يا تجار.. زبون خير من مليون
أحلام القبيلي
أحلام القبيلي


البيع أمر أحله الله تعالى حيث جاء في كتابه العزيز " وأحل الله البيع وحرم الربا" وجعل للتجارة قوانين وشروطاً وحدوداً وأنظمة.
والتجارة أخلاق قبل أن تكون "شطارة"، كما أن التجارة أمانة، وقد دخلت دول وأقاليم في الإسلام دون معارك ودون أن تراق قطرة دم واحدة بحسن أخلاق التجار وصدق تعاملهم وأمانتهم, وكان للتجار اليمنيين السبق والنصيب الأكبر في تلك الفتوحات السلمية من خلال التجارة الأخلاقية.
أما اليوم فأعتقد أن كثير من الناس سيخرجون من دين الله أفواجاً بسبب سوء تعامل التجار وغشهم ، فما تكاد تجد تاجراً واحداً يعرف الله تعالى ويطبق شرعه في التجارة ، فالتجارة "شطاره" كما يقولون وفيها كل شيء مباح.
ومما أثقل كاهل المواطن المسكين في وطن يطحنه الغلاء الغش التجاري، بل الغش الذي عم ودخل في كل شيء حتى لا تكاد تجد إلا التقليد في كل شيء ولا وجود للأصلي وإذا احتاج الإنسان إلى شراء شيء فإنه يخرج واضعاً يده على قلبه، فإما أن تصيب وأما أن تخيب وقبل أن يخرج للشراء، فلابد له من سؤال أكثر من شخص عن الماركات وعن أحسن معرض وعن التاجر الأمين وعن صفات السلعة وقد تضطر إلى الخروج مع إنسان مختبر لديه خبرة في الشيء الذي تنوي شراءه أو إصلاحه خصوصاً بعد انتشار السلع المقلدة والصينية وغياب الضمير .
و من خلال تعاملك مع التجار تعرف صدق الحديث القائل َ "إنّ التّجّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجّاراً. إلاّ مَنِ اتّقَى الله وَبَرّ وصَدَقَ" ... و في المستدرك عن عبدالرحمن بن شبل يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إن التجار هم الفجار). قالوا: يا رسول الله، أليس قد أحل الله البيع؟ قال: (بلى، ولكنهم يحلفون فيأثمون، ويحدثون فيكذبون".
 ومن أكبر جرائم التجار :
الغش في البيع والشراء
حدثتني قريبتي أنها عندما كانت في الأردن وتذهب إلى شراء ما تحتاجه من خضروات وفواكه فإن البائع يقول لها هذه "بايته" وسعرها كذا وهذه طازجة وسعرها كذا ولك أن تختاري ، أما البقال عندنا فحسبنا الله تعالى ونعم والوكيل فإنه إذا لم يعطك خضروات "بايته" أو فاسدة وكان عنده ضمير فإنه يخلط لك "طري وبايت"
ويخلطون الحلبة بدقيق الهند والحليب بالجص أو النشا , والجاز بالبترول والحناء بالعلب ويبيعون السلع المنتهية الصلاحية والمحرمة، وعن أبي هريرة "أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم مر برجل يبيع طعاماً فادخل يده فيه فإذا هو مبلول فقال من غشنا فليس منا" وليت شعري كم من التجار يخفون عيوب ما كان فيه عيب لتتفاجأ أنك اشتريت ثوباً مقطوع أو سروالاً محروقاً أو قميصاً مليئاً بالثقوب وطبعاً لا تستطيع تبديله، فالبضاعة إذا خرجت من المحل لا ترد و قد جاءت النصوص تدل على وجوب تبيين العيب:
* قال صلى الله عليه وسلم" المسلم أخو المسلم لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعاً وفيه عيب إلا بينه له".
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم "لا يحل لأحد أن يبيع شيئاً إلا بين ما فيه ولا يحل لأحد يعلم ذلك إلا بينه".
وفي كتاب الله العزيز سورة كاملة تخاطب في بدايتها التجار " ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون، ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين".

ومن جرائم التجار :
الاحتكار:
وقد جاء في الحديث الصحيح " لا يحتكر إلا خاطئ " أي آثم" وفي حديث آخر " من احتكر طعاماً أربعين يوماً فقد برىء من الله وبرىء الله منه و"كذلك الحلف الكاذب ، قال صلى الله عليه وسلم "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب".
 ومن المخالفات التي يقع فيها التجار أيضاً:
الربا ، وحرق البضاعة، والغش التجاري، وضرب الأسعار، والكذب، والتدليس ،وغير ذلك.
فاتق الله أخي التاجر وتذكر قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "التّاجِرُ الصّدُوقُ الأمِينُ، مَعَ النّبِيّينَ والصّدّيِقينَ والشّهَداء".
والمهندس غشاش:
والمهندسون في بلادنا يشبهون بحبوح الفنجري الذي كان يقوم بإصلاح شيء ويفسد شيئاً آخر لكي يعود الزبون إليه مرة واثنتين وعشر وكذلك السمكري والسباك.. يعني الشيء إذا تعطل في بلادنا فعليه العوض ومنه العوض، لأنك ستخسر عليه أكثر من قيمته وأنت تتردد على المهندس لإصلاحه.
غش المطاعم:
أما غش المطاعم فحدث ولا حرج فقد تذهب لشراء دجاجة مشوية وفي البيت تكتشف إما أنها نية أو "بايتة" وريحتها طالعة ومن عجائب المطاعم أنك إذا أرسلت فتى صغيراً ليشتري دجاجة بروست فإنهم سيعطونه دجاجة دون أرجل وكأنها كانت مرابطة في سبيل الله وفقدت أطرافها في الحرب، لأنه يصعب التمييز بين قطع البروست والشبز حقهم يا غارتاه عبارة عن بلاستيك , والسلطة رائحتها تزكم الأنوف، هذا الظاهر وما خفي من نظافة الطبخ كان أعظم ، فمرة تلاقي ذبابة " ملونة" ومرة شعراً طويلاً أشقر ومرة " شصاصه"دمها خفيف تضحك لك وهي ميتة .
 نصيحة قبيلي:
واسمحوا لي أهمس في أذن كل تاجر و صاحب مهنة أو حرفة ، اسمع مني وخذ بنصيحتي التجارية إذا لم تكن تخشى عقاب الله تعالى وهي:
زبون خير لك من مليون
لان الزبون سيأتيك بمائة زبون
مع كل زبون مائة زبون وأنت احسب
مع تحياتي أنا أحلام القبيلي
وكيل ادم على ذريته
alkabily@hotmail.com
??



في الأحد 19 ديسمبر-كانون الأول 2010 02:19:14 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=63107