونيو-حزيران 2008 11:31:34 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=56110