استباحة جمعة الكرامة همجية وقساواة
فهد علي البرشاء
فهد علي البرشاء

قبل أيام قلائل أدان الكل سياسية القذافي الرعناء، وقتله للمواطنين الأبرياء، وأعتبرنا ذلك تعدٍ سافر وتجاوزاً لسياسة العقلاء، القذافي واجهه شعبه وتحداه مناهضوه، ودارت معارك طاحنة لتسقط نظام الطاغية، وتجبره على الرحيل واللحاق بالرعيل.. فقد ولى زمن المستبدين الظالمين، وحل زمن المستشرقين المستنيريين، وفوجئنا بنظامنا يعلن حربه الشعواء، ويدمر ويقتل بلا حياء، وأزهق أرواح أناس عزل نبلاء، وحصد بأسلحته الأجساد، وقتل العباد، وراح يبد بلا رحمة ولا شفقه، ونشر في الأرجاء جحافله القذرة، واشغل بين الأخوان فتيل الفتنة، وقتل الأخ/ أخاه بكل قسوة وخرج بفعلته عن الفطرة، وأصبح من الكفرة الفجرة.
 ففي جمعة الكرامة استباح النظام الكرامة، وجعل رؤوس وأعناق الأرواح عنان السماء، وظلت أخرى تحتضر بعناء.
 هناك تجرد الساسة من الإنسانية ومات بداخلهم ضمير البشرية، هناك تفطرت القلوب ألماً وذرفت الأحداق دماً، وتعالت الصرخات والصيحات حزناً، وتسارعت الأنفاس هلعاً، وتزاحمت النبضات جزعاً.. هناك ناشد المتظاهرون كل أخوانهم الخيرين، وطالبوهم عزتهم ونصرتهم وإغاثتهم، هناك تبددت مظاهر الفرحة والسعادة، وحلت الالآم والكربة..
 هناك انتشروا ككلاب مسعورة تنهش الأجساد في المعمورة وجهت بنادقها الحقيرة للصدور الطاهرة البريئة، هناك مشاهد مؤلمة، هناك مشاهد مبكية محزنة، هناك ترى فداحة العشوائية والهمجية، هناك تعدٍ للنظم القانونية، هناك تصرف بلا عقلانية وتعامل معهم بلغة تدميريه.
 هناك تجاوز العناد، ودفع الأبرياء ضريبة الإستبداد وقالوا إن في الطريق أرواح أخرى تتهافت على الاستشهاد حتى يرحل الفساد وأهل الفساد.
 هناك في صنعاء حدث ما لم يكن في الحسبان واستباح النظام كرامة الإنسان، وخالف الرحمن وسيد الأنام حينما مر مؤيدو النظام بالأخذ بالنواصي والأقدام، ونشر الذعر وخلفوا الالام، ظناً أنه سيبيد المناهضين، وسيروع المتظاهرين، وسيزرع الخوف بين المعتصمين، متناسياً أنهم يحملون على الأكتاف الأكفان وهيهات هيهات أن تخيفهم جحافل السلطان ومناصرو الطغيان. فحينما يقتل شهيد يولد ألف شهيد، وحينما تزهق روح تولد أرواح، وحينما يتطلب الأمر أن نكون أو لا نكون فحتماً سنكون ولن نرضى بغير الأمان والاطمئنان، ولن ترضى بغير سقوط الطغيان.
 أيها الطغاة المستبدون، أيها الظالمون المتجبرون، أيها الفاسدون المفسدون.. أنتم يا من تتشدقون وتقولون ما لا تفعلون، أنتم يا من تسفكون وتستبيحون، أنتم تحللون وتحرمون، أنتم يا من تلهبون وتستلنزفون، أنتم يا من تتصرفون بجنون وتظنون أنكم مصيبون وتعللون وتبرؤون، وتحمّلون الغير ما تفعلون، أنتم يا من لا تفرقون ويا من لا تميزون ويا من تلهثون خلف المناصب لتحقيق المآرب أنتم يا من تدعون إلى الاستقامة والصلاح والاستصلاح وتعاملون المواطنون بلغة السلاح..
أنتم أيها الجبناء الضعفاء، أنتم أيها الأغبياء بسياستكم الرعناء، أنتم أيا المتحجرون والمتزمتون ستحاسبون وستعاقبون ولن تفلحوا بأفعالكم الشعناء.. أنتم سينكلكم الضعفاء وسيلاحقكم البسطاء وستدفعون ثمن الدماء ولن تعيشوا بهناء، وستظل أرواح الأبرياء تحوم حولكم وستظل لعنات المصلين تلاحقكم وسيظل دعاء المنكوبين والملكومين يترصدكم حتى وإن تغير الزمان وماجت الأيام وماتت الأحلام وتبددت الآمال ولن تهدأ الأجساد في القبور وستدعوا عليكم بالويل والثبور وستقتص منكم يوم النشور وستقفون بين يدي الرحمن وسيسأل كل شخص منكم فيما أنت مدان؟ وحينها ستتلجم الأفواه والألسن، وستشهد الأجساد، والآصال على جرائمكم ضد الإنسان..
أنتم يا من تلهثون خلف الجاه والسلطان وتستنزفون خيرات الأوطان وتدخرون وتكدسون في البنوك الأموال وحينما يثور ثائر يطالبكم بالإحسان يجن جنونكم وتعلنون حربكم، أنتم حقيقة لم يعد لكم في الأرض مكان، ولم يعد لكم تحت الأرض مكان ولفظتكم من داخلها الأحشاء والوجدان لأنكم سلكتم نهج الشيطان، ولكن أعلموا أنها لن تضيع دماء الأبرياء وستدفعون ثمنها غالياً أيها الأغبياء لأنها دماء الشرفاء والشرفاء لا تذهب تضحياتهم هباء.
في الخميس 24 مارس - آذار 2011 05:32:22 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=63967